18 ديسمبر، 2024 6:51 م

المطلوب في ولادة الحسين

المطلوب في ولادة الحسين

العظيم هو ذلك الوجود الإنساني، والتجسيد الحقيقي للمثل العليا والقيم السامية، و قدم للإنسانية عطاءً خالدا يمنحها الحياة والرقي والكمال ونذر روحه قربانا من أجل ذلك، فهو إذن ثروة عظيمة في الحياة لا يحجب ضياءها الموت لأن آثاره حية وتراثه باق…
إن الاستفادة من العظماء لا تنحصر في حال حياتهم، وإنما تمتد حتى بعد رحيلهم عن الحياة، من خلال تخليد ذكرهم وإحياء سيرتهم، وهذا أمر شرعي عقلي أخلاقي إنساني حضاري، لهذا نجد أن المنهج القرآني عمل على تربية البشرية على تخليد العظماء، لترسم طريقهم وتتبع سيرتهم، فحكا عن سيرتهم وسرد قصصهم ومسيرتهم الإصلاحية، وأمر بتخليد ذكرهم قال تعالى: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ﴾ (ص، 45-47).
إحياء ذكرى العظماء، أنما يكون بإحياء للمثل العليا والقيم السامية التي حملوها وجسدوها، وتطبيق للأفكار النيرة والنظريات والطروحات الناجعة التي طرحوها، والسير الحقيقي على نهجهم القويم ومسيرتهم الوضاءة، وبذلك تكون عملية الإحياء حيوية وفعالة تمنح القائمين بها طاقة وإرادة نحو الخير والرقى والكمال.
ومن هذا المنطلق طرح المحقق الأستاذ الصرخي النموذج الأمثل لإحياء الشعائر الحسينية التي تعد من مصاديق إحياء وتخليد العظماء حيث يقول: ((لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الامين (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في ايجاد الصلاح والاصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار)).
وعلى ضوء ما تقدم ينبغي أن تكون إحياء ذكرى ولادة الحسين، مدعاة لولادة روح الرفض العملي الصادق لكل ألوان وصور الظلم الظلام والضلال والجهل والفساد والإرهاب والتطرف والقمع والتكفير والطائفية والتبعية والصنمية…
ولادة نور الحرية والفكر والعلم والإعتدال والمحبة والسلم والسلام والتعايش السلمي… ولادة التمسك بالضوابط الشرعية العلمية الأخلاقية الإنسانية الحضارية في كل عمليات البحث والتقييم والإختيار وفي كل مجالات الحياة…
ولادة حياة بعد موت ،، ولادة تحرر بعد استعباد،، ولادة رقي بعد تخلف… ولادة كل ما يرتبط بالخير والنور…
هذا هو المطلوب في ولادة الحسين.