23 ديسمبر، 2024 12:04 م

المطلوب .. ضمانات من التحالف الدولي بعدم ضرب المنشآت النفطية العراقية

المطلوب .. ضمانات من التحالف الدولي بعدم ضرب المنشآت النفطية العراقية

لعل ما اثار مخاوف امريكا والغرب واضطرهم لاقامة تحالف دولي للقضاء على داعش ليس احتلاله لأراضي عراقية وانما اسباب اخرى من اهمها تطور الامكانيات المادية لهذا التنظيم بما يمكنه من السعي لتحقيق المزيد من الاهداف خارج سوريا والعراق , وحسب مصادر تحليلية فان الامكانيات المادية ومن ابرزها التمويل المالي قد جاءت من خلال السيطرة على المنشآت النفطية في العراق وقيامه بتصدير النفط عبر قنوات غير رسمية وبأسعار منخفضة , والمنفذ المستخدم للتصدير حاليا يمر عبر تركيا التي لم تبدي حماسة لحد الآن للمشاركة الفاعلة في التحالف الدولي الذي اكتملت صورته بعد انعقاد مؤتمر باريس وشاركت فيه 29 دولة تقف بالضد من تنظيم داعش, كما من المؤمل ان تسهم أكثر من 40 دولة من داخل الناتو وخارجه في شن هجمات جوية وتقديم مساعدات لوجيستية واستشارية دون المشاركة بمعارك برية .

ان تطور التمويل المالي لداعش جعله أكثر طموحا من ذي قبل لدرجة انه خرج عن سيطرة الدول والجماعات التي كانت تموله ولهذا تحولت بعض منها الى منددة بالتنظيم كونه انقلب لينفذ اجنداته وليس اجندات الممولين , والتطور المالي لداعش لم يحدث الا بعد سيطرته على منابع النفط في العراق فحين كان يسرح ويمرح في سوريا لم تصدر دعوات للقضاء عليه ولكنه حين انتقل الى العراق وتحكم ببعض المناطق النفطية شعروا بخطره الحقيقي وهو لاينفك عن المحاولة في السيطرة على مصفى بيجي المعروف باهميته الاستراتيجية , وحسب تقارير لم يتم تأكيد ارقامها بشكل دقيق فان داعش قد استولى على موجودات نقدية من المصارف الموجودة في صلاح الدين والموصل كما انه راح يبيع ويتصرف بأموال العراقيين العامة والخاصة ليحولها الى نقود لتمويله وهذه المسألة لا تشغل العالم بقدر ما يشغلهم موضوع الواردات من النفط .
ش
وقد تمت الاشارة الى هذا الموضوع في جلسة الاستماع الثانية للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الامريكي التي عقدت بتاريخ 18/9 والتي خصصت لمناقشة وزير الخارجية جون كيري بخصوص العمليات التي سينفذها الناتو في العراق حيث سأل احد النواب اذا كان ما يقلق امريكا هو التحكم بالمنشآت النفطية فهل ستكون لك اعتراضات على ضرب هذه المنشآت لحرمان الارهابيين من مصادرها فأجابه كيري لا أعارض , ولم تكون تلك الاجابة مفاجأة لأحد لان الهدف من العمليات الامريكية التي رفض الكونغرس بشدة تسميتها ( حرب ) هو ابعاد أي خطر محتمل عن الامريكيين وتحقيق النصرالامريكي , واذا كان البعض يعتقد بان ما يتم هو تنفيذا لاتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين العراق وامريكا سنة 2009 فانه واهم لأن اوباما لم يلتزم بهذه الاتفاقية قط وعندما بدأت اعتداءات داعش في الموصل قال انها شأن سياسي .

ان الغرض من عرض هذا الموضوع هو للتذكير بان موافقة العراق على قيام الناتو بعملياته في العراق لتخليصه من تنظيم داعش يجب ان يكون باتفاقية منظمة لهذا الموضوع , فالمعركة فيها تطورات ومفاجآت ويجب عدم الاستهانة بهذا التنظيم من حيث القدرة على التخطيط والمناورة لانه خلط الاوراق وجذب بعض العراقيين الذين اصبحوا شركاءا له ومن هؤلاء يفهمون التخطيط والجغرافية ومن اصحاب الخبرات والامكانيات , في مقابل ذلك يجب ان تستخدم أعلى الامكانيات العراقية لخوض المعركة والأخذ بكل الاحتمالات فالمعركة هي للعراق والعراقيين وكل ما يقدم من الآخرين يبوب ضمن الدعم والاسناد وقد قالوها هم بكل صراحة بأنهم سيتجنبون الخوض بأية معارك برية , وما دمنا اصحاب الارض وسنتواجد فيها للدفاع عنها فيجب ان يكون كل ما يقدم لنا من عمليات عسكرية يقترن باتفاقيات تحدد حقوق والتزامات العراق .

لقد كان الثمن من ( تحرير ) العراق سنة 2003 باهظا عندما تهاوت البنى التحتية وتلك التجربة يجب ان نستفيد منها , والحماسة التي تملأ العراقيين الشرفاء لتحرير كل شبر واعادة النازحين ليعيشوا بكرامة وشرف في بلدهم يجب ان تستثمر بشكل صحيح , فلا صكوك على بياض للحلفاء وانما بموجب تفاهمات ومذكرات واتفاقيات مكتوبة تحدد مسؤولية ونطاق كل طرف وبشكل يحقق الاهداف بأقل الخسائر المحسوبة , وكنا نتمنى ان تتم هذه العمليات بقرار من مجلس الامن الدولي وليس ببيان رئاسي من المجلس , لأن قراراته تراعي ميثاق الامم المتحدة التي تنظم هكذا امور آخذين في الحسبان ان الدول الخمس دائمة العضوية كانت حاضرة في مؤتمر باريس وقد أيدت هذه العمليات سيما وانها سوف لاتكون عملية خاطفة وانما قد تمتد لأكثر من سنتين , واصدار مثل هذا القرار من شأنه ان يلغي سياسة الانتقاء في الشراكة الاقليمية التي باتت تقلق البعض ويجعلهم يشككون في الاهداف غير المعلنة وما قد يترتب من هذه العمليات من تداعيات قد يدفع ثمنها العراق فيما بعد .

وبعد أن باشرت فرنسا بتنفيذ ضرباتها الجوية التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي هولاند وباركها الرئيس الامريكي باراك اوباما , بدأ المواطن العراقي يتساءل هل ان المعركة قد بدأت بالفعل ام ان ما يجري هي مقدمات , ولا تزال الامنيات قائمة بعرض توجهات الاتفاقيات مع الحلفاء على مجلس النواب باعتبار ان تفاصيلها من اختصاص القائد العام للقوات المسلحة , فالشعب يريد ان يعرف ماذا سيحصل وما هي النتائج المتوقعة وماهي حدود الاهداف المسموح بها وهل سيتم السماح بضرب اهداف حيوية , وهل من المعقول ان تبدأ المعركة ولم يتم تعيين وزيري الدفاع والداخلية لحد الآن ؟ وهل من الصحيح ان يتم تأجيل الاعلان عنهما لمدة اسبوعين ( كما يروج اعلاميا ) ونحن نخوض غمار معركة ( عالمية ) لحماية ما تبقى من بلدنا ولنعيد قرابة ثلثه الواقع خارج السيطرة الوطنية ؟ ولأن المجهولات كثيرة فنحن بحاجة الى تطمينات من شأنها منع الحلفاء من استهداف المنشآت والمواقع الحيوية ومنها النفطية بذريعة قطع التمويل عن داعش باعتبار ان النفط يعد المصدر الاساسي للدخل القومي وتوفير سبل المعيشة للعراقيين .