22 ديسمبر، 2024 7:26 م

المطلوب تدمير المشرق العربي عاجلا وليس آجلا

المطلوب تدمير المشرق العربي عاجلا وليس آجلا

بلا شك كان الاسلام – قبل ان يأخذ قالب التموضع الحزبي والسياسي ، فضل في صناعة تاريخنا وحضارتنا العربية وفي مقارعة الاستعمار الاجنبي- الا ان درستنا للتاريخ العربي تبين لنا ان الاسلام ، وبعد ان تم تسييسه ، ولاحقا باحتكار تمثيله من احزاب وتيارات ومنظمات ، صار اداة بيد البعض الجاهل او من ذوي الاغراض الخبيئة والخبيثة ،لتحميله ماليس منه ادت الى ادخال مجتمعاتنافي صراعات جزئية وخلافية تقسيمية ليس لها نهاية الا مع نهاية التاريخ ، ثم انعكس ذلك على موقف الاسلام السياسي من الدولة العربية الحديثة فناصبها العداء وعمل ويعمل على تدميرها فكرا وكيانا، واليكم امثلة على ذلك :
 بعد اقل من عامين على ثورة 1952 في مصر ، وبعد ان فشلت محاولات الاخوان المسلمين في اخضاع او احتواء قادة الثورة تحت عبائتهم (بالرغم من ان قادة الثورة لم يتعرضوا لهم واستثنوهم من المحاكمات التي جرت لكل احزاب النظام القديم واعتقلوا وحاكموا قتلة حسن البنا مرشد الاخوان ،وعبد الناصر نفسه كان قريبا من الاخوان في احدى مراحل حياته)…عادوا الثورة ووقفوا ضدها وحاولوا اغتيال عبد الناصر في ساحة منشية البكري في الاسكندرية 1954…ليفتح مرحلة صراع طويل بين الاسلام السياسي الذي تبنى العمل السري والعلني ضد الدولة الوطنية ، ولم تردعهم اسلاميتهم على العمل ضد بلدهم مع المخابرات الاجنبية كما اكدت التحقيقات في حينها فكانت الدولة صارمة ضدهم .
لم يكن هدف الاخوان ، منذ البداية ، محصورا في التوعية الدينية وتربية النشئ الجديد كما تقول ادبياتهم ، بل كان هدفهم الوصول للسلطة والحكم وباية وسيلة..وجاءت كتابات السيد قطب لتصب بهذا الاتجاه عبر ايجاد مخرج فقهي لشرعنة الهدف على اعتبار ان الحاكمية لله وليس لحاكم كافر ( وما أسهل تكفير الحاكم وأي انسان من قبل الاسلاميين) …ولم يقصرالاخوان عدائهم على رموزالسلطة فقط ، بل شمل الجيش وكل مؤسسات الدولة ..واستشرى شرهم حتى بعد ان اخرجهم السادات من السجون وسمح لهم بالعمل ، فازدادوا تطرفا. وخرجت من عبائتهم كل التنظيمات المتطرفة التي قاتلت الدولة ومارست العنف والقتل كالتكفير والهجرة ( ولاحقا القاعدة والنصرة ودولة العراق الاسلامية وكل المشتقات والولادات المسخية اللاحقة ) الى ان تم اغتيال السادات نفسه في حادثة المنصة 1981 من قبل احد التنظيمات الخارجة من الاخوان .استمر الاخوانبمنهجهم التحريضي ضد الدولة في عهد مبارك باستغلال الدين كغطاء لاستمالة المؤمنين والبسطاء من الناس لعملهم تحت يافطة ” الاسلام هو الحل ” الخالي من اي برنامج عملي لترجمته الى لغة العصر بما يفيد بناء دولة عصرية وعبورالتحديات الكبرى التي تواجهها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .فكانت قوة الاخوان ، وكل الاسلامويين الاخرين تكمن في استخدام الاسلام وشعاراته ومؤسساته لدعوتهم لاستمالة شرائح اجتماعية معينة . وساعد وجودهم خارج السلطة على رفع حدة الخطاب والمزايدة على الدولة  بسقف الشعارات والمطالبات دون ان تترتب على ذلك التزامات كما لو كانت في السلطة .
في اول تجربةاخوانية في الحكم بعدعبدت تضحيات ثورة 25 ك2  2005طريقا لم يستحقوها وفرصة لم يحلموا بهاللفوز بالانتخابات، ورغم وعودهم بانهم لن يرشحوا رئيسا منهم ولن يلجاوا الى تاليف حكومة اخوانية ( على حد قول خيرت الشاطر : ان معاناة مصر اكبر من الاحزاب ) ، الا انهم وبعد ان استساغوا طعم السلطة عمدوا الى حرق شعاراتهم وتجاوزالمحذورات ، فعملوا على” اخونة” الدولة بسرعة خارقة وتحصين انفسهم من المسائلة القضائية وكأنهم ملائكة منزهين عن الخطأ..فكان في ذلك مقتلهم .
 …لقد فشلوا في عام كامل من حل اية مشكلة ملحة للمصريين..بل زادت معاناة الشعب تحت حكمهم اضعافا..وبدلا من العمل الجاد بعقلية رجال الدولة ..عمدوا الى اهانة المؤسسة العسكرية وتفكيك القضاء ، والتفريط بحقوق مصر القومية وبلع شعاراتهم المعادية لاسرائيل والغرب الاستعماري ( لا ننسى رسالة مرسي “لصديقه العظيم” المجرم بيريز مهنئا بعيد الدولة العبرية الذي هو ذكرى نكبة فلسطين )  ، والاخطر من كل ذلك .. عملوا بغوغائية على تأجيج الصراع والانقسام الديني والمذهبي في المجتمع المصري (وهو اخطر مؤامرة على التماسك الداخلي ) وادخلوامصر في محاور فتنوية اقليمية وعربية استنادا الى ايديولوجيا التمذهب الجديدة البعيدة عن تاريخ المصريين ..
الى ذلك انهمك شيوخهم وجهابذتهم في مناقشات تافهة وعقيمة بعيدة عن هموم الدولة حول مسائل كالحجاب والاختلاط بين الجنسين واصدار فتاوي تحريم مدعاة للسخرية واستعداء المثقفين . وخلاصة الكلام كان عام واحد من الحكم الاسلامي كافيا لاقناع عامة المصريين المتمسكين تقليديا بدينهم ان الاسلاميين ليسوا اكثر من ظاهرة صوتية لا تملك لا الفكر ولا البرنامج الصالح لسياسة الدولة والناس ، بل تملك فقط البرنامج القادر على تدمير الدولة…ومايهمهم هو السلطة فقط وكل ماعدا ذلك هو نثر البهار على طريق الوصول اليها .. ولو لم تخرج الجماهير في 30 حزيران ولو لم يقف الجيش وقفته ضد الحكم الاخواني لكانت فترة 4 سنوات من حكم الاخوان قد انهت مصر كدولة على الصعيد الداخلي والخارجي .
    في العراق ، كان الاسلاميون من الاحزاب والتيارات المتاسلمة على نفس شاكلة الاخوان في كرهههم للدولة الوطنية وجيشها منذ التاسيس وحتى الان .. فان افتى علماء الشيعة بالانسحاب من المشاركة في بناء الدولة الجديدة عند تاسيسها في بداية العقد الثاني من القرن العشرين ( لاسباب طائفية مع ان الطائفية لم تكن انذاك قد تمأسست سياسيا وشعبيا ) في خطوة استباقية ضد اي بناء وطني …فان شيوخ السنة اتبعوا نفس الاسلوب الغبي بعد 2003 ( ولذات الاسباب مهما كان الغطاء المستعمل ) .وبهذاتكون كل الاحزاب  والتيارات الاسلاموية الموجودة في السلطة وخارجها قد ناصبت الدولة العراقية السابقة والجديدة ومؤسساتها العداء  وعملت ضدها، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية (التي برر البعض فقهيا الهروب من الخدمة فيها بل وحتى تجنيده من اطراف خارجية في اعمال تخريب ضد الدولة وجيشها ) ، وهو موضوع خطير يدل على خلل خطير في التفكير الاستراتيجي الاسلاموي الذي أثبت انه ينطلق من اسس ايديولوجية ذاتية وضيقة ولا يفهم بالاستراتيجيا والمصلحة الوطنية .
     تم ترجمة ذلك عمليا عندما حملهم المحتل الى السلطة في 2003 فزينوا له حل كل مؤسسات الدولة وجيشها( شلع ) في خطوة لم تحدث في تاريخ اي بلد محتل ( كل المبررات المساقة تافهة ولا تستحق المناقشة ولا يفهم منها الا التحامل والحقد الاعمى على الدولة لانها لم تتنازل عن السلطة التي طلبوها لانفسهم )…. وعملوا على تصفية كل ما يمت للدولة العراقية من كفاءات علمية ومهنية وعسكرية قتلا وحبسا وتهجيرانتقاما من عدو وهمي موجود في خيالهم فقط ، اولحساب جهات اجنبية. فكانوا على شاكلة اخوان مصر بعدم قدرتهم على التمييز والفرز الحقيقي : بين مؤسسات دولة وسيطرة حاكم دكتاتور عليها ، وبين مؤسسات دولة لكل الشعب وليست ملكا حكريا لشخص متمثل بالحاكم ، خاصة الجيش كمؤسسة تعبر عن قوة الدولة وسيادتها والنظام السياسي وحامي وحدتها وامنها( فهل هناك جيش في العالم لا يخضع للنظام السياسي الحاكم وقائده العام … وهل هناك مؤسسة في الدولة لا تنفذ خطط الحكومة والنظام الحاكم…واذا تمرد الجيش والمؤسسات على الاوامر فهل تكون هناك دولة؟  سؤال برسم الاجابة)…وهل هناك جريمة ترقى الى مستوى الخيانة العظمى كحل مؤسسات وطنية عمرها من عمر الدولة العراقية الحديثة بحجة..الولاء للحاكم السابق ؟وهل اذا سقط الحاكم يجب تدمير الدولة التي كان يحكمها واعادة تاسيسها منجديد وكأن بناء دولة جديدة كهدم بيت قديم وبنائه من جديد وفق تصميم احدث في شهر ونيّف؟ …وهل جيش الدولة ” الجديدة ” ومؤسساتها “الجديدة “لا تنفذ اوامر الحاكم الجديد وتسير في هدى سياسته الرشيدة ؟…
بعد تدمير الدولة العراقية وجيشها العريق وتحول العراق الى قزم سياسي وعسكري غير مؤثر في بيئته الاقليمية وغير قادر على ضبط امنه الداخلي وحماية مواطنيه من بطش الارهابيين والميليشيات والخارجين على القانون .. وغير قادر على ردع تدخلات دول الجوار الاجرامية في شؤونه الداخلية وتعديّها على ثرواته في المناطق الحدودبة ….لا بل غير قادر على مجابهة  ميليشيات برزاني التي تتهدد اراضي اربع محافظات عراقية ….نسأل لمصلحة من كان تدمير الدولة العراقية …والاصرارعلى ابقائها حتى الان ضعيفة وعاجزة بعد ان كان العراق اقوى دولة عربية مشرقية ومهاب من الجميع ؟
   في سوريا يتكرر نفس السيناريو لكن بتراجيديا اكثر من دموية… فالمعارضة المسلحة ( والطاغي عليها طابعها الاسلامي تحت شتى المسميات )… ان كان لها حكم مسبق على ممارسات الاحهزة الامنية الرسمية .. ومهما كان شكل النظام الحاكم وتعسفه ( وهل هو يختلف عن امثاله في عالم العرب … أم هل استطاعت المعارضة بناء نموذج رشيد وديمقراطي في الحكم في المناطق التي تسيطر عليها ؟ألم تجعل منها تورا بورا جديدة ؟ ) …فتحت يافطة اسقاط النظام والحرية تم تدمير البنى التحتية للدولة التي كلف بنائهاالشعب عشرات السنين واموال طائلة …وهل يساوي تغيير النظام الثمن الفادح الذي دفعه الشعب من حياة ابنائه وتمزيق النسيج الوطني وتدمير المدن والبلدات ؟ واية سورية ستبرز من هذه الفوضى … سوريا منهكة مقسمة ضعيفة ودولة فاشلة…سار فيها الدم انهارا وزرع البغضاء والكراهية بين ابناء الشعب الواحد ، والبعض مصّرعلى اقامة ماتبقى من اشلائها امارات طالبانية تتقاتل على ماتبقى من ركام ،امارات تعيد استعباد الانسان باشكال اكثر قسوة وظلامية من استعباد الدولى الدكتاورية لمواطنيها باضعاف .
لمصلحة من يجري تفكيك وتدمير الجيش السوري في “ثورة” يقال انها وطنية ، أما كان عليها أن تحرص على سلامة الجيش واستمالته لصفها بالعقل لا بمهاجمة ثكناته وقتل افراده والتمثيل بجثثهم وقطع رؤوس الجنود واكل اعضائهم وحفلات الاعدام الجماعية للجنود (واغلبهم من المكلفين بالخدمة الالزامية)…اولا لان هذا ليس من الاسلام بشيء ، وثانيا لان العدومازال بالمرصاد جاثما على الارض التي احتلها من تراب الوطن ، الا في حالة عدم اعتبارها اسرائيل ومن يقف ورائهاأعداءا، بل العدوهو ابن الوطن المختلف معهم بالرأي او بالدين او الطائفة ( وهذا هو المفهوم الجديد الذي يحاول الاسلامويون تكريسه في وعي مجتمعاتنا كبديل عن الاعداء الحقيقيين المعروفين) … فهل هناك من يجادل بصوابية منطلقات الاسلامويين ؟
   وبعد ان تم تدمير الدولتين العراقية والسورية واخراج جيشيهما فعليا من حسابات القوة المحلية والاقليمية … جاء الدور الان على مصر…. فهاهم الاخوان ومؤيديهم يسيرون في نفس الدرب الانتحاري لاشباههم في العراق وسوريا …فخسارتهم للسلطة لم تدفعهم للتفكير في اخطائهم المرتكبة ولماذا رفضهم الشعب وتقديم انتقاد جريء للذات بغية تصحيح المسار ، بل تراهم … وبكل البلادة وعمى البصيرة الذي جبل عليه الاسلاميون العرب وتفريطهم بالمصلحة الوطنية وتقديمهم مصالحهم الضيقة ، أخذوا يصعّدون العنف لتعطيل الحياة العامة واستهداف القوى الامنية ،والتعاون مع التنظيمات التكفيرية واخوان حماس لمهاجمة الجيش المصري في سيناء وقتل افراده  في سيناريو تصعيدي قريب للصورة السورية ويحّول مصر الى ارض صراع ودولة ” خردة ” ان لم يستطع الجيش المصري وضع حد مبكر لها، ، وسقوط مصر اكبر دولة عربية يعني سقوط النظام العربي بكامله لعقود قادمة
  ومرة اخرى نقول : لمصلحة من يجري اضعاف الدولة المصرية باختلاق الفتنة الداخلية التي بينت التجربة العملية ان هي بدات فلن تخمد الا بعد أن تاتي على الاخضر واليابس؟ الا يحق لنا ان نتسائل هل هي صدفة ان يتم تدمير كل عوامل القوة الذاتية في دول المشرق العربي الثلاث الاساسية التي يدور حولها كل التاريخ  والنضال والحضارة العربية  ؟ وهل هي صدفة ان يتم ذلك على ايدي الاسلاميين ؟ …واذا أضفنا الى ذلك اغراق دول اخرى ببحر الفوضى والدم كاليمن وليبيا وتونس والبحرين… ودول على الخط تنتظر كلبنان والاردن والمغرب والجزائر…فهووضع خطير يمر به العالم العربي… فهذه حرب كونية على العرب يتم فيها استخدام الاسلاميون والمتأسلمون  ادوات جهنمية للحرق والتدميرالداخلي اماجهلا او تعمدا  لكنها بكل الاحوال فتنة اكبر منهم .
فان كان هؤلاء لا يأخذون هذه الحقائق والمعطيات بنظر الاعتبار فهم يتصرفون اذن بانانية مفرطة وجهل اعمى ، وأن كانوا يفعلون ذلك وفقا لاجندة خارجية فقد كشفوا اذن الغطاء عن اسلامهم المزعوم…. بظننا انهم يتصرفون ( او قياداتهم على الاقل ) مدفوعون بكلا الاحتمالين…مشكلة الاسلاميين ( ونقصد بالتسمية كل من يجعل من الاسلام غطاءا لعمله السياسي وليس الاسلامي المتعبد المؤمن البسيط ) انهم لا يستطيعون التعايش مع أحد من غير ثوبهم وذلك يعّري كل أهدافهم الديماغوجية التي تسعى لاقامة ” دولة الخلافة ” او ” دولة الامامة ” من الصين الى المغرب …. وعندها سياتي الخراب عاجلا وليس آجلا على ايديهم ….فقد اصبح كل شيء في عالمنا العربي هدفا مشرعا لهؤلاء النازلين علينا من سماء الله ببرشوتات اميركية ، بدءا من مؤسسات دولنا مرورا بالناس وليس انتهاءا بتاريخنا وحضارتنا ومستقبلنا … وكرامتنا … فهل يبقى هناك من يتسائل : لمصلحة من يجري تدمير القوة العربية خاصة في مثلث قوتها الجبار ..العراق وسوريا ومصر؟ ومن هو المستفيد من هذا المشروع الاخطر في تاريخنا ؟ حتما ليس المستفيد هو الله وملائكته … وحتما ليس الاسلام -لا سنته ولا شيعته ..من المستفيد اذن ؟ لنجعل سؤالنا هذا فزورة رمضانية ليجيب عليها واحد من اهل ” العلم والتقوى ” وله جائزة كبيرة من اكبر سفارة في العالم في منطقتنا السليبة المسماة بالخضراء . ونقول لكل متأسلم  ارجع الى اسلامك ان كنت مسلما  واكشف عن نفسك حقيقة بدون الغطاء الاسلامي ان كنت سياسيا وتأّس بكلام الامام علي بن ابي طالب وهو على وشك تلبية قضاء الله بعد ضربه بالسيف من قبل المجرم ابن ملجم :” لا تجزع من الموت اذا حلّ بناديك …ولا تغتر بالدهر ان كان يواتيك…كما اضحكك الدهر كذلك الدهر يبكيك ” .