لم يعد مفهوم طلب”الحكم الشكلي” بزعم الرغبة الجامحة بالاصلاح عن طريقه مجد لاسيما مع تجميد – الاصلاح – عمدا لاسهوا وتعليقه لفترة طويلة جدا على أعتاب هذا الصعود المرتقب الى – الكرسي – والذي صار لبعضهم حلما كبيرا وغاية قصوى قائمة بذاتها بعد أن كان الكرسي وسيلة للاصلاح وليس العكس ،ولا غاية بحد ذاته ” هل تريد الصعود الى سدة الحكم، اصعد ، ولكن إياك أن تعلق الاصلاح وتجمده وتعطله لحين وصولك الى هذا الكرسي الفتان،فهذا عبث دونه خرط القتاد وسبي البلاد وضياع حقوق العباد” لأن بعضهم قد صارت الفوضى غير الخلاقة وسيلته المثلى للتربع عليه وبغيرالفوضى العارمة لن يصعد قط ، وامثال هؤلاء ولاشك ستغمرهم السعادة لطالما ظل الاصلاح معلقا بإعتلاء الكرسي وسيعمل أحدهم على ترسيخ هذا المفهوم الجهنمي بين عامة الناس وجهالهم ليحصد مزيدا من الفوضى والفتن !
ولم تعد احبولة” الاصلاح الشكلي ” كوسيلة هزيلة غايتها مناصب وحقائب هزلية هي اقرب لحقائب السفر منها لحقائب الحكم العادل الفاعل ” بدورها نافعة ولا مقبولة ولا مستساغة البتة ..المطلوب اليوم هو الاصلاح الكلي بهدف الاصلاح الشامل ” الاصلاح بهدف الصلاح والاصلاح فقط لاغير وبقية النتائج المرجوة ستتوالى طبيعيا وتتوالد بمتواليات هندسية وليست عددية كثمرة لهذا الزواج المؤبد والناجح بين الصلاح والاصلاح الذي بذر بذرة طيبة في رحم طيبة فأنبتت شجرة طيبة اصلها ثابت ، راسخ ، متجذر في الارض المعطاء وفرعها وورقها وثمرها وظلها وارف على الارض وفي السماء ” الاصلاح الحق لأجل الاصلاح الحق يبدأ بالنفس فالاخلاق فالاسرة فالعائلة فالمنطقة فالمجتمع فالمدرسة فالجامعة فالجامع فالعشيرة فالسوق فالتجارة فالصناعة فالزراعة ، و نتيجة هذا الاصلاح الشامل والمخلص والصادق هي : “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” ، ذاك ان صلاحك وإصلاحك الحق هما من سيحول بينك وبين صعود الظلمة من بين صفوفك وسيحقق لك العدل والعدالة الاجتماعية وسيحميك مستقبلا من الظلم وسط مجتمع صالح جله او كله لامكان فيه للظلمة ولا للظلم ولا للمظالم .
الاصلاح المخلص والمثابر والصادق والذكي والنبه والممنهج والمدروس والواقعي – وليس المزيف او المُسَيسِ أوالمَمسوس أو المَسوس والذي يتخذه بعض الوصوليين والانتهازيين الى كرسي الحكم سلما سرعان ما سيركلونه ويلقون به وراء ظهورهم في غيابات الجب فور صعودهم – سيفضي لامحالة الى صلاح يطاول كل مناحي الحياة ومن ثمرات هذا الصلاح الحق المتأتي من الاصلاح الحق هو : ” وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ” ..ونتيجة هذا الاصلاح المفضي الى الصلاح هي ” وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً ” ، فوراثة الارض والوصول الى الملك وتحقيق الامن والامان والتمكين هي المخاض الطبيعي للصلاح والاصلاح المتواصل ونتيجة له وليس العكس ..يا بشر !
فياباغي الاصلاح عن طريق ” الحكم الشكلي ” من طراز – نص ردن – ومن شاكلة – شورت البرمودا ، والبنطلون الضيق المرقع والمحاصصة والمقايضة والمبادلة و”اني هص وانت هص ..واقسم اغاتي بالنص ” وهو ولاشك ابعد ما يكون بعد المشرقين عن الذي قيل فيه يوما” ان الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقران ” فهذه العبارة الخالدة والتي لاتفتأ تنزلها في غير محلها وبإصرار عجيب انما تتحدث عن سلطان حقيقي وواقعي وفاعل وليس عن كيانات مزيفة ومضعضعة البنيان وهزيلة الأسس و الاركان ، كل العورات بكنفها مكشوفة ، كل الحرمات فيها منتهكة ، كل الاستار بظلها مهتوكة ، كل الثروات والخيرات والموارد والطاقات والكفاءات مطرودة ومسروقة ومنهوبة ، انه لايشبه السلطان الذي تهرول وتلهث خلفه ولعابك يسيل على ثيابك انهرا بزعم انه هو وما هو كذلك ، اقصر ياهذا اذ ليس بوسعك ساعتها من ومن خلال المناصب الشكلية هش ذبابة تخبث خاطرك عن انفك من دون الحصول على موافقة واذن بقية الزنابير والبعوض والجراد والقراد والقمل بمعيتك وبما ان كل واحد من هؤلاء يريد – نصيبه من المحصول النهائي للموافقة على هش الذبابة وبالاجماع – وبما انك غير قادر على اعطاء كل واحد منهم ما يريد لاسيما وان معظمها يتقاطع مع اهدافك ومبادئك وقيمك ومثلك ويغضب جمهورك ،وبما ان كل زنبور من هؤلاء تبع لكورة زنابير كبيرة متربصة شرقية او غربية يحمل الزنبور جنسيتها وجوازها وولاؤه كله لها واقامته الدائمة مع عائلته فيها ، فستحشر ساعتها بين مطرقة النزول عند هرائهم وتلبية مطالبهم والتعرض للسعاتهم وتحقيق اطماعهم وانالتهم مرادهم واغضاب جمهورك على حساب ارضاء جمهورهم ، او ترك الذبابة في نهاية المطاف لتلعب وتعبث بـ ” خشمك ، وراحتك ، وسعادتك ، ومسقبلك ومستقبل جمهورك ومناطقك طوبة ” ، بل وستفتي بأهمية ابقاء الذباب ولوكان اكبر من الخروف ومن دون هش على الانوف ..بل وستزعم بأن عدم هش الذباب فيه اجر كبير وعظيم ثواب ..بل وستدعي بأن ” احد العلماء الاجانب وفي واحدة من الجامعات الغربية – ولن تسمه ولا جامعته ولاعنوانه ولا بلده مطلقا لأن لاوجود له اساسا – قد الف كتابا علميا حديثا بعنوان” الاصفر الرنان في تعداد منافع القمل وفوائد الذبان !” واعتقد ان الرسالة واضحة لعشاق السلطة – الشكلية – في كل مكان بزعم الاصلاح الشامل ، هؤلاء لم ولن يحقق احدهم الاصلاح عن طريق الحكم قط ولو بالحد الادنى واتحدى ، بل وقد يقف بعضهم ويتحالف مع اعداء الاصلاح بالضد من الاصلاح نفسه ، او انه سيسكت عن الفساد والافساد طويلا ويغمض عينيه كليا ويشيح بوجهه بعيدا ساعة صعوده عنه بذريعة ” ما اكدر اغيرحاليا ..لأنهم اقوى مني واكثر عددا واكبر عدة ” وكن على ثقة تامة بأن الكل يعلم ابتداءا ويقينا بأن الصعود الشكلي والهزيل والمهلهل والمضحك – والنص ردن – لن يغير شيئا قطعا بإستثناء المغانم الشخصية والمنافع الذاتية لصاحبها او من يقف خلفها من كور الزنابير الشرقية اوالغربية حيث البساطيل والاساطيل جاهزة تحت الطلب ، لا اكثر …لأن خط الشروع – كله غلط في غلط – بمعنى : لاحظت برجيلها ولاخذت سيد علي ، و شتان ما بين الصالح والمصلح الحق بين الناس وفي صفوف الجماهير والذي لايكل ولا يمل ولا يفتر ولا يشترى بالمال ولا بالمناصب ولا بعرض من الدنيا زائل ، وبين من يهادن ويشارك وربما يتقاسم الغنائم مع الفاسدين في الاعلى ..فعن اي اصلاح من الاعلى الى الاسفل تتحدثون …ياقوم ؟!
الاصلاح يبدأ من الاسفل الى الاعلى وليس العكس وعلى الجميع أن يعي ذلك ويدركه ويستوعبه جيدا وكفانا ضحكا على ذقون الجماهير ، ولا تقل لي بأن ” تنظيف السلم انما يكون من الاعلى الى الاسفل ” واقول نعم هذا صحيح ولاشك ،الا انه حق اريد به باطل ، فمتى يكون ذلك صحيحا ؟ متى ما وصلت الى الاعلى عزيزا كريما ثابتا على مبادئك ومثلك وقيمك لاطمعا بمال ولا بنفوذ ولا بمنصب ، وكانت ” مواد وادوات ومعقمات ومطهرات ومساحيق فضلا عن قرار التنظيف كلها بيدك ، اما ان تتقاسم قرار التنظيف وادواته مع ثلة بعضها قد ادمن رمي النفايات والازبال والقاذورات في كل مكان يظهر فيه ،وبعضها مأمور من الخارج برمي النفايات والقاذورات في كل مكان هاهنا ومحاربة كل من يحاول رفعها والشروع بعملية التنظيف والنظافة على الدوام، فهنا إسمح لي بأن اقول لك ، بأن ” لا سلم سينظف لامن اعلى ولا من اسفل ولا بين بين ..بتاتا “.
والفت عناية ” عشاق السلطة الشكلية وكرسي الحكم المحاصصاتي بزعم الاصلاح ” بأن ” اصلاح مجتمع غارق في المفاسد والفساد الى الهامة من فوق سيشطر الجماهير الى اقسام وفرق عدة ، بعضها سيتبنى الاصلاح ظاهرا وينبذه باطنا متحينا فرصة زوالك عن كرسي الحكم واقصائك لتعود ريمه الى عادتها القديمة اضعافا مضاعفة … بعضهم سيتبنى الاصلاح مكرها وهو غير مقتنع بجدواه وبمجرد ضعفك سيعود الى سابق عهده تحت شعار – متعودة دايما – ، بعضهم سيتبناه نفاقا ومجاملة وهو لايؤمن به …بعضهم سيفعل ذلك مراوغة ، بعضهم سيدعي الاصلاح تملقا للاقوى ومتى ما زال هذا الاقوى نكص على عقبيه ..بعضهم سيرقص للاصلاح ويطبل له للحصول على مكاسب ومغانم ومتى ما فشل في ذلك صار عدوا له …بعضهم سيرضخ للاصلاح من باب ” حشر مع الناس عيد ” لا ايمانا به بعضهم كالامعة ان احسن الناس احسن وان اساء الناس اساء ..ونزر يسير فقط هو من سيتبنى الاصلاح ساعتها عن قناعة تامة ،،لماذا كل ذلك ؟ الجواب لأن الاصلاح الذي يبدأ من الاعلى الى الاسفل لن يكون راسخا بخلاف الاصلاح المبدوء من الاسفل الى الاعلى ،فهذا متجذر في نفوس الجماهير وليس طارئا عليها وقد بذلوا من اجله التضحيات الجسام واحدة تلو الاخرى وبالتالي فليس من السهولة بمكان ان يتنكروا أو يقلبوا ظهر المجن له ….جيل الصحابة الاخيار وآل البيت الاطهار رضي الله عنهم اجمعين انموذجا واضحا كشعاع الشمس في كبد السماء لايحجب بغربال للاصلاح الراسخ في القلوب والضمائر والعقول والنفوس على سواء …بينما جيل من ارتد بعيد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمان الخليفة الاول ممن رفضوا دفع الزكاة ورفضوا زعامة مكة والمدينة وقريش عليهم ، بل وخرج فيهم من ادعى النبوة والرسالة كذبا وزورا من الاعراب وبعض الطلقاء ” الاسود العنسي ، طليحة الاسدي ،سجاح التميمية ، مسيلمة الكذاب ، ذو التاج الازدي” أنموذجا مناقضا للاصلاح غير المتجذر في القلوب والنفوس والعقول بعد …! اودعناكم اغاتي