قبل اربعة اشهر تقريبا كنت في جولة معتادة في شارع المتنبي من جهة الرصافي والتي اتحاشى خلالها كالعادة وقدر الامكان الاختلاط ببعض ببغاوات الفلسفة القابعين هناك ، ولا اقول الفلاسفة-حيث قال ارسطو ، ورد افلاطون ،وتنحنح سقراط ، وتكلم نيتشة ، وصاح شوبنهاور ، وزعم سارتر ، وتريع هيغل ، فمطك فولتير ، فإنهار جان جاك روسو ، ليعطس دانتي ، ويسعل ماركس ..وهكذا عيد واصقل بالك تنسى واي قبض ماكو ..فكل هذا الكم الفلسفي الهائل والعشا خباز ..المهم ماطول عليكم السالفة ، لقد حان موعد آذان الظهر ، فيممت وجهي الى الجامع الاول لأكتشف ان محال الوضوء مغلقة بسبب كورونا ، اما الصلاة فمسموح بها ولكن في الحرم الخارجي فقط …خوش يابه ، ولا يهمك وما يكون خاطرك الا طيب ، مساجد شارع الرشيد كثيرة وتكاد تكون بين كل مسجد ومسجد …هناك مسجد وجلها بنيت في العصور العباسية والعثمانية وما بينهما ولا اثر لمسجد واحد قط بني في عصر “بوش لنك “على وزن “تيمور لنك ” ذهبت الى الجامع الثاني فوجدت الجامع كله مغلق – لا ابو علي ولا مسحاته – ، ذهبت الى الثالث على بعد امتار فوجدت حارسا يعرفني واعرفه وهو جالس عند باب المسجد الخارجي وذلك للاشراف على تعقيم اليدين وحث المصلين على ارتداء الكمامات قبل الدخول الى الجامع التراثي العريق ..احسنت ..وبوركت صديقي الحبيب ، فعلا هذا هو المطلوب والنظافة من الايمان ، والوساخة من الشيطان ، ولكن عندي مشكلة صغيرة غير الكمامات والمعقمات ممكن اكولها ؟!
– قال : تفضل اخوية الحبيب ولايهمك شنو مشكلتك ؟!
* قلت : اريد ان أتوضأ وقبلها ادخل الى الحمام ..ممكن وبلازحمة !!
– مو تدلل ، بس رجاء خليها سكته ، تره الحمامات مغلقة وراح انطيك المفاتيح على مسؤوليتي تدخل الحمام ومن ثم تتوضأ ولكن من دون ان يراك احد ..فدوة ما وصيك بعد ؟
* يمعود تأمرني …!
دخلت الى الحمامات وياليتني لم ادخلها قط ..وانتظرت لحين العودة الى المنزل للصلاة هناك …لأنني على ثقة تامة بأن خمس كمامات تلبسها دفعة واحدة غير كافية لحمايتك من الفايروسات والبكتيريا والطفيليات والجراثيم وروائح – ريفدور التواليتي – هناك …ليش بابا ليش ؟…ليش هالشكل ليش ؟ ..تمام الحمامات مغلقة ، بس مو هيج يمعودين تره عيب وخزي ..ثقوا اذا اجيب مستشرق اجنبي حاقد واخلي يلتقط صور لهذه الحمامات ليسوينه مزق امام العالم كله من اقصاه الى اقصاه …يعني تريدون تقنعوني ان احدكم لايدخل الحمامات تلك للوضوء والاستخدام طيلة النهار والليل مع ان منكم من يبيت داخل المسجد ؟!
في تلكم اللحظة اختمرت في ذهني فكرة بعد ان جلست لوحدي متأملا في الاسباب ومستغرقا في تفسير الظاهرة العجيبة والتي لطالما تكررت معي مرارا وعلى مدار سنين طويلة وبالاخص في مساجد المناطق الشعبية القديمة – التي تعاني مرافقها الصحية ، لا اقول فقط من الاهمال ، وانما من طفح المياه الدائم وانسداد المجاري و من – الاسهال – كذلك فتوصلت الى ، ان ” المشكلة مشتركة يتحملها مستخدمو الحمامات من المصلين والمستطرقين من جهة ” اقول المستطرقين لأن هذه المساجد الكبيرة والقديمة كلها تقع في احياء تجارية ذات حركة كثيفة ودائبة طيلة ساعات النهار ما يجعل من حماماتها غرضا ووجهة لأصحاب المحال المجاورة والباعة والحمالين والمتبضعين وغيرهم وان لم يصل اي منهم ركعة واحدة في حياته كلها لاداخل المساجد ولا خارجها !” ، ويتحمل مسؤوليتها القائمون على امور الجامع من جهة اخرى ..وقد اجد عذرا للفريق الثاني لقلة المنظفين وخدام المساجد هناك، أو انعدامهم لاسيما في مساجد بغداد التراثية التي تعاني من شح التخصيصات وضعف الترميمات وغياب التبرعات وقلة المصلين عموما فيها وجل مؤذنيها وكثير من ائمتها وخدامها اناس متطوعون …!
الفكرة بإختصار تتمثل باستنساخ تجربة ومشروع ” وطهر بيتي ” التطوعية الشعبية التي انطلقت في طنطا عام 2018 على حد علمي ومن بعدها في الفيوم ومن ثم المملكة السعودية وبعض الدول الاسلامية والعربية الاخرى ، ففي مصر تنطلق الحملة قبيل شهر رمضان عادة لتنظيف اكبر عدد من المساجد في المحافظة استعدادا للشهر الفضيل تطوعا ..اما في الدول الاخرى فقد اقتصرت على التنظيف والتعقيم قبيل افتتاح المساجد بعد كل عملية اغلاق بسبب كورونا او بطلب من ادارة المسجد لارسال فريق التطوع لتنظيفه عند الحاجة بما يمتلكون من خبرات متراكمة في هذا المجال بمرور الوقت ..
الطموح اليوم هو استنساخ التجربة عراقيا على ان تكون على مدار العام وليست مقصورة برمضان ..ولا حكرا على التعقيم والتعفير والتنظيف الذي يسبق افتتاح المساجد بعد اغلاقها بسبب الوباء ..!
المطلوب فريق تطوعي في كل مدينة من 15 شابا طيبا يجهزون بكل وسائل وادوات التنظيف والتعقيم ويلبسون الملابس الخاصة باعمال النظافة والتنظيف اضافة الى الكمامات والقفازات والقبعات ..ليتولوا تنظيف المساجد في عموم المدينة التي ينشطون فيها دوريا لاسيما تلك الى تعاني من عدم وجود خدام لها ، او قلتهم ، او لكبر سنهم ، او لمرضهم ولعدم قدرتهم على تولي مسؤولية التنظيف والتعفير والتعقيم المستمرة للمساجد التي يتولون خدمتها ..
فريق تطوعي يتنقل بسيارة ميكرو باص تخصص لهذا الغرض بكامل عددهم وكامل عدتهم من مكانس كهربائية حديثة لتنظيف السجاد ، ماسحات وفرشات ، ومعقمات ، ومنظفات ” قاصر ، زاهي ، فلاش حمامات ، مطهر ومعقم ارضيات ، تايت ، ديتول ، منظف نوافذ ، معطر جو ونحوها ليتولوا تنظيف كل جزء من اجزاء الجامع تطوعا وحسبة لله تعالى على ان تتضمن الحملة اياها جز الحشائش واقتلاع الاشواك وازالة اوراق الشجر في محيط المسجد ومن باحاته اذا كان كبيرا ويضم حديقة امامية او خلفية وما شابه ..ويتوجب ان تكون جميع المواد المستخدمة من تبرعات المحسنين ..لتنشط قبيل رمضان المبارك بأسبوع كامل على اقل تقدير من كل عام ..واثناء العشر الاواخر من رمضان كلها حيث ليلة القدر والقيام والتهجد والاعتكاف …وقبيل صلاة العيدين بثلاثة ايام على الاقل ..وقبل صلاة الجمعة من كل اسبوع ..لتكون بمثابة سنة حسنة يحتذى حذوها سرعان ما ستقلد في كل المدن والمحافظات العراقية وكل في مكانه ومنطقته ومحافظته ..وعلى وفق امكاناته المتاحة #بس_تحرك
كما اقترح ان يقدم فريق مشروع ” وطهر بيتي ” التطوعي وبعد كل عملية تنظيف شاملة ولأي مسجد من المساجد المباركة بعد تعقيمها وتعفيرها ..هدية الى المسجد عبارة عن حاويتين متوسطتي الحجم مخصصة للنفايات + مكانس وماسحات مختلفة الاحجام والمهام + صابون +منظفات سائلة +ديتول + منظف نوافذ + فلاش + زاهي + قاصر +معطرات جو + علب من الكمامات والقفازات والمناديل الورقية ، هذا اضافة الى – نعال حمامات – واباريق وعلاقات ملابس معدنية …وما شاكل .
وحبذا ان يرافق فريق “وطهر بيتي ” ويكون بصحبتهم مصلح – صحيات – ، ومصلح – كهربائيات – ليكمل الفريق عمله ومهمته على افضل ما يرام ” ورحم الله رجلا عمل عملا فأتقنه ” وذلك لإستبدال الانارة العاطلة، الحنفيات المكسورة ، اصلاح اية نقطة كهربائية ليست على مايرام ، ونحوها . اودعناكم اغاتي