24 مايو، 2024 6:54 م
Search
Close this search box.

المطلكَ والجبوري ومزاد سوق مريدي

Facebook
Twitter
LinkedIn

يولد مجلس النواب من عملية انتخابات عامة، تجري كل أربع سنوات، وهو الممثل للشعب وهو أعلى سلطة في الدولة،ومنه تنبثق السلطات الثلاث، وله دور رقابي وتشريعي أساسي على كل فعاليات مؤسسات الدولة والحكومة والهيئات المستقلة. وفي كثير من الدول وبالذات برلماناتها تحدث تجاوزات من قبل الأعضاء ومن قبل الجماعات المؤتلفة داخل هذه البرلمانات، ولكن ما يحدث من تجاوزات في البرلمان العراقي المسمى مجلس النواب وصل إلى حد خطير جداً وينذر بنسف العملية السياسية الجارية برمتها، ويجعل من هذه العملية عامل تعويق لتقدم الدولة العراقية نحو البناء والإعمار ومواكبة ركب التطور العالمي على كل الصعُدْ المنظورة منها وغير المنظورة، والمتتبع لما يجري داخل قبة البرلمان يصاب بالصدمات المتكررة، ويشعر إنه في سوق مريدي، لأن ممارسات أعضائه هي أقرب إلى ممارسات التجار في أسواق المال والصفقات، ونتذكر أيام الولاية الثانية لحكومة السيد المالكي حينما حاولت بعض الكتل السياسية حجب الثقة عن الحكومة، وكان عنوان الصفقة هو لمنع ولادة الدكتاتورية في العراق من جديد، وحينها وصل سعر الصوت الموقع على حجب الثقة إلى مليوني دولار وفاحت رائحة هذه الممارسة التي دعمت من دول إقليمية، ولم تنجح المحاولة لأسباب إقليمية ورفض شعبي كبير، ولكن بعد أن هدأت الأجواء لم يبادر أحد لإثارة قضية الرشوة الكبيرة في شراء الأصوات وكأن شيئاً لم يكن، وهذا أمر خطير جداً .

ويشعر المراقب أن هذا الأمر هو عبارة عن صفقة تجارية ربحت فيها أطراف وخسرت أخرى. وأما قضية استجواب أي مسؤول في الدولة العراقية فهي من العلامات البارزة على الفساد الكبير وعنوان فاضح وكبير للسوق التجاري المربح المسمى زوراً مجلس النواب العراقي، فنحن نرى أن أحد الأعضاء أو أحد الأحزاب والكتل يقوم بجمع التواقيع المطلوبة دستورياً للقيام بدوره الرقابي في استجواب أحد مسؤولي الحكومة على خلفية تجاوزات وسرقات تؤكدها أدلة واضحة وقانونية يقوم بجمعها النائب وفقاً لدوره الرقابي الذي أقره الدستور، كما حدث مع النائب مشعان الجبوري في قضية استجواب صالح المطلكَ، وبعد إكمال العدد المطلوب دستورياً كما أسلفنا يتوجه بتقديم طلب رسمي إلى رئاسة المجلس لتحديد وقت جلسة الإستجواب، وهنا تبدأ المزايدة الماراثونية في سوق مريدي التجاري وسعر سحب توقيع النائب على الإستجواب يبدأ تصاعدياً كلما مر الوقت باتجاه يوم الإستجواب، وتصرف الملايين من قبل المسؤول المطلوب إستجوابه، وكلها طبعاً من أموال الشعب المنهوبة، وتنتهي هذه المناقصة بسحب الإستجواب وفوز الأعضاء الموقعين على الإستجواب بعشرات الملايين من الدنانير لكل عضو، مع وعود بصفقات أخرى، يجري ذلك أمام أنظار كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الداخلية والخارجية من دون أن يشكل ذلك أي إهتمام من رئيس البرلمان أو أعضائه من دون إستثناء، وأصبح هذا الأمر روتيني ولكن نحن نتساءل هل يستحق من وقع على الإستجواب ومن ثم عاد لسحبه المساءلة ووضعه في خانة إستلام الرشوة وخيانة العهد الذي قطعه النائب باليمين حينما أقسم على الحفاظ على أرض وسماء وماء وهواء وأموال وممتلكات الدولة العراقية؟ وهل سيساءل ويعاقب من تسبب في تشريع قانون عرفي ثابت للسرقة عن طريق عملية الإستجواب في البرلمان العراقي؟ وهل من الممكن أن نحاسب رئيس البرلمان لأنه أخل بواجباته الدستورية والوطنية وشرف المسؤولية حينما سمح لهكذا ممارسات بالمرور من خلاله؟ أسئلة كثيرة تدور في عقل وضمير كل متابع شريف من دون أن يجد لها إجابة شافية تضع حدا لهذه الإنتهاكات الخطيرة.

وهذا ما يجري في كل الوزارات حيث يتم مراقبة عملها عن قرب وبكل حرص من قبل أعضاء مجلس النواب وحينما يقع الفأر في يد البزون يبدأ البزون بمفاوضة الفأر بتقديم الفدية مقابل رقبته، ويحصل البزون في النهاية على مبتغاه ويطلق سراح الفأر لأن البزون لا يريد أن يقفل الفأر دكانه لتأمين صفقات أخرى مستقبلية، لذلك دائماً ما نعبر عن مخاوفنا من تأمين الشحمة عند بزون لا يكل ولا يمل من طلب الطعام، ونظهر يأسنا وجزعنا حينما نودع البزون شحمه فنحن نعرف أن الشحمه ذاهبة من دون رجعه، فيا أيها البزازين في البرلمان العراقي، وأيها الفئران في مؤسسات الدولة كافة أما يكفيكم ما سرقتم وما قتلتم، فصالح المطلكَ سارق بالأدلة القاطعة بالأدلة التي قدمها النائب مشعان الجبوري ورأي اللجنة مطابق لرأي مشعان، ولامرتجى من إصلاحه على كل المستويات، ومشعان الجبوري في طلبه لم يكن بزوناً ولم يكن فأراً بل هو اليوم مقاتل على كل الجبهات، وولده يزن يقاتل الإرهاب مع عشائر الجبور الأبطال الشرفاء النجباء، فهل من المقبول التعامل مع قضايا الإستجواب بهذه المزايدة المريدية الفضه. لك الله يا عراق وهو من وراء القصد.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب