لو إستمر هطول الأمطار لثلاثة أيام أخرى وبنفس الكثافة والغزارة التي مر به بلدنا العظيم ( العراق ) لتحولنا إلى مستنقع أو هور كبير أو طوفان يجرف معه ما يسمى بالبنية التحتية والفوقية والوسطية والمدارس والوزارات والبيوت والمقاهي والملاعب والمشافي ! والعراق بأمس الحاجة منذ أعوام لهذه الكمية من الأمطار لحصول جفاف خطير جداً في أكثر مساحات العراق وبخاصة الزراعية وتضرر الفلاحين والمزارعين والثروة الحيوانية على الرغم من وجود بعض البدائل التي لا يمكن الاستمرار بها إلا لوقتٍ قصير .. وللمرة الأولى منذ عام 1993 تهطل هذه الكمية من الأمطار على العراق لكنها كشفت مدى تردي الواقع الخدمي في العراق وهو ليس بالأمر الجديد بل عاهة أصيب بها البلد منذ عقود ولم تتمكن جميع الحكومات المتعاقبة على إيجاد حل مقنع لها ..وفي كل بلدان العالم ، حتى الدول النامية تستفيد تلك البلدان من أي كمية من أمطار يتم خزن بعضها وعدم التفريط ولو بقنينة واحدة .. بينما تحول المطر في العراق الى كارثة حقيقية سقط فيها عشرات العراقيين بعد سقوط بيوتهم الخربة المتهالكة وهو ما أسقط أول أكذوبة من أكاذيب البيوت الواطئة الكلفة ثم انحدر السيل فأسقط الوعود والتعهدات والمواثيق التي يُطلقها المسؤولون هنا وهناك .. فالمواصلات توقفت والاتصالات توقفت وأغلب خطوط الطاقة الكهربائية أصابتها الرطوبة وقسم منها انفجر والآخر توقف تلقائياً .. والمجاري طفحت والشوارع أغلقت والسقوف تهدمت والدوام تعطل !غيمةٌ ماطرة عابرة لساعات أعادت العراق الى قرونٍ عدة ..أما كان من الأجدر بالمسؤولين في كل مفاصل الدولة أن يكفوا عن تصريحاتهم عبر الفضائيات العراقية التي يفوق عددها 100 قناةً بعد هذه الفضيحة ؟! كل حزب أو كتلة أو محافظ أو رئيس مجلس أو سياسي متنفذ أو مقاول لديه فضائية تعمل باسمه ولمصالحه ويتناسى هموم الناس وأحقية مايطالبون به من تقديم خدمات تقيهم على الأقل من كوارث الشتاء وحر الصيف وغبار الربيع وجفاف الخريف الطويل المريض في بلدٍ كان إسمه العراق