23 ديسمبر، 2024 4:54 ص

المطارات الاستثمارية في العراق … أيجابياتها وسلبياتها

المطارات الاستثمارية في العراق … أيجابياتها وسلبياتها

الجزء الاول … مطار النجف الدولي
كما معلوم أن المطارات هي الواجهة الحضارية الاولى التي تعبرعن التقدم الحضاري للدولة بالدرجة الأساس ومن ثم عن البقعة أو المدينة التي تضم هذا المنفذ الحدودي المهم , مما يستوجب على المعنيين أن يوفروا جميع الأمكانيات التقنية واللوجستية لأنشاءه وفق معايير عمل دولية تضمن تقديم أفضل الخدمات للمتنقلين من خلاله , سواء كان توفير هذه الامكانيات محصور بالجانب الحكومي أو من مايتم التعاقد معهم كمستثمرين ومشغلين لهذه المطارات بما يضمن تقديم أفضل الخدمات للمسافرين عبر المطار , يضاف الى ذلك أن المطارات هي عامل جذب مهم للانشطة الاقتصادية والاستثمارية في المدن المقام عليها وهو ماينعكس ايجابا وبشكل كبير في مجمل ناتج الاقتصاد الوطني على نحو أكثر فعالية وكفاءة .
رسمت سياسات الحكومات المتعاقبة في العراق على حصر أنشاء وتشغيل المطارات في البلد ضمن خططها منذ البداية وقد نجحت في أنشاء العديد من المطارات الحكومية سواء المدنية منها أو العسكرية هذه السياسة بدأت بالتغيير بعد عام 2003 عندما أرادت حكومات مابعد هذا التاريخ أن تبدأ بحملة لبناء أو إعادة تأهيل وتطوير مطارات جديدة في مدن العراق كجزء من مخطط رئيسي لتطوير هذه المدن تهدف بالاساس مواكبة النمو الحاصل في تزايد حركة الناس وتنقلاتهم فأعطت الموافقات لتأهيل ثلاث مطارات أستثمارية في المحافظات النجف وأربيل والسليمانية كنظام استثماري ( شبه حكومي ) كون ان المستثمر هو مجلس المحافظة في النجف وهي الألية المستخدمة فيما بعد لمطاري الناصرية وكربلاء , أما مطاري أربيل والسليمانية تم استثمارهم من قبل وزارة النقل في أقليم كردستان في حين أن تأهيل أستثمار مطار كركوك الدولي قد أنيط بمستثمر محلي متعاقد مع وزارة النقل ( كتجربة أولى في العراق) , هذه الفرص الاستثمارية لأنشاء المطارات خارج الأطار الحكومي أثبت خلال عملها في الفترة الماضية عن وجود نقاط ضعف في أدارة البعض يقابلها نقاط قوة في البعض الأخر سأحاول أن أشخصها وطرح الرؤى لمعالجة نقاط الضعف فيها من خلال سلسلة مقالات تحمل نفس العنوان وبأجزاء في الجزء الاول منه سيكون عن مطار النجف الاستثماري .
بقعة النجف العسكرية أو شقة النجف العسكرية التي تحولت عام 2008 الى مطار النجف الدولي برمز عالمي معتمد من الايكاو ORNI ويحتوي على مدرج وحيد بطول 3000 متر واتجاه 28/10 بالاضافة الى ساحة وقوف للطائرات سعة 14 طائرة وأيضا صالة للمسافرين تشمل على مكاتب لشركات الطيران والخدمات كما يضم المطار برج للرقابة الجوية وهنكر للشحن الجوي وصالة لكبار الزوار ويعتبرالمطار البديل لمطار العاصمة بغداد في كثير من الاحيان .
وكما معلوم أن المطار أستثماري منح إجازة استثمار في عام 2006 لمدة خمس سنوات بقيمة 50 مليون دولار من اموال الاعمار وتنمية الاقاليم المخصصة لمجلس محافظة النجف في حينها تستخدم لتأهيل وتطوير المدرج وبناء البنايات والقاعات العامة للمطار وتجهيزها باجهزة ومعدات تخص الملاحة الجوية والمراقبة والخدمات الارضية والاليات والاطفاء وبرج السيطرة ” حسب ماصرح به المهندس حازم الحيدري رئيس اللجنة المشرفة على المطار في وقتها ” أما تشغيل المطار فأنيطت تلك المهمة لشركة العقيق الكويتية المتخصصة بشؤون المطارات , وقد أدارت هذا التشغيل لمدة سنتين بعدها قرر مجلس المحافظة في عام 2011 إنهاء عقد هذه الشركة لاتهامها بالتلكؤ وعدم صرف المبلغ المتفق عليه لتتم أدارتها تشغيليا من قبل الكوادر المحلية للمطار التي تمكنت من تحقيق أرباح تقدر بملايين الدولارات سنوياً من خلال أدارة مئات الرحلات المنفذة في المطار الى جميع دول العالم .
هذه التجربة الذاتية في تشغيل المطار من قبل هذه النخبة من كوادر المطار المحليين أثبتت تفوقهم في العمل لأكثر من 13 عاماً , من خلال تطبيق كامل لمتطلبات السلطة المحلية في أدارة تشغيل المطار بنجاح , جعل الكثير من المراقبين والمتابعين لأعمالهم يفتخر بما قدموه من نجاح لحد الان برغم أنه دون مستوى الطموح , والسبب الحقيقي غياب الادارة الكفؤة للمطار لتخطط وتنظم عملهم كي تصل بهم الى المثالية في العمل وهو ما لا يحصل ألا برسم خطة أصلاحية تبدأ بالتغيير من أعلى الهرم الوظيفي وأقصد مجلس الادارة الحالي للمطار بحيث يجب أن تتوفر لأعضائه مايؤهلهم لقيادة هذه المؤسسة التخصصية من المعلومة والصلاحية في أتخاذ القرار الصائب وأولى هذه القرارات تعيين أدارة مهنية تخصصية للمطار (حصريا) تعمل على تنفيذ الخطط الموضوعة لتطوير عمل المطار مشاركة مع مدراء أقسام متخصصين من ذوي الشهادات والخبرات في علوم أدارة المطارات ليطبقوا مايرسم لهم من خطط تطويرية قصيرة وطويلة المدى بمهنية عالية بعيدا عن اي ضغوط خارجية تمارس عليهم من جهات لا علاقة لها بعملهم وهو ما سيعمل على توفير الأيرادات المالية الوفيرة التي تسهم في في تطبيق الخطط المرسومة على أرض الواقع , علما أن هذا التطبيق الصحيح سيولد فائض من قيمة ايرادات المطار يمكن الاستفادة منها في تطوير واقع المحافظة الخدمي .
لقد وضعت أعلى جهة تشريعية ورقابية للطيران العالمي ( الأيكاو) معايير ولوائح أوصت بها سلطات الطيران المدني حول العالم في اجتماع World air transport conference المنعقد عام ٢٠١٣ يتم من خلالها مراقبة تشغيل المطارات الاستثمارية بحذر شديد من خلال مراقبة الأمور التنظيمية المهمة في أدارتها , لعل من أبرزها إنشاء الكيانات المستقلة والمتخصصة لتشغيل هكذا نوع من المطارات كما فرضت على سلطات الطيران المدني في كل دولة أصدار التوجيهات التي من شأنها تشديد أجراءات الرقابة على هذه الإدارات التشغيلية في تطبيقها اللوائح والمعايير الدولية المنصوص عليها في الملحق ١٤ من ملاحق الايكاو والوثائق المتعلقة بها , مع ضرورة أن تكون هناك تقييمات دورية من قبل سلطات الطيران المدني بهدف مراقبة ألية التطبيق لهذه اللوائح حرفيا وبخلافه تصدر التوصيات للجهات الحكومية ذات العلاقة في تنبيه أو أيقاف عمل الجهة المستثمرة للمطار أو أناطة مسؤولية التشغيل للجنة تخصصية تشرف على عمل المطار أن كانت المخالفات كبيرة .