23 ديسمبر، 2024 6:08 ص

-1-
القراءة السطحية العابرة ليست بذات مردودات مفيدة على الاطلاق .

إنّها مَضْيعةُ وقتٍ ليس إلاّ ..!!

أما القراءة الواعية المتأملة فانّها بوابّة كبرى لاقتناص الفوائد ، والإفادة من التجارب ، وتحصيل العبر والدروس …، وكلُّ ذلك مما يسعى اليه العقلاء ، ولا يزهد فيه الاّ الكُسالى الجامدون …

-2-

وحين يبني الانسان شخصيته على أساس من الزيف والحيل، فانه لن يحصد في النهاية الاّ المصير الأسود .

قد يتاح له أنْ يربح الجولة في مشوار ، ولكنه في نهاية المطاف لن يكون الاّ من الخاسرين .

-3-

واذا كنّا اليوم نشهد العديد من الشخصيات المثيرة للجدل ، تسارع الى تغيير مواقفها ، وولاءاتها وتصريحاتها، وفقاً لمؤشرات البورصة السياسية، فانّ هذه الحالة موجودة بشكل وبآخر على امتداد التاريخ .

هذا (بلال بن أبي بُردة) وقد وفد على عمر بن عبد العزيز مهنئا له بالخلافة ، ومُطلقاً من معسول الكلام ما يُثير ، …

وقال :

” مَنْ كانت الخلافةُ يا أميرُ قد شرّفَتْهُ فقد شَرَّفْتَها ،

ومَنْ كانت زانَتْه فقد زنْتَها ،

وأنت كما قال مالك بن أسماء :

وتزيدين طيّب الطِيبِ طيباً إنْ تمسيهِ أينَ مثلُك أينا

واذا الدرُّ زانَ حُسنَ وجوهٍ كان للدر حسنُ وجهك زينا

وهو بهذا يريد أنْ ينال الجاه والحظوه عند السلطان، تمهيداً لانتزاع المنصب المهم …!!

يقول المؤرخون عن بلال انه :

( لزم المسجد والصلاة ليخدع عمر ،

فدّس اليه (عمر) من سارّه فقال :

إنْ كلّمتُ لك أمير المؤمنين أنْ يوليك البصرة ما تعطيني ؟

فوعده بمائة ألف ،

فأبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز ، فنفاه وأبعده .

وهكذا فشلت المحاولة الخبيثة للتسلل الى مواقع السلطة .

وليتَ كبار المسؤولين اليوم يملكون هذا الحس الرائع للتمييز بين (الغث) والسمين ..!!

وليتهم يحبطون مساعي المتملقين المخادعين …

-4-

ويبدو انه استمر في نزعته التملقية ، وواظب على اصطناع الحيل، حتى ولاّه عبد الله القسري قضاء البصرة سنة 109 هجرية، وبقي في القضاء الى سنة 120 هجرية .

قال عمر بن شبه :

( كان بلال بن ابي بُردة ظلوماً جائراً لا يُبالي ما صنع في الحكم ولا في غيره )

والسؤال الآن :

كم (لبلال) من نظير في العراق الجديد ؟!

والى هؤلاء تُعزى الكثير من المفارقات والسلبيات التي أرهقتنا جميعاً

-5-

وعاقبة الظلم وخيمة – كما هو معلوم .

– فقد ساق (يوسف بن عمر) – وهو من الولاة الجلاّدين – بلالاً الى السجن .

وفي السجن تفتق ذهنُ بلال – وهو المعروف بمكره وحيله -عن حِيلةٍ يستطيع بها الفرار من السجن .

قال للسجّان :

خُذْ مني مائة ألف وأَعْلِمْ (يوسف بن عمر) أني قد متُّ

فقال له السجّان .

فكيف تصنع اذا سرت الى أهلك ؟

قال :

لايسمع لي يوسف بخبر ما دام حيّاً على العراق .

وحين أخبر السجان (يوسف بن عمر) أنّ بلالاً قد مات

قال :

أرنيه ميتا ، فاني احب ذلك

فجاء السجان الى بلال وقتله

وهكذا ذاق كأس الموت الزؤام بسبب حِيَلِهِ

كان ذلك سنة 120 هجرية .

-6-

ونحن على يقين :

انّ اصحاب الحيل والمكر والخداع، مهما برعوا في فنونهم وأساليبهم، سترتد عليهم حيلهم وأباطيلهم ، طال الشوط أو قصر ،

هذا في الدنيا .

أما في الاخرة

فانهم في عذاب مقيم .

[email protected]