23 ديسمبر، 2024 5:11 ص

المصلح بين إصلاحه ورسالته الاصلاحية …وتحديات طغاة

المصلح بين إصلاحه ورسالته الاصلاحية …وتحديات طغاة

الأمم التي تريد أن ترتقي بمستوى الرقي لايتحقق لها ذلك الا من خلال رموز وقادة لديهم مشاريع اصلاحية ,فلا يمكن أن يكون المصلح إنسان حاله حال سائر الناس ,فمشروعه الاصلاحي يختلف عن باقي المشاريع ولأسباب عديدة اهمها 1- المصلح لديه مشروع رسالي إصلاحي يريد من خلاله أن ينقل واقع الامة السيء المليء بالالام والقسوة وسطوة الطغاة عليهم ,وتلذذهم بإهانة المجتمع لمشاكل ذاتية تحيط بهم ,ولرغبة منهم في أن يمارسوا سلوكيات وافعال منحرفة يجسدوا من خلالها مآرب دنيئة تشير لخسة معدنهم ,هو يريد نقل مجتمعه الى الحياة الحرة الكريمة والافضل الحسن الصحيح لهم يصنع دولة تعيش في ظلها كل مكونات المجتمع …دولة يقف امام عدالتها وقانونها الجميع سواسية ليحفظ للمظلوم حقه ويرجعه له ,ويكون عوناً له من الظالم ,وتكون مقدراتها بيد من هم مؤتمنين عليها 2- مضمون الرسالة الاصلاحية هي الارتقاء بقيمة الانسان لمستوى إنسانيته والنهوض به من ركام الذلة الى العزة بالنفس واحترامها . 3- تحقق العدالة الاجتماعية بين الناس ولاينظر لهويتهم وانتمائهم وطبقيتهم في المجتمع بل الى انسانيتهم ,فالناس ولدوا وعاشوا وسيموتون احرار وحقهم في العيش مكفول بما يليق بآدميتهم 4- ينشر الفضيلة والمحبة والتسامح والوئام ويعلمهم قيم النزاهة والصدق والاستقامة والثبات على المواقف والتضحية من أجل المبادىء ,ويهديهم لطريق الخير . أهم الاليات التي يعتمد عليها المصلح في تنفيذ مشروعه الإصلاحي : أن يكون لديه رجال صاقون مخلصون لقضيته ثابتون على الشدائد والأزمات يتحملون المصائب هؤلاء يسند اليهم مقاليد الامور حسب الاهمية ويكونون بمثابة رسل يبعثهم لنشر رسالته المؤمنين بها .
أن يكون لديه مجموعة من اللوائح والضوابط والتعليمات والارشادات يعمل بها ليسير عليها الناس لتقوييم مسارهم ورسم خارطة طريق لهم . أن يقوم بنصرة المظلومين والأخذ بحقوقهم ,ورفع الحيث عنهم ,ودعم المستضعفين ليأخذوا مكانتهم في المجتمع والدولة بعد أن كانوا يعانون من التغييب والاقصاء . أن تكون لديه جهات رقابية تتابع وتراقب مايمس مصالح الامة ومقدراتها ومحاسبة العابثين بها ,وماساءلتهم عندما يجد هنالك خلل يضر بالناس ,وليس التغاضي عن المسيئين الفاسدين . أن يكون لديه قانون يشمل الجميع ولايستثني أي أحد منه ,أذا ثبتت الإساءة . أن يستخدم الجانب الوقائي من خلال الأرتقاء بوعي أبناء الأمة لحجم التحديات التي تحيط بهم . لقد وقف الطغاة موقفاً سلبياً ومخزياً أتجاه مشاريع المصلحين محملاً بالعداء لغرض النيل منهم ومن اصلاحهم ,لأن الاصلاح يتعارض مع مشروع السلطة التعسفي الطبقي والاستعبادي ,فقد استخدموا اساليب متنوعة ومتعددة منها التسقيط المعنوي بالامساس به لتشويه سمعتهم بين وسط أمته في محاولة لعزوف الناس وابتعادهم عنه باعتباره غير مؤهل للقيادة ,فتعرض الكثير للقتل في شخصهم وشخصيتهم ,فكانت الغصة في خذلان الناس اليهم ,فالمصلح لايقتل ولايعذب ولايهتك الاعراض ولايسفك الدماء ولا يقييم الخديعة والمكر,اما الطاغية فهو العكس تماماً حيث يعمل كل الاعمال التي يجد بها أنها تؤمن بقاؤه وتبقي سلطته وتحت أي عنوان هو مسموح له طالما هنالك وعاظ يحللون له ماحرم الله بأسم الدين,ويبررون له افعاله وجرائمه ومن ابواب عدة لأن الدين لديهم عجينة طيعة يعملون بها مايريدون وفق اهوائهم ورغباتهم ,المصلح لايمتلك سوى ايقاظ الضمير ووضعه على جادة الصواب ,والمستبد بيديه كل الامكانيات المادية والسياسية والاجتماعية والاعلامية ومزوري التاريخ جاهزون بخدمته ,هو صراع محتدم لكن الغلبة للمصلح لأن صلب عمله الاساسي بناء الأنسان وتحريره من ظلم نفسه ليستطيع مواجهة الظلم الخارجي والتحديات المحيطة به .