12 أبريل، 2024 6:15 ص
Search
Close this search box.

المصالح السياسية ودعوات التنازل للوطن

Facebook
Twitter
LinkedIn

دمرت الدولة وتراجعت سلطاتها وارتبك وتضعضع امنها وتردى اداءها بسبب خراب مشهدها السياسي، بعد ان ابتلعها الفساد وأضحت شبه عاجزة عن اصلاح حالها والمضي بألتزاماتها المحلية والاقليمية والدولية كدولة رصينة كما يرغب و يطمح اليه العراقيون الذين دفعت بهم كل هذه الظروف والعوامل للخروج الى ساحات التظاهر والاعتصام مطالبين بالتغير والإصلاح الجاد والشامل.
والكل يعرف ومطلع بدقة على تفاصيل التحديات التي يواجهها ويعيشها العراقيون وهم يعانون من اوضاع سيئة شديدة الخطورة،وهي نتائج حتمية ومحصلة للفعل المتحقق لصراعات وخصومات القادة والسياسيين على السلطة وتسيد المواقف .. صراعات ادخلت البلاد واغرقتها في فوضى عارمة وهي نتيجة طبيعية لعملية سياسية تحاصصية (عليلة) عشنا ومازلنا نعيش أزماتها وكوارثها، ومن هنا فتحت الابواب على مصراعيها وبلا حراس مشجعة دول العالم و الجوار الإقليمي على خرق سيادتنا عبر التدخلات في شؤوننا الوطنية وخاصة السيادية منها، تدخلا حد الامساك بشرايين الدولة وتقطيعها تمهيدا لتقسيم الجسد العراقي، فيما قادة العراق وسياسيه غارقون في عسل السلطة وبهرجتها وفي غيبوبة بعد أن اختلفوا بدل التوحد والتماسك لبناء الدولة المدنية الديمقراطية المهابة والمحترمة من شعبها اولا ثم من جيرانها والعالم، لكن خصومات وصراعات المعنيين بقيادة العراق وعمليته السياسية بكل كتلهم وأحزابهم بل وحتى مؤيديهم التي لم تهدء ولم تتوقف حروبهم متراشقين بكل اسلحتهم المتاحة وفي أحلك الظروف مزقت العراق ونسيجه الاجتماعي ودمرت آدابه وثقافته وفنونه ومزقة الهوية الوطنية وهي من اهم اسس وثوابت ومقومات الدولة الرصينة.
وهكذا بيئة سياسية واجتماعية وامنية حتما تصبح حاظنة طبيعية لكل التناقضات السياسية والاجتماعية بيئة نمت وترعرعت وتضخمت فيها افة التي زادت من فقر العراقيين وتفاوتهم الطبقي ودمرت العدل والانصاف و العيش المشترك للعراقيين، وهي ذاتها عوامل ومناخات وظروف اسقطت هيبة الدولة وهجرت كفاءاتها الوطنية بعد ان تم قتل العديد منهم خاصة في السنوات الاولى من عمر الاحتلال وفي ظل هكذا ظروف كبرت ازمات العراق المعقده والمركبة ثم ساحت وتبخرت ثرواته بعد ان اصبحت سائبة بلا حماية والعراقيين يعانون من تحديات كل هذه الاوضاع وهم ينظرون الى تهالك وتدمير بناهم التحتية وتوقف عجلة اقتصادهم وهم يشعرون بوجود من يريد ايقاف عجلة حياتهم اليومية وتدمير معيشتهم .
ولم يجد العراقيون امام كل هذه الارهاصات والتحديات والمخاطر بدا الا الخروج والنزول الى الشارع من اجل انهاء وايقاف ووضع حد لكل هذه المشاكل والخلافات والصراعات المعقده والمركبة،بعد اصبح حكام البلاد يعمل كل منهم حسب مزاجه وعلى هواه ومقتضيات مصالحه الشخصية والعائلية والعشائرية والفئوية وبما يتطابق وينسجم مع الأجندات الداعمة لهذه الصراعات و الخلافات و الفوضى العارمه في جميع الملفات العالقه التي تنتظر الحلول لكن دون جدوى .
لقد نالت كل هذه الاضطرابات من استقرار حياة العراقيين وعلى جميع المستويات، وفي خضم كل هذه الإحداث ما زالت الكتل السياسية واحزابها وقياداتها تحاول التمسك بمصالحها الشديدة الخصوصية وهناك من يحاول القفز على مطالب المتظاهرين والمعتصمين وتعرض حياة الناس وحاضرهم ومستقبلهم الى نتائج لا تحمد عقباها.. وما زال العراقيون يناشدون القيادات السياسية والطبقات الحاكمة ويدعونهم التنازل للوطن ولو لمرة واحدة من اجل الحفاظ على وحدة العراق والعراقيين ، بعد ان عرضوا البلاد والعباد إلى شتى أنواع النكبات والاحداث المؤلمة التي ادت الى سفك دمائهم وضياع ثرواتهم الوطنية و مازال القادة والسياسيين بلوحون بين حين واخر بافلاس الدولة والعجز الشديد في موازناتها خاصة بعد هبوط اساعر النفط ونحن اصحاب اقتصاد ريعي تتحكم فيه اسواق النفط ناهيك عن الديون التي اثقلت كاهل العراقيين و التي ستواجهها الاجيال القادمة وما زال العراقيون يستمعون الى الاعلانات والتصريحات التي تطالب بالتهدئة بعد ان وقع الخصام والانفصام بين العراقيين وقياداتهم السياسية واصبحوا لا يثقون بها .
اليوم، يطالب المعتصمون والمتظاهرين والعراقيين جميعا كل الكتل والقيادات و أحزابها التنازل للوطن من خلال تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة من خارج الاحزاب والكتل السياسية الحاكمة لتمارس مهامها الوطنية وصولا لانتخابات نزيهة حاسمة لتتمكن بعدها ألدولة والعملية السياسية من استعادة عافيتها وممارسة مهمها من اجل تحقيق حياة داخلية وطنية صحية للناس تحقق لهم تكافئ الفرص وتحافظ على سلمهم الأهلي ومالهم العام وسيادتهم الوطنية وبناء دولة بمقدورها قطع الأيدي التي تمتد للنيل من العراق والعراقيين .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب