لا شك ان المصالحة والمفاهيم التي تختص بالتعايش والتسامح وقبول الرأي الآخر وحوار الثقافات هي اللبنات الأساسية لبناء الدولة العصرية الا ان الذي حصل ابان فترة الاحتلال خلال سلطة الائتلاف المدنية وما بعدها من تعاقب الحكومات الوطنية كان مغايرا لاعتماد المصالحة اعلاه حيث سادت ثقافة الكراهية والأحقاد الثأرية والاقصائية والحرمان والتمايز بين أبناء الوطن الواحد تحت ذرائع شتى اهمها الصاق تهمة البعث ومعارضة النظام القائم مما اثار نمطا من الاحباط والعدوان وعدم الاهتملم بتلبية حاجات المواطنين السياسية والاجتماعية والثقافية وسبب نكوصا لهؤلاء الافراد فتبنوا عوامل الهدم للمجتمع فالحرمان من تحقيق الاهداف التي يرنو اليها افراد المجتمع لبناء مستقبلهم يؤدي الى تمردهم كما ان ما اتسم به المجتمع من حروب واقتتال والامراض الاجتماعبة الأخرى يخلق شخصيات ذات سلوك تعصبي يدفع الى العنف المجتمعي نتيجة لجمود المعايير اضافة الى العادات الاجتماعبة والتنشئة الأسرية لا سيما في المجتمع الذي يسود فيه التنوع القومي والديني والمذهبي والعشائري على الهوية الوطنية مما يدفع الى اختلاف افراد المجتمع مع بعضهم فكل منهم يكون ممثلا لجماعته ويعكس افكارها السلبية والأيجابية
وبذلك بكون الفرد ناقلا للامراض الاجتماعبة والفرد كما يؤكد علماء النفس يفقد شخصيته داخل الجماعةويساق بتفكيرها مما يؤدي بهؤلاء الافراد ممارسة نشاطها السلبي والأيجابي ولتلافي اعتماد العنف المجتمعي لا بد من ضرورة اهتمام الدولة بتوفير الاجواء المناسبة البعيدة عن التوتر والعنف وتوجيه وتشجيع ابناء المجتمع الواحد على قبول بعضهم البعض وتأكيد اهمية المشاركة والأحترام مهما كانت درجة التباين العرقي والثقافي الا ان الانقسام الموجود حاليا في المجتمع العراقي وتوزع فئاته بين الطوائف وتمسكهم بهوياتهم الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة ينتج عنه رفضا للآخر ومحاولة الغائه تماما وبالمقابل لا يمكن انكار ان جميع هذه الهويات تعيش في بلد واحد ومهما حاولت الأطراف والغاء بعضها البعض حتى ولوتقاتلت كما حصل في عامي ٢٠٠٦ ، ٢٠٠٧ لا يمكن الغاء اي جهة ودحرها فالجميع باق في ارض الوطن العراق وعلى الجميع ان يتقبل الاخر وهذا ينطبق على الساسة والفصائل المسلحة عليه فالأقتتال لم يجلب العراقيين الا الخراب وان ينتصر فيه احد فهو مشروع خاسر للجميع ويزيدهم تشوها وفقرا وتشرذما وتخلفا ووحشية وتطرفا وستبتعد عن صفة العيش المشترك والتمسك بالكراهية والموت كخيار للبقاء والحروب في العراق لم تسحق سوى الأبرياء قتلا وتهجيرا وظل زعماء الحروب من قادة وساسة ومسلحين وبعض من رجال الدين وبعض الفئات من المجتمع التي تأثرت بخطابهم في مأمن من نيران الحروب وأزيز رصاصها وحتى القوانين التي شرعت للحد من تغول الهويات الفرعية كانت تلك القوانين تضرب وتنتهك فور تشريعها وعلية فان التعايش وقبول الآخر لا يمكن ان يتم من خلال المجتمع من دون تدخل الدولة فالمهمة تبدو عسيرة لكنها ليست مستحيلة الا انها تتطلب ارادة حازمة وصادقة من قبل الاطراف الفاعلة سياسيا في البلاد وخصوصا اجراءات الدولة بالقضاء على العنف المجتمعي واحترام حقوق الانسان وان تلتزم الاخلاق واعتبار المواطن عنصرا اساسية في المجتمع مهما كان معتقده او هويته واجراء الحوارات بين المختلفين والاتفاق بشان المواضيع الخلافية وهذا سيولد احتراما وانسجاما لمعتقدات بعضهم البعض وتشريع القوانين العقابية لردع المحرضين على العنف والتفرقة ولتظهر الدولة كقوة فاعلة لمنع ظهور خطابات نفي للآخر ولتاخذ زمام المبادرة لتحذير المفرقين ومعاقبتهم وتطبيق مواد الدستور التي تحظر النعرات الطائفية المادة السابعة منه بحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمهد او يروج او يبرر له وان تعتبر مواقف وآراء المواطنين واحدة لا فرق بينهم بالمعرفة والمعرفة المطلقة لله وحده والتسليم ان لا أحد هو نسخة من الاخر وان تعمل الدولة على منع التقاتل والصراع وتسمح بالتفاهم والتقارب والتعاون حتى تتمكن المجموعة من تحقيق ما ليس باستطاعة الفرد ان ينجزه فوظيفة الثقافات الوطنية في اي مجتمع هي توفير ارضية مشتركة من المبادئ والرؤى والتضحية في سبيل الوطن وتنظبم العلاقات المشاركة ومفاهيم الانتماء للوطن بعيدا عن اختلاف انتماءاتنا العرقية او الدينية او الاجتماعية
او الثقافية فثقافة الحوار هي الكفيلة بصنع هذه الارضية المشتركة وامكانية التعايش والاندماج في مجتمع مكون من افراد وثقافات وطوائف واقليات مختلفة من احل تحقيق العدالة والمساواة على ارض الواقع واجراءات الدولة هذة تتحقق بتحقيق مفاهيم المصالحة الوطنية والتقارب والانسجام والتسامح والغاء اعتبارات الماضي والمساواة بين المواطنين وتعديل القوانين والقراىات الجائرة وتمربر قانون العفو العام بعد الاتفاق على مواده لما بحقق العدالة والمساواة لا يظلم احدا ولا يفرط بحق الدولة واصدار القوانين التي تلغي الاقصاء والتشرذم والتمسك بوحدة الوطن وتعديل الهيئات المستقلة العامة بما يخدم مصلحة المواطن والدولة وتقديم الخدمات للجميع وضمان حق العيش الكربم بالعمل والسكن والسفر وابداء الرأي وحق التظاهر والمطالبة بالحقوق بذلك يتم انجاح العملية السياسية وبناء الدولة المؤسساتية العصرية التي تتبنى قضايا مواطنيها كافة بروح من التسامح والمساواة والقبول والعدالة في التعامل بدون تمايز ومفاضلة تيمنا بقول الله تعالى ( فالله يحكم بينم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )