المصالحة الوطنية .. مفهوم غامض في ظل الشراكة السياسية والحكومية والتي هي جزء من توافق سياسي واسع ومرافق قائم في العراق ولم تحقق اي استقرار أمني على مستوى الشعب العراقي , باعتبار الموجودين في الحكم هم احزاب سلطة من (شيعة وسنة وكرد ) ومستحوذين على القرار السياسي في الدولة العراقية, ونفوذهم الحزبي في المحاصصة يمثل مناطق مكونات ,اما البقية فليس لهم صوت أو تمثيل في المؤسسة الحكومية أو البرلمان او نشاط سياسي ,ولا توجد معارضة سياسية حقيقية حتى المروجين للمصالحة السياسية هم من الذين يريدون أن يحافظوا على كيانهم السياسي المستقبلي أما المناوئين من الذين يرغبون أو يرفضون هذا الطرح ليس الغرض مصلحة عليا وانما من اجل مصالح شخصية ,وحزبية .
أن الحزب الاسلامي العراقي, وهو يمثل حزب اسلام سياسي , لا يتوافق حتى مع الطبيعة الاجتماعية للمناطق السنية ,ومن اخوان المسلمين المدعومين من قبل تركيا و قطر أو بعض الشخصيات السنية التي تدعم من قبل المملكة العربية السعودية أو الامارات اما الاحزاب الاسلامية الشيعية فان مرجعيتها السياسية والحزبية هي الجمهورية أيران .
هل تحقق المصالحة وفق رؤية احزاب السلطة مشروع مصالحة سياسي واسع ؟. ابتدأ المصالحة تعني جلوس الفرقاء السياسيين على طاولة واحد ومناقشة الية اجراءات تفعيل مصالحة سياسية ومجتمعية تحت مظلة طرف ضامن للاتفاق ,والذي يحقق تفاهم مقبول ويقدم تنازلات من اجل مصالحة تاريخية . ان مشاريع المصالحة التي تطلقها جهات حكومية أو شخصيات سياسية هي جزء من الحكومة ,وهم شركاء بالعملية السياسية ويرغبون بتوسيع دائرة الشراكة ببعض الوجوه الجديدة في العمل السياسي من سياسيين واعلاميين ورجال اعمال وهذه عملية وفق مفهوم ضيق لهذه الاحزاب في استمرارية المحاصصة وبقاء العملية السياسية عرجاء ,وهي لا تتعدى عن توسيع دائرة الغنائم السلطوية وهي لا تمس جوهر الخلاف السياسي أو الفكري أو العقائدي للرافضين للعملية السياسية و الامتيازات الحكومية لهم ولا تصب في صالح القوى المجتمعية التي تنشد الاستقرار في كل مناطق العراق , وهنا نقطة الخلاف الجوهرية بمفهوم المصالحة ,ولا يوجد طرف يقبل الجلوس في ظل التصور المجتمعي في هذه المناطق لانهم لا يدركون عمق الاستمرار باللازمة وتبعاتها المستقبلية والاستنزاف جراء الصدام المستمر .
إجراءات تحقيق المصالحة تتمثل بحدود أنهاء الخلافات السياسية, عن طريق الإجراءات القانونية والادارية ,كحسن نية بتخفيف من حدة الاحتقان السياسي في المناطق التي تعاني وضع جديد بعد 2003 في الإدارة ومنظومة الحكم ,وهذا يتطلب مصالحة شاملة وعفو عام يسبقها الية انضاج أهداف هذا المشروع في ظل وجود نخبة مجتمعية لا تمثل احزاب السلطة في التحاور والتفاوض وانما أحزاب معارضة تمثل اطياف المجتمع وغير ممثلة بالسلطة ,والاتفاق على برنامج للعدالة الانتقالية في ظل وجود الاسس السليمة وحسن النية وهناك ضامن لهذا الاتفاق الذي تسبقه مؤتمرات مناطقية تشارك به اطياف المجتمع المغيب وغير الممثل في السلطة أو المهمشين منهم .ومن ثم الاتفاقات السياسية التي تأخذ شكل الثمار القابلة للقطف دون عناء لوجود البيئة الصالحة للاندماج في المجتمع ,في ظل وجود مرتكزات التعايش وتحقيق العدالة والمساواة هذه الالية التي تضمن أركان الحوار لا يمكن تحقيق حدود للمصالحة الوطنية وفق تجارب أممية وهي جزء من تجارب شعوب والتي اصبحت بفضل أرادة المجتمعات والمسؤولية للمتصدين جزء من تاريخ حافل بالنجاحات لهذه الدول المتقدمة .
أن ترديد بعض السياسيين والاحزاب لمفهوم المصالحة الوطنية يعتبر مفهوم مبهم وغامض ولم يتحقق هذا الهدف الوطني على الرغم من تبني البرلمان والحكومة العراقية لهذا المفهوم ,كطرح سياسي ,بتعين المستشار السابق (خضير الخزاعي )والذي فشل بتحقيق هذا الهدف بعد تخصيص أموال طائلة لمؤتمرات داخلية وخارجية ,وتبني شعارات براقة في المصالحة الوطنية والنتيجة فشل كل هذه المؤتمرات في خلق بيئة صالحة لمصالحة سياسية وانعكاسها على الوضع الأمني والاجتماعي الذي يخدم السلم الاهلي العراقي , تجربة اقليم كردستان حققت مصالحة تاريخية على مستوى الشعب الكردي بل حتى مع أكراد السلطة من النظام السابق تم استيعابهم والاندماج مع المجتمع وفق تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة أو الحزبية وحققت تجربة اقليم كردستان نجاح باهر في استثمار الاستقرار السياسي والأمني على اعمار الاقليم وتقديم نموذج للتعايش السلمي الأهلي والاجتماعي الصحيح ,وسؤال يتردد هل تخطو بغداد خطوة الاقليم وتعلن مصالحة تاريخية ابعد ما تكون عن فكرة خيالية في عراق يتشظى الايام حبلى بالمفاجئات .