طرح التحالف الوطني مشروع قديم جديد باسم التسوية التاريخية او المصالحة الوطنية وقد ذهب رئيس التحالف الى عمان ثم طهران للترويج لهذا المشروع ان التسوية التاريخية المطروحة الان ما هي الا تكرار لمشاريع دأب السياسيون على طرحها كلما حل ظرف استثنائي او تعرضوا لخطر السقوط . . فقد تم اجراء اول مصالحة وطنية بين الحكومة العراقية والقوات الامريكية مع المجاميع المسلحة التي كانت تهدد القوات الامريكية وحكومة بغداد في ان واحد . وكان من نتيجة هذه المصالحة انبثاق الصحوات ، والتي جرى من خلالها تهدئة الوضع الامني في المناطق التي كانت تسمى بالساخنة . . وقد ظن المالكي آنذاك انه ناج من المعارضة ، وانه قادر على السير في مشروعه للاستئثار بالحكم على مبدأ ما ننطيها ! . فتم التنصل من اتفاقات المصالحة هذه. وقطع رواتب الصحوات ومنعهم من دخول الجيش كما كان متفقا عليه
وعندما تأزم الوضع ثانية تم تشكيل هيئات مصالحة ووزارة المصالحة . فتم من خلالها كسب بعض تكتلات واطراف سنية للمشاركة بالحكم . وكان من نتيجة هذه المصالحة تقاسم الوزارات بما يسمى بالمحاصصة السياسية ، التي شرعنت الفساد في الوزارات والدوائر كافة
والان يطرح علينا موضوع المصالحة للمرة الثالثة وعلى نفس النهج السابق ، والتي ستكون على ما يبدو مع شخصيات سنية جديدة لمشاركة التحالف الوطني في ما يسمى بالعملية السياسية . وسيتم من خلالها تقاسم ما تبقى من ثروة العراق والديون القادمة لتوزيعها على السياسيين القدامى والجدد . . وبذلك اصبحت المصالحة الوطنية ما يشبه اللعبة السياسية ، لضمان الاستمرار بالحكم لاطول فترة ممكنة
ان زيارات رئيس التحالف الوطني للتبشير بالمصالحة الجديدة سوف لن تجد نفعا . شأنها شأن المصالحات السابقة التي لم يجن منها الشعب العراقي اي خير ، ولم تتقدم باي خطوة نحو بناء الدولة التي فقدت اركانها الاساسية حتى اصبحت من الدول الفاشلة في العالم
ان المصالحة الحقيقية يجب ان تكون بين السلطة الحاكمة والشعب بكافة طوائفه واثنياته . لان الشقة قد توسعت كثيرا بين القابعين في المنطقة الخضراء وبين جماهير الشعب ان الشعب هو المتضرر الوحيد والمهمش من العملية السياسية . واذا ما اراد القائمون على السلطة في العراق مصالحة حقيقية مع الشعب فانه يتوجب عليهم اتباع خطوات مهمة في هذا الاتجاه . لتكون الاساس لاي مصالحة ناجعة . ولعل اهمها الاتي
١ _ الاعتراف بالفشل في ادارة الدولة ، وتفشي الفساد فيها . والعمل على اعادة الاموال المنهوبة من قبل المسؤولين السابقين والحاليين
٢ _ تطهير القضاء من العناصر المسيسة والفاسدة . ليتسنى الاعتماد على القضاة النزيهين والمخلصين للبت في قضايا الفساد السابقة والحالية على وفق مبدأ العدالة والقانون
٣_ تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي ، الذي نص عليه الدستور . لتحقيق الكفاءة في التعيين وتساوي الفرص لكل المواطنين . بعيدا عن المحسوبية او بيع وشراء الوظائف لصالح الاحزاب والكتل الحاكمة
٤_ تشريع قانون التجنيد الالزامي ، لترسيخ مبادئ الولاء للوطن ، وليس الولاء للاحزاب او للاشخاص المتنفذين
٥ _ تقديم الخدمات وتنشيط الصناعة والتجارة وتوفير فرص العمل داخل وخارج مؤسسات الدولة . لضمان اعادة ثقة المواطن بالدولة ورعايتها لمصالحه . وهذا سيؤدي الى شيوع روح المواطنة الحقة
هذه هي المبادئ الاساسية للمصالحة مع الشعب . وبعكسه فان اي كلام عن المصالحة سوف يكون مجرد تخدير اضافي لعواطف الناس وابعادهم عن مصالحهم الحقيقية
ان تخويف المواطنين واشاعة فوبيا الانقلاب على حكم الاغلبية . او عودة البعث ، او خلق اعداء ثانويين لهم ، سوف لن يجد نفعا لان الديموقراطية تعني حكم الاغلبية دون التفريط بحقوق الاقلية . وان الانتخابات النزيهة سوف تقدم حكومة امينة ومخلصة . دون ان يخشى المواطن من ضياع حقوقه من خلال حكومة لا تمثله ان اطروحات الانقلاب على الدولة سوف لن تنطلي على المواطن العادي . الذي اكتوى بنار الفقر والتهجير وفقدان الكرامة
ان من يريد بناء الدولة يجب ان يتبع الاساليب العلمية في ذلك . وبعكسه فان حبل الكذب قصير. واذا لم تستطع سلطة المنطقة الخضراء اجراء المصالحة مع الشعب او الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين ، فاننا سنشهد في قابل الايام تغييرات جذرية في نمط واسلوب الحكم . . لان الطبيعة تضمن دائما البقاء للاصلح وليس للافسد .