لا خلاف على الحاجة الى رتق النسيج الاجتماعي المتهرئ للعراقيين واجراء مصالحة وطنية شاملة ، بل الى مصالحة في دواخل المجموعات والاحزاب والمكونات التي تشتد حدة الصراعات فيما بينها.
مثل هذا الحوار يراد له جرأة من المتحاورين واعتراف مسبق بوجود الاخر مهما كان الاختلاف معه والعداء الذي يكنه كل طرف في قرارته الى الاخر.
منذ سقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري واغلبية الاطراف الفاعلة تتحدث عن طي صفحة الماضي وبدء عهد جديد يخلف وراءه المآسي والكوارث الا من اراد السعي الى حق يعتقده ولكن بموجب القانون ، اي ان يكون الحكم والفيصل ،وليس التصفيات الجسدية والحرمان وابقاء ابواب الاضطهاد (مستمرة) والارهاب الذي يحرق الاخضر واليابس ويكتوي الجميع بناره من دون طائل.
الحكومة وقوى سياسية عديدة تجري مشاوراتها وحواراتها في السر بعدما كانت في العلن بالامس القريب، وخصصت اليها وزارة للمصالحة ، ولكنها كانت لذر الرماد في العيون وليس اصغاء الى صوت العقل والحكمة والتجربة .. ها هي كوردستان تصالحت مع ممن كانوا هراوة بيد الدكتاتور صدام حسين وتناسى شعبها الاحقاد واندملت جراح الماضي الى حد اصبحت مسألة من التاريخ الذي يذكر ولايعاد.
هذه القوى والحكومة ايضا لا تثقف باهمية الحوار وتجري حواراتها وراء الابواب الموصدة وتتبرأ منه ما ان تضغط عليها بعض الاطراف .. بل ان قسما من القوى السياسية تستخدمه للتسقيط السياسي ومحاولة النيل من الشريك قبل عدو اليوم وربما صديق المستقبل ، مثلما حدث مع رئيس البرلمان الذي سعى البعض لاستجوابه وشكلت لجنة لهذا الغرض واغلب الظن ستدفن ما تتوصل اليه ،بعدما تبينت مؤشرات ودلائل حسب المصادر الاعلامية وغيرها ان الحكومة ضالعة في هذه الحوارات وحسنا تفعل الحكومة حين تتحاور مع البعض الذي يقف اليوم موقفا سلبيا او عدائيا ، فربما استطاعت ان تغير وجهات نظره وتستجيب الى بعض رؤاه وليس في ذلك خسارة او نكوص عن النظام الديمقراطي الذي ننشده ، بل بالعكس تعزيز له واكسابه منعه وحرمان الدواعش مما قد يكون امتدادا اجتماعيا لهم .
الحوار الذي يجري تحت الشمس يحمل عوامل نجاح اكبر بكثير من الذي يتم خلف الابواب الموصدة ، ولا يعرف عما يدور فيه شيئا وما يجهله الرأي العام يكون للاشاعات المغرضة تأثير ودور في اثارة البلبلة في صفوفه.
على اية حال ها هي قطر وليس في معرض الدفاع عنها ولا عن غيرها
تعلن عن قرب افتتاح سفارتها والسعودية تسمي سفيرها وقنصلها في اربيل اليس ذلك من مخرجات الحوار المباشر والاتصالات الدبلوماسية والشروحات لوجهات النظر، وهي بداية لتعاون اعمق واكثر جدوى على مختلف الصعد لما فيه خير شعوبنا.
ماذا سيقول الذين شنعوا على البلدين وارادوا ان نحد سكاكينا على هذين البلدين؟ اليست هذه خطوة جيدة واستجابة لمطلب بناء علاقات تعاون وحسن جوار بين الاشقاء ومقدمة لتطوير العلاقات؟
ان اي حوار بهدف المصالحة الوطنية وتحقيقها يحتاج الى قدر من الشجاعة والتسامح وابداء التنازلات والمرونة والترفع عن الصغائر والاجندات السياسية الضيقة والتأثيرات الضارة لاجل حفظ مصالح شعبنا ووحدته .