منذ اكثر من عشر سنوات يجري الحديث عن المصالحة الوطنية. وفي حال بقي نظام الحكم الحالي في البلاد القائم على مبدا المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية والمناطقية والـ “طيحان حظية” الى 115 سنة قادمة فانه في سنة 2115 سوف تشكل لجنة رفيعة المستوى للمصالحة الوطنية لتكون عدد اللجان مائة لجنة ولجنة. واللجنة هذه يراسها اما موظف رفيع المستوى هو احد ابناء الدكتور اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية لشؤون المصالحة الوطنية. وسوف يتم اقرار مبلغ بـ “المليارات طبعا” في الموازنة المالية انذاك لهذه اللجنة. وسوف تصدر بيانات بشان الاعداد لمؤتمر طويل عريض عن المصالحة الوطنية يحمل رقم 100 ومؤتمر. وسوف يؤيد البعض مشروع المصالحة الوطنية هذا مستثنيا بالطبع من تلطخت ايديهم بدماء ابناء واحفاد ماتبقى من الشعب العراقي للقرن القادم. وسوف يعترض البعض الاخر متسائلا .. مع من نتصالح؟ او كيف نتصالح في وقت ينصف فيه مشروع قانون المسائلة والعدالة (بعد 120 سنة ولايزال مشروع) البعثيين ولا ينصف الضحايا.
وعلى الوتيرة نفسها سوف يظهر سياسيون وحزبيون ومتسايسون ومتحازبون في برنامج ابن حفيد انور الحمداني في “استوديو التاسعة” من على قناة البغدادية التي يملكها انذاك ابن حفيد الدكتور عون حسين الخشلوك. وابن حفيد نبيل جاسم في برنامج “اكثر من حوار” على قناة دجلة التي يملكها انذاك ابن حفيد جمال الكربولي. وابن حفيد كريم حمادي في برنامج “مقابلة خاصة” في قناة العراقية الرسمية ليتحدثوا عن الكيفية التي ننصف فيها ضحايا البعث. والكيفية التي ينتهي فيها عمل لجنة المساءلة والعدالة.
انطلاقا من هذا السيناريو المتخيل للمصالحة الوطنية ارجو واتمنى واقترح واتوسل وابوس لحيات من له لحية وصلعات من له صلعة ان يكفوا جميعا عن الحديث المكرور والممجوج والتعبان عن المصالحة الوطنية. يا اخوان فات اوان المصالحة منذ عام 2003 وفي عام 2004 اصبحت المصالحة اكسباير. مفهوم المصالحة مرتبط جدليا مع مفهوم التسامح. وبما انه لايوجد فيكم من هو مستعد للتسامح حتى مع نملة تعود للنظام السابق اتركوا هذا الموضوع وانشغلوا بما هو اهم. صارت حرب اهلية وانتم تتفرجون. قتل عمر وعلي وانتم تتجادلون حولهم. نزحت الناس وتهجرت وتمددت داعش واختها ماعش وانتم تتحدثون بالمصالحة الوطنية. النساء ترملت والامهات “تثكلت” والاطفال تيمت والبغال .. انتحرت وانتم تتحدثون عن مشروع المصالحة ,”هم فوكاها مشروع” فقط. “اذا تكدرون” امامكم طريقان .. اما “تكرمونا بسكوتكم” او انشغلوا ـ اذا ما تصير زحمة عليكم ـ ببناء الدولة. شرعوا قوانين جديدة وطبقوا ما مشرع منها. تابعوا مافيات الفساد. اطلقوا الناس الاكثر براءة من السجون. الابرياء فقط اتركوهم الان في السجون فربما لدى البعض منهم نية لارتكاب جريمة. لكن هناك ابرياء جدا مازالوا يقبعون منذ سنوات في السجون والمعتقلات حتى دون السلام عليكم ولا اقول تحقيق. صدقوني الشعب كره عبارةالمصالحة الوطنية كرهه للكهرباء الوطنية. اعملوا “مصالحة سحب” ماكو مانع على الاقل فيها ضمان في حال توفر الوقود.