23 ديسمبر، 2024 9:40 ص

المشهد العراقي بين صناعة القرار والنفوذ الإقليمي

المشهد العراقي بين صناعة القرار والنفوذ الإقليمي

لعبت القوى السياسية في العراق على الصعيد الداخلي، دورا بارزا في تغذية واذكاء الورقة الطائفية ولغة المكونات التي لعبت عليها القوى السياسية العراقية بعد العام 2003، حيث هيمنت وسيطرت تلك القوى على مراكز القرار السياسي ومن الاستمرار في المشهد السياسي العراقي لحد الآن. فالتوظيف السياسي للطائفة والخطابات السياسية الطائفية التي طغت على المشهد السياسي في العراق أسقط كل المشاريع الوطنية الداخلية، وبموازاة ذلك، شجعت تلك المشاريع الطائفية الدول الإقليمية الراعية لهذه الطائفة أو تلك والهادفة إلى تفكيك وإضعاف الدولة العراقية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. ولهذا نرى الدولة العراقية تقبع في أزمات سياسية وأمنية واقتصادية منذ العام 2003.

ولذلك، لايمكن لصانع القرار العراقي أن يصلح الوضع السياسي للعملية السياسية ومن ثم إصلاح الوضع العام للدولة العراقية، إلا الخروج من سيطرة وهيمنة الدائرة الاقليمية بمشروع وطني حقيقي يأخذ مصلحة العراق الداخلية والإقليمية بنظر الاعتبار، وليس النقيض (أن يأخذ مصلحة الدول الإقليمية في العراق وتحقيق مصالحها واهدافها التوسعية على حساب العراق فإذا أدرك صانع القرار العراقي والقوى السياسية هذا الأمر وعملوا على مشروع وطني وفق رؤية بناء الدولة والإدارة الحكيمة للأزمات والحكم المتوازن القائم على مشروع المصالحة الوطنية الحقيقية الذي ينسجم مع دولة المواطنة والمهنية في اتخاذ القرارات وسياسة ادارة مؤسسات الدولة اعتمادا على مفهوم بناء الدولة بشكل حضاري وإنساني ووطني فوق كل الميول والاعتبارات الحزبية والطائفية، ومشروع عابر للطائفية والمحاصصة، بما يتناسب مع مصلحة العراق الإقليمية والدولية، حينها يمكن أن يكون الإصلاح في العراق إصلاحا حقيقيا، نابعا من رؤى وإجماع وطني داخلي، ومن الممكن أن يحرك العملية السياسية ويدفع بها بالاتجاه الصحيح. وعليه، هل إن صانع القرار العراقي قادر على بلورة الإصلاحات وفق الرؤى الوطنية والمصلحة الإقليمية للبلد، أم ستكون الإرادة الإقليمية والمحاصصة الطائفية والحزبية متحكمة في الإصلاح؟.

فلا تزال القوى الاقليمية تفرض سيطرتها السياسية بل العسكرية عبر اذرعها واجنداتها الموجودة في العراق وتكمن في ولاءات قادة وسياسيون لجهات خارجية بعد ان شهد العراق حربا ضد داعش واقتضت المصلحة الاقليمية بالتدخلات العسكرية الاقليمية والخارجية . وما تشهده الساحة السياسية اليوم من تنافسات ونتائج انتخابية ودعوات محمومة في الإصلاح الداخلي فالعامل الإقليمي والخارجي ليس بمعزل عن هذه الاحداث والمتغيرات وكل الاطراف الخارجية تسعى الى تحقيق اهدافها وأن تكون الإصلاحات متماشية مع مصالحه”، بغض النظر عن المصلحة الوطنية للعراق، بمعنى أن صناعة القرار العراقي في مفهوم الإصلاح لابد أن يتماشى مع الرؤى الإقليمية المتصارعة، ويحقق نوعا من التوازن الإقليمي .وإتاحة الفرص والحريات ودور أكبر للاقليات والقوميات والفئات الأخرى التي تشعر بالتغييب والتهميش في المشاركة الحقيقية في السلطة وفق المنظور العام للمصلحة الوطنية ومقتضيات المصلحة الاقليمية دون المساس في استقلالية العراق واستراتيجيته الوطنية.