19 ديسمبر، 2024 1:01 ص

المشكلة الاجتماعية وكيفية علاجها

المشكلة الاجتماعية وكيفية علاجها

لقد اهتم الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر(قدس) بالمشكلة الاجتماعية تشخيصاً وعلاجاً وفقاً للمنظور الإسلامي…ومن هنا تكتسب مؤلفاته (قدس) الأهمية الكبيرة لأنها تقدم للقارئ والباحث وعياً إسلامياً منقطع النظير..وهذا ما عبّر عنه أحد أهم وأعظم تلامذته(قدس) وهو السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) حيث قال في أكثر من مناسبة((أن السيد الشهيد محمد باقرالصدر(قدس) أوعى أهل زمانه…..))
آخذين بنظر الاعتبار أن الشهيد محمد الصدر(قدس)كان يرى بأن الدين يهتم بثلاثة أنواع من المعارف (بالعناوين العامة)وهي:-
1- الشريعة بما فيها علمي الفقه والأصول.
2- الوعي الإسلامي وهو إصلاح المجتمع وصولا إلى تأسيس دولة العدل.
3- العرفان وهو معرفة حقائق الأشياء بالحس والوجدان(العلم الحضوري).
ويؤكد شهيد الجمعة (قدس) بأنه قد تلقى من الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) نوعين من المعارف هما(الشريعة والوعي الإسلامي)…ومحل الشاهد هو التأكيد على مستوى الوعي الذي كان يتصف به السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس)…..
إن تتبع الوعي ومفرداته في فكر الشهيدين الصدرين(قدس) يتطلب دراسات وبحوث تفوق الجهد الفردي للمثقف والباحث!!! وليس من الصحيح إهمال أو إغفال هذا الوعي الخلاّق !!! فالمسؤولية الدينية والأخلاقية والوطنية تدعونا جميعاً للاهتمام بهذا الوعي ونشره بين أبناء المجتمع لأنه الهدف الأساسي الذي كان يقصده الشهيدان الصدران (قدس)….فتوعية المجتمع وتثقيف أبناءه وتربيتهم هو الشرط الأساسي لنشوء دولة العدل….
إن السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) كان يستعمل تعبير نجاح الحياة الاجتماعية وفشلها في بعض مؤلفاته…. فالفشل كان يمثل المشكلة الاجتماعية.
وقد برّهن الشهيد محمد باقر الصدر(قدس)من خلال بعض مؤلفاته على أن الدين الإسلامي بصورة عامة والعبادة بصورة خاصة هما السبب الوحيد لنجاح الحياة الاجتماعية….
وهذا واضح من خلال كتابه نظرة عامة في العبادات فقد أشار(قدس) في طيات هذا الكتاب إلى الخطوط العامة للحاجات الإنسانية التي عجز الفكر الإنساني في تقديم ما يصلح لإشباع هذه الحاجات الإنسانية الثابتة!!! ولكن الأمر مختلف جداً في الرسالة الخاتمة(الإسلام) لأن العقيدة والشريعة(بما فيها نظام العبادات)ضمنت علاج وإشباع هذه الحاجات الإنسانية التي يتوقف عليها نجاح الحياة الاجتماعية ولابد من ذكر هذه الحاجات الإنسانية توخياً لفائدة القارئ الكريم وهي:-
1- حاجة الارتباط بالمطلق.
2- حاجة الموضوعية في القصد وتجاوز الذات.
3- حاجة الشعور الداخلي بالمسؤولية كضمان للتنفيذ.
إن الدين الإسلامي هو الضامن الوحيد لإشباع هذه الحاجات لكن بشرط الإيمان والعمل الصالح وهذا يفسر لنا بوضوح عالمية الإسلام فهو دين الإنسانية جمعاء دون استثناء….وقد نجح الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) في إقامة البرهان من خلال مؤلفاته العظيمة…
ومن الجدير بالاهتمام ما ذكره السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) في موسوعته المهدوية فقد تناول (قدس) المشكلة الاجتماعية الأساسية حيث قال(قدس) في تاريخ الغيبة الصغرى بأن أصل المشكلة يكمن في “….انحراف المجتمع أساساً عن العدل الإسلامي وعدم وعيه له وعدم استعداده لتطبيقه والتضحية في سبيله…..”فالشهيد محمد الصدر(قدس) يذكر في المصدر نفسه بأن مشاكل الفساد الإداري والرشوة والظلم والتعسف والاضطهاد وبذخ الحكام وانتشار الرذيلة والفقر والجهل….الخ تمثل فرع المشكلة وليس أصلها وبطبيعة الحال يكون من المنطقي علاج أصل المشكلة….ولم يقتصر الشهيد الصدر الثاني(قدس) على بيان أصل المشكلة فقد ذكر(قدس) في نفس المصدر الحل والعلاج حيث قال(قدس)”والحل يكمن في محاولة إيجاد الوعي وتثقيف الناس حتى يخضعوا للحكم العادل ويكون طيباً على نفوسهم….”
وهذه المحاولة لحل أصل المشكلة تمثل الظاهرة البارزة في مسيرة الشهيدين الصدرين(قدس) الجهادية بالرغم من صعوبتها وخطورتها وكان الثمن هو التضحية بالنفس في سبيل توعية الناس وتثقيفهم وتربيتهم وقد نجح الشهيدان الصدران(قدس) في ذلك وخير شاهد على ذلك هذا العدد الضخم من الشهداء من مختلف شرائح المجتمع الذين ضحوا بأنفسهم نتيجة الوعي الذي ملئ عقولهم وقلوبهم.