23 ديسمبر، 2024 7:31 ص

من يسمع باسم المشنقة يأخذه خياله إلى القيام بعملية إعدام ومصادرة روح من جسدها بطريقة أصبحت معروفة ، وحينما يتم استخدام هذه الآلة البدائية في إزهاق الأرواح يشعر المتضرر من فعل من شنقوه بهدوء نفسه واستقرار جوارحه لأنه يعتقد أنه أستخلص قيمة رد الفعل لنفسه ممن أساء له بأي طريقة كانت .

وبعد تطور آلة المشنقة حينما طورها الفرنسيون في نهاية القرن التاسع عشر ليصنعوا المقصلة ، وكانت الغاية من ذلك صناعة عوامل الرعب لدى عامة الناس في عدم مخالفة القياصرة والملوك في قراراتهم ، ولكن ظلت المشنقة محبذة لدى شعوب الشرق لأنها تنهي المهمة من دون رؤية منظر الدماء .

ولكن ماذا عمن قام بنشر ثقافة الدماء والدمار والقتل ، وصناعة منهجية طائفية مبرمجة ومدروسة سلفا ، صنعها تحت غطاء التدين ، وباسم الخلاص من الحكام الظالمين والدكتاتورية ، فقدم الوعود والعهود ، ورسم مدينة فاضلة كالحلم ، فصار الفقراء والكسبة والبسطاء يتراكضون دفاعا عمن وعدهم فأعطوه صورة الزعيم والمخلصٌ حتى أسس لقاعدته الأولية ، وحينما بدأت صورته تنحسر وتتكشف نواياه من خلال أفعاله المشية والمفضوحة أنسحب عنه من توعى من تلك القاعدة ولكن بعد فوات الأوان لأنه تمكن من سرقة أموال البلاد من خزائن الدولة بطرق مختلفة بشكل لا يوصف وأودعها داخل وخارج العراق وأسس لإمبراطورية المال السياسي الفاسد ، ليتحول إلى شراء الذمم حتى عبر من حكم ولايته الأولى التي نزلت عليه بالصدفة إلى ولاية ثانية أذاق العراقيون فيها مر الحنظل .

لو قمنا بمقارنة بسيطة بين نوري سعيد ونوري المالكي حينما تعرض الأول للشنق ومن ثم حرق جثته وسحلها بشوارع بغداد ، وعند التبحر ببعض تصرفاته التي أوصلته إلى هذا المصير ، حيث كان يتمتع بالتواضع والبساطة وصراحة الرأي حينما كان يفكر بصوت عالي ، ولكن تلاطم الوضع السياسي في حينها بين الشيوعيين والقوميين وبعض الإسلاميين وغيرهم من التيارات الأخرى الموجودة على الساحة العراقية آنذاك ، وعلاقته وتهمته بالعمالة والتعاون مع الانكليز ، بالوقت الذي كانت الدولة العراقية الحديثة لا تزال ناشئة ووضعها الاقتصادي هش ولا توجد إمكانات مادية رصينة ، وكان الدور للعسكر واضحاَ ولهم تأثيرهم على الأرض ، فدفع نوري السعيد فاتورة كلفته حياته لأفعال كانت لا ترتقي للعقوبة التي حلت به .

مقارنة بالأفعال التي قام بها نوري المالكي ابتداء بالتعاون التام مع قوات الاحتلال ، وتنفيذ أوامرهم ، حتى أصبح موثوقاَ لديهم ليتم التوافق عليه بين الولايات المتحدة وإيران ليظل رئيسا للوزراء ويحضى بقبول الدولتين ودعمها سياسيا له ، لأنهما ألاعبين الرئيسين بالوضع العراقي أي بصورة أدق يمكن تسميته بعلم السياسة ( العميل المزدوج ) وبذلك قد باع ولائه ومصلحة العراق لأجل مصالح الآخرين ، وهذه التهمة وحدها تكفي لشنقه مائة مرة لأنها تسمى بالقانون الجنائي ( الخيانة العظمى ) .

أما ما فعله من مصائب قد حلت على رؤوس العباد طيلة ثماني سنوات عجاف مرت فلا تُعد ولا تُحصى من هدر الأموال إلى ضياع الميزانية ، إلى سرقات ملايين بل مليارات الدولارات وآخرها ما أعلن عنه من ضياع سبعة مليارات دولار أو سرقتها كما وصف مدير مكتب المالكي في حينها من مكتب القائد العام ، والمضحك أن يقوم المالكي باستغفال عقول الناس ليصور لهم وكأن مكتب القائد العام موجود بكراج العلاوي وتم السطو عليه ليتم سرقة مبلغ ضخم كهذا يساوي ميزانية دول !!

مرورا بالمشاريع الوهمية ، والفضائيين والذي تبين ، وخاصة فضائيي القوات المسلحة كان أمرهم مدروسا ومبرمجاَ والأموال الفضائية كانت تذهب لجهة مرتبطة بمكتب المالكي ليتم تجييرها له شخصيا ولحزبه وللمخلصين من أتباعه .

والقائمة تطول من عدد وحجم الجرائم التي أرتكبها ، حيث فتح حدود العراق للجميع وأستدرج مجرمي منظمة القاعدة التي فرخت لنا داعش وأفراخها الآخرين ، حينما عمل بسياسة إقصائية واضحة ، لأهل الوسط والجنوب قبل مواطني المنطقة الغربية ، ولكن التخبط الطائفي ممزوجا بفتاوى دينية من بعض المرجعيات ، وزراعة عامل التخويف من الطرف الأخر وتهديد كيان وجود طائفة كاملة تنتشر من وسط وجنوب العراق ، جعل مواطني الوسط والجنوب ينتظرون ويراقبون لأنهم لا يملكون بديلا جاهزا يمثل طموحاتهم ، فقبلوا بالأسوأ ليس حبا به ، أما مواطني المنطقة الغربية فتم استغلالهم من قبل جهات لها مصلحة في إيذاء العراق ، لتصوير الأمر لهم على أن المالكي يمثل مصالح أهل الوسط والجنوب ، وهذا مخالف للحقيقة لأنه لم يمثل يوما إلا مصالحه الشخصية والحزبية الفئوية .

القضاء وجميع دوائر الدولة المسئولة عن استتباب العدل وتحقيق العدالة ورد الظلم هم من يتحمل المسئولية التاريخية والوطنية ، لمحاكمة من فسد وتجنى ، وهدر المال وصنع قوات مسلحة كسيحة لا تملك سوى التشبه بملابس الأمريكان ، لا تملك الكفاءة أو العقيدة العسكرية المطلوبة ، وكانت خسارة الموصل وما تبعها دليل كافي لإعادة النظر بكل شيء .

يحتاج المالكي أن يقوم بزيارة إجبارية لمقر الشعبة الخامسة بالكاظمية ، عند جسر الأئمة لأنه يعرف هذا المكان ، وشهد فيه نهاية فصل سياسي طويل وأصدر أمره بلف الحبل ، واليوم جاء الوقت الذي يجب أن يُعاد حق الشعب ودماء أبنائه وأموال مواطنيه المهدورة والمنهوبة كي تنطق المشنقة من جديد لتعيد ألينا حقنا الضائع .