23 ديسمبر، 2024 3:43 ص

المشروع الوطني سيف قاطع لا براق

المشروع الوطني سيف قاطع لا براق

لا أحد يمكنه التكهن بما ستجلبه الأيام القادمة من أحداث، فالعراق يعيش في بحر متلاطم الأمواج، لكن الانتخابات القادمة حتما ستأتي بجديد قد يغير من معادلة التوازنات السياسية الحالية.

هذه المعادلة اعتمدت الاصطفاف الطائفي كمورد رئيسي لكسب أصوات الناخبين، وجعلت من مفردة المكونات التي ذكرت في الدستور شماعة لها، فهل سيستمر العمل بها أم أن هم الوطن ككل سيطغى عمليا على الثوابت الأخرى كالقومية والمذهبية، لينبثق منها مشروع الوطن؟

هناك شك في هذا الأمر لأكثر التحليلات تفاؤلا، لأن الحكومات المتتالية عملت على تكوين “كنتونات” فئوية وخدمت مصالحها بالدرجة الأساس بينما بقي الوطن وحيدا، ليقع ضحية التدهور الأمني والخدمي والاجتماعي، فعم الفساد وساد الإرهاب.

تغيرت الأحوال هذه الأيام، وطرد “داعش”، وانتعشت الأسواق النفطية، وذللت الصعاب برغم وجود العشرات من المشاكل العالقة في مقدمتها الفساد، فلا زال هذا الوباء ينخر في جسد الدولة، أما المواطن فأمنيته الوحيدة أن يشهد مشروعا وطنيا ينأى بنفسه عن الاصطفافات السابقة، ويلتفت الى الوطن كثابت أساسي وسط هذه المعادلات الفاشلة.

هناك دلالات واضحة على أن أغلب هذه المعادلات ستعود للواجهة، فبوصلة رئاسة الوزراء متغيرة الوجهة، والكل عينه عليها باعتبارها الوتد الأساس والأقوى الذي ترتبط به تشكيلة الحكومة في النظام البرلماني.

بعض الكتل أعلنت صراحة بأنها مع رئيس الوزراء الحالي، بل ذهبت أبعد من ذلك بدعمها له لولاية ثانية، وهذا الموقف ليس غريبا مع يستلم زمام الأمور، ويمسك بربقة الساحة السياسية، فيما لو قرأنا المواقف السابقة، لكن القادم هو ما تحدده مفاوضات الساعات الأخيرة.

أما حاليا فالمفاوضات لم تنفع مع معظم الكتل الكبيرة فقد انفرط عقدها، وبعضها تشظت بوجود رأسين كبيرين وجسد طويل وعريض، مؤلف من عدة كتل واذرع مختلفة المناشئ شرقا وغربا.

الفساد بدوره أصبح سلعة ترويجية، تلوكها ألسن الساسة “فاسدون ومصلحون” فيستمتع بها المواطن، ويتلذذ بها مدة من الزمن، مع علمه بأنها سيوف براقة “تلمع” ولا “تلسع”.

أخيرا فإن صاحب المشروع الوطني الحقيقي يجب أن يعرف كل المعادلات السابقة، وحجم الفساد ولعبة المحاور الحالية، كما لا تفوته حالة الاقتصاد وتهديدات داعش الخفية، ولا بد له أن يحمل سيفا قاطعا وليس براقا.