29 أبريل، 2025 10:49 ص

المشاريع السكنية الاستثمارية .. تساؤلات بلا إجابات

المشاريع السكنية الاستثمارية .. تساؤلات بلا إجابات

تتباين الأرقام الخاصة المتعلقة بأزمة السكن في العراق ، فهناك من يقول إن هناك حاجة ل2 مليوني وحدة سكنية وهناك من يقول إن الحاجة بحدود 4 ملايين كما يقولونان العدد اكثر عند اضافة غير المحسوم من الزراعي والتجاوزات ، وبغض النظر عن العدد الدقيق فان البلد كان ولا يزال يشهد أزمة سكن حقيقية ناتجة عن قصور عدد الوحدات السكنية ( الصالحة ) للمواطنين وتجدد حاجات السكن بسبب الزواج والإنجاب والرغبة في الحصول على سكن عائلي مستقل ، وهذه الأزمة ليست وليدة اليوم وإنما متوارثة منذ عقود وتتضاعف تداعياتها عاما بعد عام ، والعراقيون كانوا يأملون معالجة الأزمة بعد 2003 حيث استبشروا بالوعود التي اقترنت بالمباشرة في التنفيذ الفعلي لمشروع بسماية السكني الذي كان خطوة موفقة نحو المعالجات ، ولكن ( الحلو ) لم يكمل فلا هذا المشروع قد أنجز بكامل طاقاته التخطيطية بموجب التوقيتات ولا مشاريع سكنية ضخمة لحقت به كي لتفتح أبواب الأمل والحل ، وبغياب الحلول التي تناسب ظروف وإمكانيات المواطن محدود الدخل ولدت المشاريع السكنية التي نتجت عن قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 ، فرغم التسهيلات التي وفرها القانون للمستثمر إلا إن واقع الحال يؤشر عجز العديد من محتاجي السكن لولوج شروط ومتطلبات شركات هذا المشروع ، فالقيمة التقديرية والفعلية لوحدات السكن في بغداد والمحافظات في حالة غلو وارتفاع وتسبب إحباطا للكثير حتى وان كانت مواقع الإنشاء خارج مراكز المدن في بغداد والمحافظات ، والشروط الخاصة بالتسديد موجهة لشرائح محددة من المواطنين وكما يظهر ذلك من خلال مقدار ومواعيد التسديد ، وفي واحدة من تلك المشاريع يطرحون عرضا يتضمن توفير دار سكنية في أطراف العاصمة ( أبو غريب ) مشيدة على ارض مساحتها 200 متر مربع بطابقين والسعر الإجمالي لهذه الدار 390 مليون دينار وتسدد نقدا او بالا فساط والدفع النقدي يوفر تخفيضا مقداره 8% من مبلغ العقار وإذا تم التسديد بدفعات فيطلبون نصف المبلغ مقدما والباقي بأقساط شهرية مقدارها 10 ملايين دينار كل ثلاثة شهور ويشترط تسديد المبلغ كاملا قبل الانتهاء من البناء وتسليم الدار خلال 2027 .
وان عرضا من هذا النوع يطرح العديد من التساؤلات ، أولها هل إن قانون الاستثمار موجه لخدمة المواطن او المستثمر ؟ ، فما يفهم من تلك المشاريع إن المستثمر يستفيد من قطعة الأرض المخصصة للمشروع ويباشر بالتنفيذ من مدفوعات المواطن ( مقدمة وإقساط ) ومن مبادرة السكن التي تتمتع بها بعض المشاريع وتتضمن تلك المبادرة تمتع المواطن بقرض طويل الأجل وهذا القرض يدفع للشركة المنفذة على إن يتولى المواطن تسديد الأقساط بعدد من السنوات برهن الوحدة السكنية ، والمواطن يجب أن تتوفر فيه شروط للتمتع بقرض المبادرة منها أن يكون موظف مستمر بالخدمة وبراتب يتناسب مع مبلغ القرض وإذا كان راتب الموظف لا يغطي مبلغ القرض فعليه إدخال رواتب كفلاء آخرين معه لتكون رواتبهم جميعا كافية لتسديد القرض و الأقساط ، ومما يدل بان الشركة تستفيد من تلك الأموال فان مواعيد التسلم تمتد لأوقات تتزامن مع دفع كامل الأموال ، والسؤال الآخر هل تم فحص الاسعار والعروضات من قبل جهات محددة في هيئة الاستثمار او غيرها للتأكد من عدالة الأسعار وعلاقتها بالتكاليف ؟ ، فإذا كانت الأرض مجانية او بأسعار تشجيعية من الاستثمار وقيمة البناء ( بأسعار السوق ) لا تتجاوز 100 مليون دينار فهل يعقل أن تكون إرباح المستثمر أكثر من 100% في الكثير من الحالات ؟ ، والتساؤل الأخر يتعلق بمدى توافق رواتب الموظفين في مختلف الدرجات الوظيفية ( عدا العليا والخاصة ) مع قيمة مبالغ الأقساط للشركة وأقساط المبادرة ؟ ، فنحن لم نسمع عن موظف يستطيع أن يدفع عشرة ملايين دينار كل ثلاثة أشهر ولمدة 3- 5 سنوات متواصلة ، وإذا كان الموظف البسيط والنزيه لا يستطيع الدفع فمن هم رواد تلك المشاريع ومن أين لك هذا في التسديد ؟! ، وهناك تساؤل آخر عن أسباب ارتفاع أسعار بيع العقار ( شقة او دار ) حينا بعد حين رغم أن الأرض من الاستثمار وقيمة التضخم السنوي في البلاد اقل من 4 % خلال هذه السنوات وسوق العقارات في حالة انكماش ؟، ويمكن التساؤل أيضا لماذا لا يتم تسجيل الوحدة السكنية في التسجيل العقاري بعد دفع كامل بدل البيع او حين دفع المقدمات فالضامن هو الدار ويمكن وضع إشارة الحجز لصالح الشركة لحين التسديد ، ومن هي الجهة الضامنة بان الحصول على سندات القرض العقاري ممكنا فعلا بعد التنفيذ دون منازعات ؟! ، وقد لا نجد إجابات وافية لتلك الإجابات ، ولكن واقع حال ساكني ومالكي بعض الوحدات السكنية المنجزة في بوابة بغداد والجادرية وغيرها قد يدل على البعض من ذلك الجواب !! .

أحدث المقالات

أحدث المقالات