تعد مساهمة المواطن في إدارة شؤون بلده، من أهم ركائز حقوق الإنسان الذي أكد عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، وأهم صور هذه المساهمة هي المشاركة في الانتخابات العامة لاختيار ممثليهم في حكم البلد، على أن تصان هذه المشاركة في الانتخابات بمجموعة من الضمانات، منها مبدأ المشروعية وهذا المبدأ يعني خضوع الحاكم والمحكوم إلى القانون المطبق في داخل الدولة، ومن الضمانات توفر المناخ الديمقراطي الذي تكون فيه الحريات السياسية مكفولة وهذا ما أكدت عليه المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ويسبق كل ذلك حرية تكوين الأحزاب السياسية مع ضمان مبدأ التنافسية والبدائل الانتخابية، حيث يعد تعدد الأحزاب مظهراً من مظاهر الحريات العامة، فإنه يعد من ناحية أخرى ضماناً لجميع الحريات، بما فيها حرية (المشاركة السياسية-الانتخابات).
إضافة إلى الرقابة الدولية على الانتخابات، أي تتم الانتخابات تحت اشراف مراقبين من دول غير تلك التي تجري فيها الانتخابات، للتخلص من كل شبهة حول عدم الحياد أو التحيز، ومن الضمانات الأخرى رقابة منظمات المجتمع المدني والتي تأتي أهميتها من خلال متابعة الانتخابات ورصد ايجابياتها وسلبياتها.
وبعد بيان المرجعية الدينية التي لها ثقلها الكبير على الناخبين، حيث أكدت على تشجيع كل الناخبين بالمشاركة (الواعية والمسؤولة) في الانتخابات القادمة، وقد وضعت الواعية والمسؤولة بين قوسين لأهميتها، لأن المشاركة الواسعة قد تجلب نفس الوجوه التي أوصلت البلد إلى هذا الحال.
إذاً يجب أن تكون المشاركة واعية مسؤولة، وأن يكون الاختيار صحيحاً، والانتخاب الصحيح ينطبق عليه قول المرجعية السابق (المجرب لا يجرب)، وأغلب الوجوه الموجودة في الساحة السياسية جُربت وكانت التجربة مريرة، والأسوأ من ذلك أن هذه الوجوه انتمؤها إلى الخارج وتنفذ اجندات خارجية جل أهدافها تدميرية.
والبيان أكد على أخذ العبر والدروس من التجارب الانتخابية الماضية، وقد فضح البيان زيف كل من يدعي دعم المرجعية له، حيث أكد البيان ذلك بالقول “المرجعية العليا تؤكد اليوم ما حرصت بمثله قبل الانتخابات الماضية من أنها لا تساند أي مرشح أو قائمة انتخابية على الاطلاق … تؤكد عليهم أن يدققوا في سير المرشحين في دوائرهم الانتخابية، ولا ينتخبوا منهم إلا الصالح النزيه…”.
أصبحت الكرة في ملعب الناخب العراقي، من يريد وطناً يتأنى جيداً ويكون انتخابه بوعي ليختار الصالح النزيه، ويبتعد عن كل المجربين، وقد جربوا وفشلوا فشلاً كبيراً والدليل ما عليه حال البلد من بؤس وتردي قد يصل إلى حد الانهيار، والخيار الثاني هو اختيار نفس الوجوه التي تمثل الأحزاب السياسية الذين ضحكوا علينا طيلة أكثر من 18 سنة، الفيصل بين الوطن وضياع الوطن هو يوم العاشر من هذا لشهر، ليكن خيارنا الوطن والوطن فقط.