23 ديسمبر، 2024 1:31 ص

المسيرات الكربلائية  دحر للوهابية

المسيرات الكربلائية  دحر للوهابية

المسيرات المليونية الكربلائية هي مشروع للتغيير المستقبلي الذي ينتظره العالم , لانقول أنها مبرأة من الشوائب وألاخطاء الفردية , فمن يقول بذلك لايعرف معنى العصمة وحدودها , ولايعرف مسيرة الفتح ألاسلامي أيام رسول الله “ص” حيث كان رسول الله “ص” مصححا لمايقع من أخطاء فردية كتلك التي وقعت من حاطب أبن أبي بلتعة وندم عليها حاطب وقبل رسول الله “ص” ندمه ورفض طلب الصحابي عمربن الخطاب بقطع رأس حاطب ؟ وكثيرا ماكانت أعتراضات بعض الصحابة على مواقف رسول الله “ص” تختزن مؤشرا على عصبية سيكون لها أثرا في مستقبل أدارة الحكم وشؤون الناس بعد رحيل رسول الله “ص” الى الرفيق ألاعلى .

المسيرات المليونية الكربلائية  وعندما نقول مليونية  لانقصد وقوعها في يوم واحد كما يحلو لمن تستهويهم التعليقات مدفوعين بأحتقان طائفي فيستكثرون الرقم المليوني حتى ليعدوه مبالغة  ولكنهم نسوا أن المليونية هي مجموع المشاة  الراجلين والقادمين بواسطة السيارات والقادمين من خارج العراق بواسطة الطائرات لمدة تستغرق عشرة أيام في العاشر من محرم ولمدة تستغرق عشرين يوما في الزيارة ألاربعينية ” 20 صفر ” فالذي يعرف طبيعة الزيارة لكربلاء أو للنجف ألاشرف أو للكاظمية يعرف أن الزائرين يغادرون مقامات ألائمة ألاطهار فور أداء مراسم الزيارة ويرجعون الى مدنهم وبلدانهم , وليس كما يتصور البعض عندما يسمع بالرقم المليوني فيسارع الى عدم تصديقه وكأن ذلك من المفاخر التي يعتز بها هؤلاء وقد نسوا أن الصحافة العالمية ووكالات ألانباء الدولية تعرف عن مفردات الزيارة الكربلائية وحشودها أكثر مما يعرف الذين يحسدون هذه الظاهرة وينظرون اليها بعين السخرية أحيانا وبعين الامبالاة في كثير من ألاحيان لانهم لم يعرفوا الثقافة القرأنية أولا والتي تركز على قضية ألاصطفاء والذرية الصالحة مثلما تركز على الغيب والشفاعة والتقوى والتقية والبداء والعصمة وألامامة , وهذه جميعها مبثوثة في ثنايا ألايات القرأنية ونصوصها الشريفة التي لايعرف تأويلها ألا الله ورسوله والراسخون في العلم , وعبر المواقف الرسالية الجهادية لرسول الله “ص” التي أمتدت في تبليغ الرسالة لمدة ” 23″ سنة عرفت فيها الكثير من المواقف وتميز أصحاب رسول الله “ص” بعضهم عن بعض كما تميز أنبياء الله “ع” بعضهم عن بعض بالفضل والفضيلة وهذا تبليغ من الله تعالى وليس رأيا من أحد : تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ” والذين حرموا من معرفة الثقافة القرأنية هم الذين قالوا جهلا ببشرية رسول الله “ص” فجردوه مما أعطاه الله تعالى من خصائص وميزات مثل : عدم مناجات الرسول ألا بعد تقديم صدقة عن ذلك وهو أمتحان لدقة أداء الصحابة ومن عاصروا رسول الله “ص” ومثل عدم جواز مخاطبة رسول الله “ص” والبوح بالكلام كما يبوح مع أصدقائه , ومثل : عدم جواز الزواج من نساء النبي “ص” بعد وفاته وهي كرامة لرسول الله “ص” عندما أعتبرت نساء النبي “ص” أمهات المؤمنين لتشريع سبب حرمة الزواج منهن وهو رد على بعض النفوس المريضة التي كانت تقول لماذا يتزوج محمد نساءنا ولا نتزوج نساءه ؟ ثم أضاف البعض بوقاحة وقال : والله لنمشي بين خلاخيلهن بعد وفاة محمد ؟ هذا النمط من التفكير لازال موجودا اليوم ويتخد من الوهابية مشروعا للفتنة  والذين يقفون حول ضريح مقام رسول الله “ص” في مسجد المدينة المنورة ويسمونهم ” المطوعة ” هم نموذج للثقافة الوهابية التي ترى أن محمدا “ص” بشرا قد مات ولايجوز أن تكون له مقدسات ولا شعائر ولا مراسيم مستكثرين ذلك على خاتم ألانبياء والمرسلين ومن كان قاب قوسين أو أدنى ومن بلغ سدرة المنتهى , بينما يقيمون هم لزعمائهم وأمرائهم وملوكهم وهم من جهلة الناس يقيمون لهم كل ألاحترام والولاء المبالغ فيه وبعض صوره مايراه الناس من اللقطات المتلفزة التي تعرض ملك العائلة السعودية وكيف ينحني أمامه أفراد حاشيته ومن هم في السلطة الزمنية غير الشرعية وكيف لايسمح لهم بمصافحته ولا تقبيله ألا بكتفه للبعض والبعض ألاخر يكتفي بألانحناء والسلام عن بعد هكذا يقيمون مراسيما مفتعلة لرؤسائهم الدنيويين , بينما يمنعون المسلمين القادمين بلهفة للسلام على ضريح النبي ” الذي يعتقدون أنه حي وأن مات وأنه معهم وأن فارقهم تؤيدهم في ذلك نصوص القرأن الذي نزل بالحق والذي يدعو للتي هي أقوم , وقد ترجم ذلك خازن علم رسول الله “ص” وتلميذه ألامام علي بن أبي طالب عليهما السلام عندما قال : أيها الناس خذوها عن رسول الله “ص” حيث قال : يموت الميت منا وهو ليس بميت , ويبلى البال منا وهو ليس ببال ؟

لقد كانت الوهابية ردة ثقافية في الثقافة ألاسلامية أخذها تلميذ لم يكمل تحصيله الديني كما هو عند فقهاء المذاهب ألاسلامية الذين قرروا تقسيم المجتهد الى مجتهد مذهب , ومجتهد نص درسي , بينما قسمته مدرسة أهل البيت الى مجتهد مطلق , ومجتهد متجزء , ولايعول على المتجزء ألا في مقام أختصاصه , ويظل المجتهد المطلق هو من يؤخذ عنه بشرط موافقته لما جاء في القرأن وسنة رسول الله “ص” وما قدمه أوصياء رسول الله “ص” ألائمة ألاثنا عشر المعصومين , ومن معالم صحة هذا المنهج أنك لاتجد أماما من أئمة أهل البيت عليهم السلام يخالف أو يختلف في الرأي والفتيا مع من سبقه من ألائمة ألاطهار بينما نجد الخلاف وألاختلاف بين أئمة المذاهب ألاسلامية بعضهم مع بعض واسعا وكبيرا حتى شكا من ذلك الناس وأرخه الشعراء قال أبو العلاء المعري :-

أجاز الشافعي فعال شيئ .. وقال أبو حنيفة لايجوز

فضاع الشيب والشبان منا .. وما أهتدت الفتاة ولا العجوز

والوهابية التي جعلت من أراء أبن تيمية منطلقا لها وهو مؤسس ثقافة العنف والشبهات عندما يقول على شيعة أهل البيت “ع” : عليهم السيف المسلول الى يوم القيامة ” هذه الوهابية التي قادها شاب لم يكمل تحصيله العلمي وهذا مالايعرفه الناس مثلما لايعرفون شيئا عن أبن تيمية سوى أنه شيخ ألاسلام وما يدرون أنه خالف علماء أهل السنة والجماعة في خمس عشرة من مسائل الفتوى منها جواز الوضوء بالماء المضاف ؟

هذه الوهابية التي تسفك الدماء اليوم بلا رادع ولا مسؤولية وتخرب بلاد المسلمين سنة وشيعة ودروز وزيدية وأسماعيلية وأشعرية ومعتزلة وصوفية وسلفية مؤمنة وهي غير السلفية التكفيرية التي أصبحت جزءا من الوهابية خصوصا بعد ظهور النفط في بلاد الجزيرة والخليج حيث راح أتباع الوهابية يقدمون ألاغراءات المالية لشيوخ ومدرسي الجامعات الدينية  في كل من ألازهر وجامعة القيروان وجامعة عليكرة فأستمالت قسما منهم كما تفعل داعش اليوم حيث تقوم بتقديم دفاتر الدولارات الى بعض رؤساء العشائر في ألانبار كما صرح بذلك علنا الشيخ عبد الرحمن النمراوي مثلما تقوم في مساجد الفلوجة بتقديم “1000 ” دولار لكل شاب يلتحق بهم , ودعوى تقوم على المال لايكتب لها النجاح هذا فضلا عن الكذب وألانحراف عن جادة الحق مثل ألاغتصاب والسبي وقطع الرؤوس وتخريب الممتلكات والقتل على الهوية وأعترافات الذين يقعون بأيدي الجيش والشرطة العراقية وتعرض أعترافاتهم على الفضائيات يتبين للناس كم هؤلاء على ضلال والضال لايصلح أن يكون صاحب مشروع فضلا عن أن يكون ثائرا أو مصلحا , بينما نرى أتباع المسيرة الكربلائية وهم بالملايين يندفعون بأتجاه كربلاء بأعتبارها قبلة الجهاديين والسائرين نحو الحق , فهم متبرعون لايبغون مالا ولا منفعة أو منصب , ومن يقوم بالخدمة من تحضير الطعام والماء والشراب والمنام هو أيضا متبرعون من مالهم الخاص ومضحين بجهدهم ووقتهم في سبيل خدمة زوار العتبات المقدسة على قاعدة ” ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب “

والمقارنة بين هذين الفريقين فريق الموكب الكربلائي المجاهد بسلم وسلام  وفريق التكفير ألارهابي المهووس بالغوغاء وأستباحة الدماء واللهو بفوضى السلاح التي لايقف ورائها هدف أنساني له مصداقية , ولا هدف شرعي مقبول , وهذا البون الشاسع بين الفريقين سيكون موضع تسائل بين الناس , وقد بدأ هذا التسائل في كل من العراق وسورية ومصر واليمن , وستكون النتيجة معززة بمعطيات كونية تصاحب الغليان البشري في سعيه نحو تحصيل الحقوق وأقامة العدالة , وستكون العدالة أقرب الى المشروع الكربلائي المليوني لانه مكون من أتباع متبرعين , ومن كتاب ومثقفين نهلوا من مائدة الثقافة ألاسلامية بأركانها القرأنية ومن مرجعية ترعاه وتوجهه طوعا بأصالة تنتمي لمدرسة الولاية التي قرر خطها رسول الله “ص” بأمر من الله تعالى ” يا أيها النبي بلغ ما أنزل اليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس “

أمام هذه الحقائق وهذا الواقع المحاط بكون متدين لابد للمشروع الكربلائي المليوني من أنتصار , فأتباعه من كل بلاد العالم هم رواد صدق ومحبة وولاء مع الكون  لصالح البشرية التي خذلتها أنظمة وحكومات التضليل وألاستكبار , بينما أتباع الوهابية أصبحو يثيرون النفور وألاشمئزاز بين من عرفهم وحتى من ينتمي لهم بالنسب والقرابة ومشروع الوهابية لابد له من ألاندحار .