23 ديسمبر، 2024 6:35 ص

المسلمون وفهم النص القرأني

المسلمون وفهم النص القرأني

المقدمة :
لا يزال النص القرأني يشكل مهمة صعبة وشاقة في الفهم بالنسبة للعامة من المسلمين بل حتى من المثقفين والمتخصصين منهم أيضا ، وفي هذا المقال لست بصدد البحث في القرأن كلغة / وقد قدمت عدة بحوث بهذا الشأن معنونة ” قراءة في لغة كتابة القرأن مع أستطراد لأراء العالم الألماني كرستوف لوكسنبرغ – أربعة أجزاء ” ، ولكنني سألقي بعضا من الأستفسارات حول هل القرأن كلغة قابلة للفهم بالنسبة للمتلقي ! .
الموضوع :
أن لغة القرأن غير مفهومة وغير واضحة المقاصد والمعاني هذ بالعموم ، وسبب ذلك ما أشار أليه كريستوفر لكسنبرغ / هو اسم مستعار لمؤرخ وعالم عربيات وساميات ألماني – اشتهر بكتابة كتاب قراءة آرامية سريانية للقرآن التي افترض فيها كتابة أجزاء من القرآن باللغة السريانية ( أن القران يحتوي على الكثير من اللغة الغامضة وغير القابلة للتفسير . ويشدد على انه حتى علماء المسلمين يجدون بعض الفقرات صعبة من ناحية إعراب معناها وأنهم قد ألفوا أكواما من التعليقات القرآنية في محاولتهم لتفسير هذه الفقرات ، وبين لوكسنبرغ أن القران لم يكن في البداية مكتوبا بصورة كليّة باللغة العربية ولكن بمزيج من العربية والسريانية / السورية القديمة .. – نقل بتصرف من الويكيبيديا ) ، فهذا الغموض في النص مرده أن القرأن لم يكتب باللغة العربية المتداولة في أول نسخه وذلك لضعف العربية في تلك الحقبة ، وبنفس الصدد بين موقع / sputnik عربي ، ( أن الحقيقة صادمة ولكن الحق يجب أن نعرفه…85 بالمائة من كتاب الله هو آرامي ، وفسّر قوله تعالى ” بلسان عربي مُبين ” بأن العربية هي لهجة آرامية ) ، كما أن الكاتب محمد الفقي بين بنفس المضمون في موقع رصيف 22 ، ما يلي ( واختلف الأئمة وعلماء اللغة المسلمون في وجود مكلمات معرّبة في القرآن ، فمنهم مَن نفى تماماً وقوع أي لفظ غير عربي في القرآن ، وعلى رأسهم الإمام الشافعي والعالم اللغوي ابن فارس ، احتجاجاً بالآيتين : ” إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ” [يوسف: 2] وآية : ” ولو جعلناه قرآنا أعجمياً لقالوا فصلت آياته ، أعجمي وعربي ” [فصلت: 44] . في المقابل ، أكد فريق آخر على ورود ألفاظ غير عربية في القرآن ، وعلى رأس هذا الفريق الصحابي عبد الله ابن عباس ، وهو أول من ألف في هذا المجال ، في الكتاب المنسوب إليه ” اللغات في القرآن الكريم ” والذي تضمن الألفاظ الفارسية والنبطية والحبشية وغيرها ) . أذن لغة القرأن غير مسندة للعربية بالعموم ! لذلك شكل النص القرأني أبهاما بالنسبة للعامة من المسلمين .

القراءة :
1 . هذا الغموض في الصياغة والقصد أولد نصا يجعل المتلقي في حلقة من التيه في المعنى والهدف والسبب والغرض ، وقد يجوز أن يرد ذلك الى التشكيلة اللغوية المكتوب بها القرأن / السريانية الأرامية والفارسية النبطية والحبشية .. ، أضافة الى هذا أن عملية تنقيط القرأن وتشكيله كونت سببا أخر لهذا الغموض ، حيث أن الكلمة الواحدة كان من الممكن أن تقرأ بعدة معاني وطرق قبل عملية التنقيط والتشكيل ! .
2 . هذا الوضع أوجد نصوصا يصعب على المتلقي فهمه ، بل حتى أن بعضها لم يفهمها الصحابة أنفسهم ! فقد جاء فى موقع / ملتقى أهل التفسير ، حول جهل عمر بكلمة ” أبا ” التالي ( عن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أنه سمع عمر بن الخطاب عنه يقول : قال الله : ” وَنَخْلا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا / 31 سورة عبس ” كلّ هذا قد علمناه ، فما الأبّ ؟ ثم ضرب بيده ، ثم قال : لعمرك إن هذا لهو التكلف ، واتبعوا ما يتبين لكم في هذا الكتاب ، قال عمر : وما يتبين فعليكم به ، وما لا فدعوه ) ! .. فأذا كان بن الخطاب لا يدري فكيف للعامة أن تدري وتفهم كتابها الذي تقدسه ! . وبنفس الصدد جهل أيضا أبو بكر بمعنى كلمة ” أبا ” ، ففي ” أرشاد المفيد ” سئل أبو بكر عن المعنى ( فلم يعرف أبو بكر معنى الأب من القرآن ، وقال : أي سماء تظلني أم أي أرض تقلني أم كيف أصنع ان قلت في كتاب الله بما لا أعلم ) . * للعلم ” أبا ” كلمة سريانية تعني الفاكهة الناضجة !! .

3 . في الكثير من النصوص القرأنية ، يقرن القرأن أمر التفسير بالله وفي أحيان أخرى ب ” الراسخون بالعلم ” وبهذا الصدد يبين موقع / هدى القرأن .. التالي ( قال تعالى في سورة آل عمران الآية 7 ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴾ نحن نقول بأنَّ الرَّاسخين هم الذين يعلمون تأويل القرآن الكريم وهم أهل البيت (ع) ولكن من سياق الآية يظهر بأنَّ كلمة “الراسخون” لا تعود على من يعلم التأويل بل هي بدايةٌ للجملة : ” والراسخون في العلم يقولون ” ، أي: الراسخون في العلم يقولون آمنا به ، وليسوا هم من يعلم تأويل القرآن ) . * أضاءة : أولا – هل من الممكن الرجوع الى الله في تفسير ما يعصى علينا من نصوص / حسب ما مذكور في الأية أعلاه ، والله في السماء السابعة ! .

ثانيا – أما التفسير الذي يعلق الأمر على أهل البيت في التفسير ، فأنهم قد قتلوا والباقي قد قضى نحبه ، فمن سيفسر النصوص أذن ! .

ثالثا – وأما الراسخون بالعلم / في حال كونهم هم المعنيون بالتفسير ! ، فهم يفسرون على هواهم – كما رأينا وسنرى في الفقرة 4 لاحقا ، وليسوا متفقين على أمر ! ، أما أذا كان الراسخون بالعلم عليهم الأيمان فقط وليس التأويل ، أذن لا يوجد من يفسر النص القراني ! .
4 . لو أخذنا سورة الطارق .. كمثال ” وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كيدا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا(16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)” ، و تفسير القرطبي للأية أعلاه ، في قوله تعالى : والسماء والطارق قسمان السماء قسم ، و الطارق قسم . والطارق : النجم . وقد بينه الله تعالى بقوله : وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب . واختلف فيه فقيل : هو زحل : الكوكب الذي في السماء السابعة ذكره محمد بن الحسن في تفسيره ، وذكر له أخبارا ، الله أعلم بصحتها . وقال ابن زيد : إنه الثريا . وعنه أيضا أنه زحل وقاله الفراء . ابن عباس : هو الجدي . وعنه أيضا وعن علي بن أبي طالب والفراء : النجم الثاقب : نجم في السماء السابعة ، لا يسكنها غيره .
أضاءة : هل المتلقي بأمكانه أن يفهم السورة السابقة بما بها من مفردات غير واضحة ! ، التي أختلف آل البيت عليها كعلي بن أبي طالب ، والصحابة معا كأبن عباس ، والراسخون بالعلم أيضا ، وذلك في تفسير مفردة النجم الثاقب ! ، هل هو زحل أو الثريا أم هو الجدي ، فكيف الأمر أذن مع عامة المسلمين ! . هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، وهل الله يحتاج لقسم ليؤكد أمرا ما ، وهو القائل ” إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُون ُ(82) / سورة يس ”

خاتمة : أولا – هل يتضح مما سبق أن النص القرأني ماضوي الفهم ، ومقترن بظروف المجتمع القبلي للعهد المحمدي ! ، الذي كانت لغة التخاطب حينها تغاير ما نحن عليه من لغة الأن ! ، كما أن الوضع الحالي يشير الى أن العامة / وهم يشكلون أكثر من 95 % وممكن أكثر من المسلمين ، يجهلون ما يقرأون ! ، وحتى الذين يحفظون القرأن عن غيب ، فهم لا يفهمون معظم ما يحفظون ! ، أما شيوخ اليوم فليست لديهم الجرأة أن يصرحوا مما هم عليه من مأزق أشكالي للفهم القرأني ، لذا فهم يكررون ما قاله الأولون ، غير أبهين أن فهم المتلقي ما يسمع أو يقرأ أم لا ! ، أي أنهم يعيدون الصيغ الماضوية دون أكتراث بالحداثة ، وأذا كان الأمر على هذا الحال أذن القلة من النخبة / الشيوخ والأئمة والدعاة ، هم أصحاب النهي والقبول بالتفسير – وهم أيضا لا يفهمون بالمطلق ، وعلى العامة أن تطيع هذه النخبة بأرادتها أو على مضض ! .

ثانيا – هناك حديث رواه مسلم في الصحيح من حديث تميم الداري وله شواهد عند غير مسلم ، يقول الرسول : ” الدين النصيحة قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ” .. وهنا سؤال يطرح نفسه ، أذا كانت النخبة / الشيوخ والأئمة والدعاة .. ، في طرف في فهم النص القرأني ، والعامة في الطرف الأخر ، لا تفقه وتجهل مقصد ومعنى ما تقرأ وما تتلقى من نصوص فأين ” النصيحة من الدين ” ! .