19 ديسمبر، 2024 2:50 ص

المسلسل الكويتي ساهر الليل ….. نظرة ورأي

المسلسل الكويتي ساهر الليل ….. نظرة ورأي

عندما تفلس الاحزاب والساسة والدول , وتنتهي كل الحلول السياسية الموجودة أي أنها تمسي غير قادرة على انهاء أزمة أو تغيير التوجه السائد , يتجه الساسة الى الخطاب الديني لتنميته وتحريك مشاعر الأنتماء الديني لدى الجماهير لأن الخطاب الديني موجه الى القلوب ومحرك للنفس أكثر من الخطاب السياسي , فيصبح الفرد وهو يحكم على الأمر بمشاعره وقلبه لا بعقله , والخلط بين الدين والسياسة خطر كبير والتحكم بمشاعر الناس الدينية لغرض هدف سياسي هو من أخطر الأمور التي يؤدي الى عواقب وخيمه وغالباً ما يفضي الى النتائج المرجوة منه .
المسلسل الكويتي ساهر الليل , مسلسل يتحدث عن أحتلال أو غزو أو تحرير أو حرب الكويت فكل يسمي الموضوع حسب توجهه , هذا المسلسل الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في شبكات التواصل الأجتماعي والمقاهي , حتى أصبح حديث الساعة للعراق وللعراقيين بين مؤيد للمسلسل ومعارض له , وأن كانت الكفة الأرجح للمعارضة على المسلسل وتوقيت عرضه من على شاشات الفضائيات بحجة أن الوقت غير ملائم ويجب أخماد نار الفتنة وتهدئة الأمور , فالموضوع منتهي ونال الفاعل جزاءه ولكن هناك سؤال مهم جداً في سبب عرض هذا المسلسل بعد أنقضاء أكثر من عقدين من الزمن ؟ على الرغم من عدم تأييدي لفكرة التذكير لأبناء الشعب الكويتي لما فعله صدام حسين بالكويت أو كما تسمى ( كي لا ننسى ) فالكويت لم ولن ينسى هذا الموضوع ابداً , فحرب البسوس أنتهت وقضية الديون والتعويضات لم تنتهي ووضع العراق تحت البند السابع ومشروع بناء ميناء مبارك وغيرها من الأمور التي تؤكد أن الموضوع العراقي الكويتي سيطول .
بمجرد المتابعة لنقاشات الناس في هذا الموضوع في الشارع والمقاهي وعلى شبكات الأنترنت وعند رؤية صدام حسين والتعليقات المنشورة عن الموضوع بدأت أرى خيوط طبخة سياسية بتوجه ديني في الموضوع , فصور صدام حسين قد ملأت الفيس بوك والتأييد له أنتشر وصور لوحات المركبات العراقية (العراق ـــ كويت) والمحافظة التاسعة عشر , ولو كان صدام موجود كان مسح بالكويتيين الأرض والكثير من هذه الأمور .
كل من ينظر الى الخريطة الجغرافية يجد أن الكويت محاطة بمناطق شيعية من كل جانب , من جنوب العراق الى المنطقة الشرقية للسعودية الى أيرأن الى البحرين , أي أن الكويت تقع في منطقة النفوذ الشيعي ولكون الكويت تملك عدد غير قليل من مواطنيها من المنتمين الى الطائفة الشيعية ولتخفيف الضغط عن الأسرة الحاكمة كان لابد من عرض هذه المسلسل تزامنا مع شهر رمضان والثورات العربية في المنطقة وخصوصاً ثورة البحرين .
فلا يكاد يخفى على أي متابع للشأن السياسي في المنطقة نوايا دولة الكويت من عرض المسلسل , لغرض كسب تأييد شعبي لصدام حسين المكروه أصلاً لدى الكويتيين والمقرون بالشيطان عندهم , ولكن للعملية السياسية ضروراتها , ومن المفهوم الديني فالضرورات تبيح المحظورات , فأصبح أحتلال الكويت وصدام حسين موضوع ذو حدين وجاء الوقت لأستخدام الحد الثاني الغير معروف من قبل المواطن العراقي البسيط الذي لا يتصور ولا يعرف سوى كره الكويت لصدام حسين والأنتقام من العراق ككل لدخوله الأرضي الكويتية , الحد الثاني المصبوغ بصبغة طائفية فها نحن نرى أغلب العراقيين ينهالون بالسب ويوجهون أقذع الشتائم على الكويت ويعيدون من الذاكرة صور صدام حسين وصور دخول الجيش العراقي للكويت ويمجدون هذا العمل للرئيس العراقي السابق , فأصبحنا نرى حتى أشد الناس كرهاً لصدام حسين يضع صوره ويصفه بالبطل والرجل والشجاع الذي مرغ أنوف الكويتيين في التراب , ويزيد بذلك الكره الشعبي للحكومة العراقية والذي أصبح في تنامي مستمر للخروج من الكماشة الشيعية التي فرضها عليهم موقعهم على الخارطة , بتضيعف دور الحكومة الشيعية (كما يعرفها الكثير من العراقيين) وبالتالي مدح صدام حسين ( السني المذهب ) لكي يصبح الكل يقرن عمل السني البطل صدام حسين بتخاذل الحكومة الحالية الشيعية , ولا أكاد أرى الأمر يفضي سوى الا أمرين وهو زيادة الحنق الشعبي على الحكومة الشيعية للتخلص من النفوذ الشيعي ولكي لا تتكر ثورة البحرين في الكويت أو لأمر ثاني وهو تعميق الصراع الطائفي في العراق بين سنة صدام حسين وشيعة المالكي , مضافاً بذلك الى الصراع الطائفي الموجود أصلاً بين شيعة علي وسنة عمر , وقد يعترض على هذا الكلام معترض ويقول لا اساس للمقارنة وليس السنة كلهم صدام وليس الشيعة كلهم المالكي , وهو كلام جميل ومنطقي ولكنه لا ينطبق الا على المثقفين الجالسين في أبراجهم العاجية , أما المواطن البسيط فلا يفطن الى هذا الكلام بل ويعمد الى مقارنة الأمور بأتفهها .
 دمتم عل حب العراق ……

أحدث المقالات

أحدث المقالات