23 ديسمبر، 2024 8:43 م

ما زال المسرح الوطني وحيداً في بغداد لا أخاً له .. وهو الوحيد الذي نجا من حملة البرابرة التي استهدفت كل المؤسسات الحكومية بالسرقة والسلب والنهب بعد أن تعطلت الحياة أيام التغيير الأولى في عام 2003 .. ومع أن أيدي البُناة العراقيين امتدت إلى هذا المرفق الثقافي الحيوي لتبنيه وتؤهله وتعيد إليه بهاءه .. إلا أن مسارح أخرى تعرضت إلى التدمير لم تعد الحياة إليها رغم مرور 12 عاما على التغيير ، مثلها مثل مباني كثيرة في بغداد أهملت بدون أسباب ، وبقي منظرها موحشاً مع وقوعها في قلب العاصمة ، وكانت تشغلها مؤسسات حكومية مهمة . اليوم ونحن نعيش أيام بغداد الثقافية ، حيث تنتشر الفعاليات في ارجاء العاصمة ، لابد أن يُنظر بجد إلى اعادة تأهيل مبنى مسرح الرشيد الواقع في منطقة حساسة قبالة فندق المنصور،  والمجاور لمبنى المحافظة والفضائية العراقية في الصالحية .. إن عاصمة مثل بغداد مترامية الأطراف وتعيش ايام نشاطها الثقافي ، لا يمكن ان تبقى بمسرح واحد يتيم ، يتوسط ساحة الفتح في الكرادة .. ولابد ان يُولد لنا مسرحاً جديدا ، ومركزاً ثقافياً ، ومنتدى وقاعة للموسيقى والفنون ، بل لابد أن نضع الحجر الأساس لمسرح كبير يليق ببغداد .. ويكون هذا أحد البرامج الثقافية الاستراتيجية في بغداد. هذا جانب .. أما الجانب الآخر ، فأننا نعيش اليوم مجموعة فعاليات بعضها مسرحية حيث اقيم قبل ايام مهرجان مسرح ضد الارهاب على خشبة المسرح الوطني ، إلى جانب هذه الاحتفالية الدرامية ، هناك احتفالية من نوع آخر احتضنها متنزه الزوراء منتصف نيسان الماضي باقامة مهرجان الزهور .. والزهور ثقافة مثل كل الثقافات ، فهي رسل مودة وحب وسلام . كما احتضن معرض بغداد الدولي في الفترة نفسها معرضاً دوليا للكتاب .. وهو مكمل لمهرجان الثقافة حيث تلتقي الحضارات وتتلاقح الأفكار ، وتتاح الفرصة للاطلاع على نتاج الآخر ، وما جادت به عقول العلماء والمفكرين . فضلاً عن اقامة احتفالية بمناسبة اعادة افتتاح منتدى المسرح بعد تاهيله ، وكذلك اعادة تأهيل قاعة كولبنكيان ، وفعاليات اخرى اقيمت في قاعات الفنادق الكبرى وهي عبارة عن ندوات ومؤتمرات وورش عمل ومعارض فنية ، كما شهدت قاعات المركز الثقافي البغداادي وباحته فعاليات مماثلة.. كل هذا الكرنفال الثقافي وفعاليات أخرى هي احياء واستنهاض لثقافة بغداد التي كانت وعلى مر العصور وما زالت عاصمة للثقافات . فإضافة لما ذكرنا ورغم كل هذه الفعاليات ، هناك مجموعة أخرى من النشاطات تمثلت بجلسات شعرية وأخرى نقدية في اتحاد الادباء وندوات وجلسات لمنتدى الاعلاميات العراقيات .. كما أحتفت المجالس البغدادية بعدد من العلماء والادباء والشعراء والمؤلفين باقامة امسيات وندوات وحفلات توقيع الكتب .. وشهدت قاعة المسرح الوطني حفلاً موسيقياً أقامته الفرقة السمفونية العراقية .. هذا الغذاء الثقافي كله وعلى تنوعه قدم في أطباق بغداد ، وهناك المزيد في هذه المدينة المبدعة  .

اذن مدينة تُحيّي كل هذه الفعاليات جديرة ان تجدد نفسها ، وان يكون لها مسرحا كبيرا يحتوي على تقنيات المسرح الحديث ، ويصبح معلما من معالم بغداد يشار اليه بالبنان ، وان يتم تأهيل مسرح الرشيد فقد طال الانتظار .