1 ـــ في برلين, شاركت في تظاهرات دعا اليها جيل الأنتفاضة في الخارج, تمنيت ايضاً ان يشارك بمثلها, جيل المؤدلجين بألثار من امريكا, انا ايضاً مؤدلج بالمشروع الوطني لثورة الرابع من تموز / 1958, وبشخصية الزعيم عبد الكريم قاسم, الذي اغتالتهما امريكا الباغية, الفرق اني احاول الا اغرد من داخل المستنقع الأيراني, الذي يريد حقاً دراسة وتقييم ظاهرة الأنتفاضة الشبابية في العراق, ليتخذ منها موقفاً رصينا, عليه الا يبحث عنها في اقوال, ذكرت في كتب التاريخ او كتبت في ازمنة فقدت صلاحيتها في تفسير واقع حيّ متحرك, بل ينزل عن برج نرجسية الغرور والترقب السلبي, ويعيش حراك الشباب بكل تفصيلاته, انه جيل الواقع العراقي الذي سيستورث عراق المستقبل, وتلك حقيقة مقلقة لآنظمة الجوار ومعها الأطماع الأمريكية, ان الذي يطلق صراخه, من داخل مستنقع التدخل الأيراني الفض, لا يخدش التغلغل الأمريكي في الشأن العراقي.
2 ـــ اصبع الأنتفاضة, يحترق في جهنم السيطرة الأيرانية, اما اصبع الكاتب الباحث والمحلل السياسي والعسكري, راكد في زلال المكاتب المكيفة, انتتفاضة الشباب تنزف دماء ابنائها في الشارع العراقي, والمستثقف على صومعة الترقب المريح, يكتب مقالته ليتأكد انه لا زال على قيد الحياة حتى ولو على هامشها, يطمح ان يكون اسماً (رقماً) , حتى ولو على قائمة زمر الفساد, او انه لا زال يساوي مقالة حتى (ولو…), أسفي للمحللين الباحثين, ان مقالة هامشية تكتب بسبعة دقائق, وبطول سبعة امتار لا تساوي هتاف “بأسم الدين باگونه الحرامية”, هتاف اكثر وعياً ً وواقعية ووجع شعبي, من مقالة ينسى صاحبها ما كتب قبلها وما سيكتبه بعدها, فالأنتهازية شلل ذاتي, يصيب الصميم من المثقف, فيحيله مستثقفاً فاقد الرشد.
3 ـــ علينا الا نسوق الأحباط, عبر تقييم الواقع على ضوء بيان نشرته رغد صدام, يكفي انها ابنة مجرم سقط زمانه, في هذه الحالة تصبح المواقف “تنك” والمقالة ثرثرة معادة, ربما يحتاج السادة الباحثين, تهنئة بنجاح مليشيات القناص الأيراني فالح الفياض, فهذا لا نستطيعه, يمكنهم الآن ان يشربوا نزف العراق, شعارات الأنتفاضة الوطنية حادة شرسة, تصرخ وجع الأذلال الأيراني, والشعور بجرح الكرامة الوطنية, والأستهتار بمقدرات العراق والعراقيين, قد لا تحسونه ايها الأساتذة المحللين والباحثين, ولأسبابكم التي قد لا يتشرف بها جرح الأرامل والأيتام والمعاقين, وكمن “چمل الغرگان غطه” كانت رصاصات المقالة التي اصاب بها قناصكم الثقافي, صميم المعنويات المجتمعية, هي الاشد ثقلاً على كاهل الحراك الشعبي, ان كنتم تعتبرون الأمر وطنية, اذن سأخجل نيابة عنكم واعتذر لتاريخ الثقافة الوطنية العراقية.
4 ـــ تظاهرات برلين, قاطعها اليسار المستهلك, لأختناقه بالهتافات الوطنية, التي تخرج ساخنة من حناجر جيل الأنتفاضة, حاول سبعة اشخاص تقريباً من قدماء البعثيين, ان يجدوا لهم مكاناً داخل التظاهرة, لكنهم صدموا بهتاف “لا بعثية لا ايرانية ــ وحده وحده عراقية” استطيع التأكيد, ان وعي الشباب مختلف يميزه الصدق والحماس والوجع, شعرت انهم الضحايا الحقيقيين, وان الأذلال الأيراني غصة في حناجرهم, واهانة لا تطاق, المدهش ان نصف المتظاهرين فتيات شابات, كن في منتى الرقي والنبل, كانت المظاهرة تجمع داخل اطارها, شباب كافة المكونات العراقية, بعد انتهاء التظاهرة, جلبن بعض الأمهات قدور الدولمة, شعرت ان العراق كان حاضراً يشارك الجميع وليمتهم, حينها تذكرت الأساتذة الباحثين والمحللين و(المفكرين!!), وتذكرت مقالات القنص الثقافي, وهي تنضح غسيل الردة, ثم تذكرت الوجوه والألقاب والأقلام, وكأنها تحمل نعشها الى مقبرة الأحباط الجماعي.