18 ديسمبر، 2024 8:11 م

المستثنى من شروط التعيين

المستثنى من شروط التعيين

لسنا في حصة لقواعد اللغة العربية، غير ان الإستثناء بـ ” إلا”، هو ما نسعى لتوظيفه هنا، ولا يذهب بالك بعيداً، فتتصور أن الإستثناءات المقصودة هي تلك المتعلقة بنظام المحاصصة، أو المحسوبية والمنسوبية، أو التوريق، وإنما نقصد الإستثناءات المنصوص عليها في ضوابط التعيين، ولعل تعبير آخر ممكن إستخدامه لتحديد محتوى الموضوع الذي نريد طرحه على طاولة النقاش، وهو ” الإمتيازات”.
قدّم أحدهم إعتراضاً بشأن عدم ظهور إسمه في قوائم التعيين، وهو لأول وهلة أمر طبيعي، كون المتقدمين أكثر بكثير من الدرجات الوظيفية المخصصة، وبالتالي لابد أن تختار المؤسسة ذات العلاقة الأقرب الى إحتياجاتها الفعلية، من خلال التنافس على المؤهلات التي يحملها كل واحد من المتقدمين للتعيين، غير أن القناعات التي أملكها تتراجع بعد أن يعقد لي المعترض مقارنة في مجال تخصصه مع آخر ظهر إسمه في قوائم التعيين، برغم أن معدله ضمن سلم الخمسينات، فيما هذا المعترض من الأوائل على طلبة كليته، ومعدله عال جداً، أرجع الى ضوابط التعيين، فأجد أولى مقاييس المفاضلة الدرجة التي يحملها المتقدم، إذاً، ماالسر ياترى ؟.. أسائل نفسي، لأجد سبباً مقنعاً لإختيار المعدل الأوطأ للتعيين، وإهمال المعدل الأعلى، وأخذت أبحث عن مستوى الكلية، وترتيبها العلمي بين الكليات، ثم تدرجت الى فرض إعتبارات أخرى مثل العمر، الوضع الصحي، الشكل، البنية الجسمانية، وتملكني فضول غريب لم أفصح عنه، تاركاً عيناي ترقب حركاته وسكناته، عسى أن أكتشف ذلك السر!!.
وقبل ان ادع الوساوس تشوش عليّ أفكاري، أدركت السبب، قال لي أحدهم : المقبول في الوظيفة إبن شهيد، والضوابط تنص على نسب محددة للتعيين لذوي الشهداء.
لاشك، ولاريب، أن الوفاء للشهداء يستلزم منا جميعاً رعاية ذويهم، وإحتضانهم، وتعويضهم عن الحرمان من الأب، وليس هذا منة ولا صدقة، بقدر ما هو إستحقاق وطني لرد جزء من الجميل لأولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل سلامة الوطن، لكن، ينبغي أن نخلق حالة من الموازنة بين هذا الخيار والمصلحة العامة، بحيث نبعد أي شكل من أشكال المنافسة التي تضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، وبالتالي يختل البناء المؤسسي للدولة،  ولاسيما في المؤسسات المرتبطة بحياة المواطن حاضره ومستقبله.