حكام العرب المستبدين كانوا وما زالوا وسيبقون منذ الأزل أوراق رخيصة بيد أسيادهم التقليديين .. يورطونهوم ثم يتخلون عنهم بكل رخص !, وعندما يضعون من قبل العالم وشعوبهم ويوضعون على المحك تأخذهم العزة بالأثم , وعلى طول الخط لم يحدث في التاريخ أنهم تراجعوا أو اعترفوا بأخطائهم الكارثية والمدمرة , ودائماً وأبداً يتنازلون لأعدائهم وأولياء عروشهم وليس لشعوبهم , شاهد كيف وضع أنفسهم آل سعود عامة وآل سلمان خاصة في هذا المأزق والفضيحة المدوية , التي كان بإمكتنهم تلافيها ولملمة أطرافها قبل فوات الأوان وقبل أن تأخذ هذه الأبعاد الخطيرة والمدمرة , خاصةً بعد أن أنكشف أمرهم وسقطت آخر أوراق التوت التي كانت تستر عوراتهم وتغطي على جرائمهم وتأمرهم ومؤامرتهم بحق جميع الدول العربية والإسلامية وخاصة بحق العراق منذ قيام الدولة العراقية الحديثة وحتى احتلاله وتسليمه لسيدتهم أمريكا عام 2003 التي سلمته بدورها لإيران كي تنتقم منه .
مرتكبي هذه الحماقة بدون أدنى شك أغبياء أعمى الله بصرهم وبصيرتهم وعرّضوا بلدهم والمنطقة لأخطار جسيمة مدمرة لا يحمد عقباها , وصوّرت وجعلت العرب أمام جميع شعوب الأرض كوحوش كاسرة وقتلة ساديين مجرمين ولا قيمة عندهم لآدمية وكرامة وحياة الأنسان , لا يخفى على أي لبيب بأن هذه الحادثة مهما كان الفاعل والجاني الحقيقي الذي يقف وراء الاعداد والتخطيط والتنفيذ لها بهذا الشكل الهزيل .
من خلال المتابعة والتقصي لمجريات ومسلسل الأحداث والتصريحات والمقالات والتغريدات المؤيدة والمعارضة للنظام السعودي منذ 2 / أكتوبر 2018 , بما فيهم من ينطبق عليهم القول ( يكاد المريب يقول خذوني ) !, يمكن الخروج بخلاصة واستنتاج واحد لا ثاني له , لسبب بسيط جداً ذلك لأن الرجل المستهدف والمغدور لم يكن معارضاً عتيداً يشار له بالبنان , أو كان يشكل خطراً داهماً لبلاده , من هنا الخلاصة والاستنتاج الوحيد الذي ممكن أن نخرج به بعد حوالي شهر ونصف على غزوة إسطنبول المدوية الفشل , بكل غباء كانوا المخططين الرئيسيين يريدون من خلال استدراج المواطن جمال خاشقجي من أمريكا عبر لندن إلى تركيا وقتله على الفور ومحو أي أثر له في بلد مسلم كبير وله ثقله الاقليمي , هو ضرب تركيا وكذلك قطر بجمال خاشقجي واحد !, ولا ننسى بأن المملكة السعودية وعلى لسان ترمب نفسه قد طلبت منه ومن ” السي آي إيه ” مساعدتها في تنفيذ عمل سري ما ؟!؟!؟, وأن الأمريكان طلبوا من السعودية دفع 4 مليارت دولار لتنفيذه !؟؟؟, فيا ترى ما هو هذا العمل السري ؟؟؟, ولماذا مرَّ على الإعلام مرور الكرام !؟؟؟, والذي كان التطرق إليه بالضبط قبل وقوع واقعة القنصلية السعودية بعدة أيام وتحديداً خلال حملة الرئيس ترمب الانتخابية وتحشيد أنصاره للانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي ناهيك عن حملة التجريح والتخويف والابتزاز للمملكة .
فهل كان هذا العمل السري !!!, يهدف إلى إستدراج وقتل مواطن سعودي وكاتب مرموق في الوشنطن بوست ومعروف على الساحة الدولية كما هو الصحفي جمال خاشقجي على الأراضي التركية وإتهام ليس فقط تركيا بأنها بلد غير آمن ويجب مقاطعتها من أجل الاستمرار في تدمير اقتصادها , لكن الأهم من ذلك توجيه أصابع الاتهام لقطر بشكل مباشر بأنها هي من تقف وراء خطف أو تغييب جمال خاشقجي , وربما اخفائه في قطر !؟, كي يعطي للسعودية وحلفئها الثلاثي المرح ومن ورائهم أمريكا المبرر الموافقة على غزوها واجتياحها وتغيير نظام حكم المشيخة فيها حسب متطلبات وشروط دول الحصار الأربعة والتخلص إلى الأبد من قناة أسمها ” الجزيرة ” التي تؤرقهم وتقض مضاجعهم منذ فرض الحصار على قطر !, لكن يبدو أن الرعاية الإلهية أفشلت هذا المخطط السعودي – الأمريكي , وكذلك الأمن والمخابرات التركية التي كانت تراقب السفارة السعودية في أنقرة والقنصلية في أسطنبول على مدار الساعة منذ إفشال عملية الإنقلاب قبل عامين على أردوغان , ولهذا بكل سهولة قام الاتراك بفضح وكشف كل خيوط اللعبة بشكل ذكي جداً أذهل العالم وأمريكا وجعل السعودية تتخبط وتفقد صوابها , مع أنهم .. أي الأتراك أيضاً كانوا يستطيعون بكل سهولة أن يحولوا دون مقتل الرجل المستهدف أو خطفه من قبل المجموعة المنفذة .. أي جمال !, لكنهم ضحوا به ليكون كبش فداء لهم وليس لقاتليه الحقيقيين أو من ورطهم !, وأرادوا أن يبينوا للعالم أجمع وللشعب التركي خاصةً حجم الاستهداف للدولة والنظام التركي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بالأموال الخليجية وخاصةً السعودية والإمارات للأسف .
النظام السعودي بتركيبته الحالية والمتمثل بولي العهد محمد بن سلمان يعتبر الأغبى في العالم , كونه ظل يماطل ويكابر ويتغطرس ويتكبر ويتجبّرعلى مدى شهر ونصف . تارةً ينفي ثم يعترف , وتارة يرفض ثم يواثق , ويعدّ ويخّرج أفلام ومسرحيات هزيلة وساذجة , بدون أن يحقق أي هدف في مرمى الأتراك والإعلام العربي والغربي , حتى جاء دور السي آي إيه بعد أن ظل هو الآخر يراوح في مكانه ويماطل ويتفاوض مع الأتراك بالسر بدون جدوى لأنهم .. أي الأتراك لن يوافقوا حتى لو سلموهم ” خميني تركيا ” فتح الله غولن ” مقابل طمس معالم الجريمة , أو حتى عدم كشف ما تبقى من حقائق وأدلة دامفة تدين بن سلمان بشكل أساسي ورئيسي , وتمت محاصرتهم وكسر شوكتهم بالدلائل والقرائن وبقوة الحجة والأدلة الدامغة التركية التي أطلعوا عليها جميع دول العالم الكبرى والمؤثرة على القرارات الدولية , ولم يبقى أمامهم سوى قول الكلمة الفصل بأن بن سلمان محمد هو من آمر وأشرف بشكل مباشر على العملية الأغبى في تاريخ مخابرات حتى جمهوريات الموز !, ولهذا إذا أراد آل سعود أو آل سلمان الاستمرار في حكم هذا الشعب المغلوب على أمره كبقية الشعوب العربية والإسلامية ما عليهم إلا أن يضحوا به ويزيحوه ويعزلوه عن الحكم بدون تسويف ومماطلة , وهذا ما سيصار إليه والمسألة مسألة وقت ليس إلا , ولن تنفعه حتى مدام إيفانكا ولا زوج إيفانكا ولا أبو إيفانكا ولا حتى نتنياهو لأن واقعة غزة المقصودة لتخفيف الضغط الهائل عن بن سلمان , والتي أطاحت بوزير دفاعه ” ليبرمان ” ستطيح به أيضاً ولا ينقذه أي نتن ياهو قادم للكيان الصهيوني في تل أبيب .