22 ديسمبر، 2024 8:42 م

المساهمون في الشركات يشكون الظلم

المساهمون في الشركات يشكون الظلم

يعد الإدراج في أسواق الأوراق المالية احد العوامل الإيجابية المشجعة للجمهور للاستثمار في الشركات المساهمة ، حيث يجدون التسهيلات الواسعة للعمل في هذا المجال من خلال بيع وشراء الأسهم بكل سهولة وشفافية وأمان ، فضلا عن التسهيلات الأخرى التي يجب ان تقدمها المنظومة المالية من تمويل ورهن وخدمات مالية مختلفة بضمان شهادات الأسهم بحيث يكون هذا العمل مفيدًا للبلد وللمستثمرين ، وقد جاء القانون ٧٤ لسنة ٢٠٠٤ لتطوير هذه الأسواق في العراق ، إذ أوكلت مهمة إدارة وتنظيم هذه الأسواق إلى هيئة الأوراق المالية التي أدت عملا رائعا في البداية بالاشتراك مع القطاع الخاص والشركات والخبراء ، نتج عنها إنشاء سوق العراق للأوراق المالية الذي يعتبر احد النماذج المالية المتطورة والناجحة في العراق ، ولكن الهيئة وللأسف الشديد أخذت تبالغ باستخدام صلاحياتها القانونية وأصبحت تفرض وصايتها على السوق حتى تكاد تشله وتعطله عن العمل ، بل وأصبحت الهيئة تفرض وصايتها حتى على المستثمرين أنفسهم وكل ذلك من خلال تفسيرات وتأويلات ضيقة لبعض مواد القانون وترك النصوص الصريحة الواضحة .
في هذا اليوم بالذات ، يبلغ عدد شركات القطاع المختلط المدرجة في سوق الأوراق المالية والذي يصل عدد المساهمين فيها إلى عشرات الآلاف من المواطنين أكثر من ٣٠ شركة ، المتوقف عن التداول منها فقط من القطاع المختلط (١٤) شركة بسبب عدم تقديم حساباتها إضافة لعدد كبير من شركات القطاع الخاص المتوقفة عن التداول للسبب نفسه ، وبعض هذه الشركات متوقف منذ عدة سنوات بأمر من هيئة الأوراق المالية ، وان السند القانوني الذي تستند له الهيئة في إيقاف الشركات إيقافا مفتوحًا هو المادة ( قسم ٣/ ٦ ) التي حددت المتطلبات (للاستمرار بالتعامل التجاري ) وهو إجراء ذو أهداف محددة ولا يمكن اعتباره (إيقاف للتداول ) الذي تم تحديده بالمادتين ( قسم ٦/٦/ ط ) و ( ١٢/ ١٧/ أ) والتي حددت فترة الإيقاف بعشرة أيام فقط قابلة للتمديد عشرة أيام أخرى مستخدمة اصطلاحا بالنص العربي هو ( إيقاف التداول ) وبالنص الإنجليزي هو ( stop trading ) ومن المفروض بالهيئة اعتماد النص الصريح وليس الذهاب لتأويل نصوص قابلة للتفسير والتأويل وتلاحق أفدح الإضرار بالسوق والمستثمرين .
إن المسبب الرئيس لعدم إنجاز حسابات شركات القطاع المختلط يعود إلى القوانين العراقية التي أوكلت مهمة تدقيق هذه الحسابات بديوان الرقابة المالية الاتحادي وهو جهة عليا ليس للشركات سلطان عليه ، وبالتالي فان إيقاف تداول هذه الشركات بسبب حساباتها المتأخرة عند ديوان الرقابة المالية هو غير صحيح من الناحية الإدارية التنظيمية ومخالف لنصوص وروح قانون الأوراق المالية ، وليس من المنطق حرمان آلاف المستثمرين من ثروتهم الشخصية وتحويل مساهماتهم إلى مجرد أوراق غير ذات قيمة وغير قابلة للتسييل ، وقد تدخلت رابطة تطوير العاملين في القطاع المختلط بالموضوع من خلال مفاتحة السيد رئيس هيئة الأوراق المالية حول هذا الموضوع ووجهت كتابًا بهذا الخصوص كما طلبت تدخل العديد من الشخصيات المهتمة بالشأن الاقتصادي ومنهم عددا من السادة النواب ومجلس الأعمال العراقي ، كما قام سوق العراق للأوراق المالية بمفاتحة الهيئة معلنا استعداده لفتح سوق ثالث لتداول أسهم الشركات الموقوف تداولها بسبب الحسابات ، ولكن كل هذه الجهود باءت بالفشل حيث أعلنت الهيئة عن رفض أي مراجعة لموقفها وحملت الشركات مسؤولية عدم إنجاز الحسابات ، رغم انها تعلم علم اليقين بان الشركات ليس لها سلطة على ديوان الرقابة المالية وكما هو واضح من خلال الوثائق والثبوتات ،
ونعتقد إن من واجب المختصين المعنيين تدارك الموضوع وإيجاد الحلول المناسبة لان ذلك سيضر بالمساهمين ويجعل المواطن العراقي بحالة من العزوف في المساهمة الشركات الخاصة المختلطة وبذلك تثخن جراح الاقتصاد الوطني ، وهي مسالة لا تحتاج إلى تخصيصات ولا نفقات ولا توافق سياسي ولا هم يحزنون ، وإنما إعطاء المرونة المناسبة في هذا الموضوع وبما لا يتقاطع مع المصالح العليا ومصالح المساهمين ، فليس من المناسب أن نجعل المساهمين يتضررون من إيقاف تداول الشركات بسبب مناوشات بين الجهات المعنية بهذه الشؤون فيكفي إن بعضهم لم يستلم إرباحا عن مساهمتهم منذ سنين .