21 مايو، 2024 12:31 ص
Search
Close this search box.

المسؤول العراقي والمسؤول النرويجي

Facebook
Twitter
LinkedIn

ماذا لو تخلى فعلا المسؤول في بلادنا التي هجرناها مجبرين عن مظاهر الترف والبذخ من خلال الحضور الى عمله بسيارة عادية دون موكب طويل وجيش من المرافقين؟, وماذا لو شاهدنا وزرائنا يغادرون مكاتبهم وهم يستخدمون دراجات هوائية في طريق عودتهم الى بيوتهم كما يفعل الوزراء هنا في النرويج حيث اعيش ؟
وماذا لو شّرعت الدولة العراقية قوانينا تقضي بها على الكثير من أبواب هدر المال العام فتمنع التخصيصات الغير ضرورية المقرة في الموازنة للمناصب الخاصة كالمنافع الاجتماعية ومخصصات الحمايات الضخمة غير المبررة ومخصصات اضافية مبالغ فيها جدا كمخصصات الوقود والعلاج والطعام و الضيافة والسفرات الكثيرة والتي كلها ترهق ميزانية الدولة وتعزز الفوارق بين افراد المجتمع.
ومتى سنشاهد أمثلة حية للمسؤولين العراقيين وهم يرفضون فعلا التمتع بتلك الامتيازات الضخمة ويمتنعون عن استلامها ويفضلون ان يعيشوا كباقي موظفي الدولة العراقية؟.
ومتى سيُحرِم الدستور العراقي هذه الامتيازات ويعدها وقاحة واستفزازا للمواطن البسيط الذي يعاني الفاقة في حين ان هناك من يتمتع بها الى درجة التخمة؟.
ومتى سيكون راتب المسؤول العراقي هو نفس راتبه الاصلي الذي كان يتقاضاه في دائرته قبل ان يصل الى كرسي المنصب دونما ان يتضاعف الى ارقام فلكية؟, وهل كنا سنرى كل هذا الكم الهائل من الاحزاب والتحالفات فيما لو تم الغاء الرواتب العالية والامتيازات الكبيرة لأصحاب المناصب, خاصة بعدما تعلم عزيزي القارئ أن راتب الرئيس العراقي يبلغ ثلاثة الى اربعة اضعاف راتب الرئيس الامريكي, وهكذا الامر بالنسبة للدرجات الخاصة.
ومتى سنرى المسؤول وهو لا يحتكر هو وعائلته قرعة الحج المجانية في كل عام, ولا يسافر الى باريس او دبي للاحتفال في عيد رأس السنة , ولا يذهب في عطلة الاسبوع الى بيروت للاستجمام, ولا يزرع شعر في تركيا ولا يقلع ضرسه في لندن؟؟.
لقد صارت من اهم احلام الشعب العراقي ان يرى مسؤولا رفيعا يتصرف كأي فرد عادي من الناس فيقف في طابور امام الشباك في أي دائرة حكومية, ويراجع مستشفيات الدولة عندما يمرض, وأن يُسجل أبناءه في جامعات محلية, وان يركب الباص صباحا متوجها الى مقر عمله دون ان تصحبه زفة سيارات الموكب, وان يحترم الاشارة الضوئية, وان لا يمشي بسيارته عكس السير.
صار الشعب يتوق الى مسؤول لا يستخدم منصبه لتصفية حساباته الشخصية ولا يسخر امكانات الدولة للقضاء على منافسيه ومنتقديه, ولا يفتح هاتفه وقلبه لأهل المصالح ويغلقه بوجه الناس البسطاء, ولا ينظر للناس نظرة دونية بدافع الغرور والكبر, فهو مهما ارتقى وتسلق فهو ورقة ستحترق يوما بعدما ينتهي مفعولها وتبدل بأخرى.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب