المسؤولية ليست امتيازًا بل عبء ثقيل لا يدرك أبعاده إلا من تصدى له بصدق وإخلاص فالقيادة الناجحة لا تُقاس بالموقع الوظيفي أو بلغة الشعارات بل بمدى القدرة على صناعة الفرق وإحداث التحول في الميدان وهو ما غاب عن كثير من مسؤولي الدولة خاصة في الوزارات الخدمية والإدارية حيث تراكمت الأخطاء إلى درجة التحول إلى كوارث لا يمكن تبريرها أو التغاضي عنها .
لكن في خضم هذا المشهد القاتم تبرز بعض التجارب النوعية التي تستحق التوقف والتحليل لعل أبرزها تجربة وزير الداخلية السيد عبد الأمير الشمري الذي استطاع وفق ما يرصده المراقبون أن يؤسس لمرحلة مختلفة في إدارة ملف الأمن الداخلي ويضرب مثالًا واضحًا على أن النجاح في المسؤولية ممكن حين تتوافر الإرادة والرؤية والانضباط .
ما يميز تجربة الوزير الشمري ليس الخطاب ولا التصريحات بل حضوره الميداني الفعلي ومتابعته المباشرة لأدق تفاصيل العمل الأمني والخدمي في الوزارة فمن إشرافه الشخصي على إدارة الزيارات الدينية المليونية مرورًا بقيادته لعمليات تطهير أمني وإداري حساسة ووصولًا إلى جولات مفاجئة داخل دوائر الوزارة أثبت الرجل أن المسؤولية تبدأ من الميدان وتنتهي فيه .
استطاع الوزير أن يضع بصمته في اختيار القيادات الأمنية الكفوءة معتمدًا على معايير مهنية واضحة بعيدًا عن المحاصصة أو المجاملة وهو ما انعكس على الأداء الميداني لقوى الأمن الداخلي وساهم في استعادة جزء من ثقة المواطن بجهاز الشرطة والمؤسسات الأمنية .
من الجوانب اللافتة أيضًا في أدائه الاهتمام البالغ بـ عوائل الشهداء والتواصل المباشر مع شكاوى المواطنين مما يدل على وعي إنساني واجتماعي بمسؤوليات الوزارة وليس فقط نظرة أمنية صرفة هذه المقاربة الإنسانية أسهمت في تخفيف كثير من الأعباء وفتحت باب الثقة المتبادلة بين المجتمع ومؤسسة الداخلية .
إن الحديث عن تجربة الوزير الشمري لا ينبغي أن يُفهم كمجرد إشادة شخصية بل كدعوة جدية لتبني نمط مختلف في الإدارة يرتكز على الشفافية والمهنية والانغماس الميداني بعيدًا عن البيروقراطية والقرارات المرتجلة فحين تدار الوزارات بعقلية القائد لا بعقلية الموظف يصبح النجاح أمرًا ممكنًا بل ضرورة وطنية.