7 أبريل، 2024 12:50 ص
Search
Close this search box.

المسؤولية الإجتماعية

Facebook
Twitter
LinkedIn

بمناسبة حلول شهر رمضان أبعث لكم ولكل المسلمين والعالم آجمعين أزكى أيات التهاني واتضرع الى الباري أن يحفظنا من كل مكرة وان يسدد خطانا في حمل رسالته التي أشفقن الجبال من حملها ليعم الخير والوئام بين بني البشر.
قد يظن البعض أن هذا الدعاء غير قابل للتحقيق لان علماء السيرة يؤكدون بان أحدى علامات نهاية هذا العالم هي كثرة الحروب والقتل وسفك الدماء وقلة الموارد وإنتشار الفساد. ولكن هل هذة الحالة هي من صنع الله ؟ وهذا محال حيث ان الخالق يحثنا على نشر السلام والمحبة , لذا فان حالة الحروب والدمار هي من صنع الأنسان وليس من صنع الخالق وهذة حقيقة . ولكن لماذا ينحو الأنسان الى نشر الحروب والدمار بدل أن يسعى الى فعل الخير ونشر المحبة والسلام ؟  واذا فعل هذا وحل السلام فهل سوف يتأخر قيام الساعة ؟
أبتلينا نحن أمة العرب والمسلمين بتضاد الأقوال والأفعال , يضاف اليها وفي أحيان كثيرة تركنا الى المعرفة والبحث عنها وتمسكنا بالهرطقة وهي البدع التي تبعدنا عن الحقيقية . في حين سعى الغرب الى البحث عن الحقيقة , وقام رجالته والذين نطلق عليهم نحن أهل الشرق بالمستشرقين ….  بهذة المهمة عبر سفرهم وترحالهم وملاحظاتهم وكتاباتهم عن الشرق والتي أصبحت مادة أساسية للكثير من العلوم و هم يمثلون في وقتنا الحالي طلبة الدكتوراة في الجامعات. في حين نحن أمة العرب والمسلمين عندما أتينا الى الغرب أطلق علينا صفة المهاجرين ولم نكلف إنفسنا السعي للأطلاع على عاداتهم وديانتهم وعلاقاتهم وحياتهم , بل سعى ويسعى البعض منا الى تغيرهم وجعلهم مسلمون…. ولكن الواقع والأحداث يوكدان أنهم مسلمون بدون أسلام ؟؟؟؟؟
فهم حين أطلعوا على ديننا وحضارتنا وثقافتنا أخذوا منها الكثير الكثير وترجموه الى قوانين ولوائح يعمل بها في بلدان الغرب . لقد سمع الكثير منا بالحديث الشريف (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) فالإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته .ولكن كم منا طبق هذا الحديث الشريف ؟؟؟ فهل فكر أحدآ لماذا  يفترش ذلك الفقير الأرض ويستجدي الناس … أم نكتفي بدفع بعض المال ونذهب الى أعمالنا وجُل غايتنا هو الحصول على الحسنات قبل مساعدة ذلك الأنسان , ولا نمنح أنفسنا ولو لبرهة التفكر بمصير هذا الفقير وذلك لأنعدام المسؤولية الأجتماعية من قاموس تصرفاتنا وأعمالنا ……  فما أقبحنا بهكذا عمل .
المسؤولية الإجتماعية هي علاقة الفرد بالجماعة وعلاقة الجماعة بالفرد … وهي أعم وأكبر حتى من المسؤولية الوطنية . فالفرد مسؤول عن نفسه وعن الجماعة، وقد تكون هذة الجماعة هي القومية أو الدين أو المذهب أو الوطنية التي ننتمي اليها.. والجماعة مسؤولة عن نفسها وأهدافها وعن أعضائها كأفراد ، والمسؤولية الإجتماعية ضرورية للمصلحة العامة، ومن خلالها  يتحقق العدل والسلام والوحدة الوطنية وينعم المجتمع بسلامٍ أشمل وأعمق . وهي أساس لتمتين العلاقات الإنسانية , تلك المظلة التي تجمع كل بني أدم . حيث من واجبنا  كأفراد أن نتعاطى مع ذاتنا ومع الآخرين ومع مجتمعنا بروح المسؤولية، وأن هذا التعاطي يمدّ جسوراً متينة بيننا وبين المجتمع الذي ننتمي إليه ونحمل هويته… والإحساس بالمسؤولية يصقله الشعور بالواجب ويؤدي الى الإلتزام به بأمانة وموضوعية , فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ……..
الحاكم مسؤول عن المواطن , والمواطن مسؤول عن الحاكم . عالم الدين مسؤول عن أتباعه , وأتباعه مسؤولون عن عالم الدين . وشيخ العشيرة مسؤول عن أبناء عشيرته , وأبناء عشيرته مسؤولون عنه . فاذا كانت العلاقة متبادلة بين الطرفين , وهي علاقة أسسها صاحب الرسالة . فلماذا نجح الغرب في تطبيقها ولم نفلح نحن أبناء الشرق بتطبيق حديث الرسول الكريم (ص) . المسؤلية الإجتماعية أصبحت سلوك ومنهج في بلاد الغرب , ولها علماءها وأبحاثها ونظرياتها التي تدرس في جامعات الغرب .أما في الشرق فلا وجود لها رغم قدسيتها وأتفاق المسلمين على صحة قولها وقائلها , فهي عندنا كلمات نسمعها ولكن لا نعي مادتها . المسؤولية الإجتماعية كما ذكرنا هي علاقة الفرد بالجماعة , ولكي نحصل على جماعة قوية نحتاج الى إفراد أقوياء لهم دورهم في الجماعة , فهو نمو للفرد يرافقه نمو الجماعة , حيث الجماعة لا تنمو الا بنمو الفرد , فاذا لم ننمي الفرد لا نحصل على جماعة قوية قادرة على تحمل المسؤولية  …. ولهذة العلاقة ثلاث أسس :
الإهتمام …. وهي علاقة الفرد وتفاعله مع الجماعة وهي علاقة عاطفية متبادلة بين الطرفين . فالفرد الذي لا يجد تفاعل حقيقي معه من قبل الجماعة ومع مرور الوقت تضعف عنده علاقة التعاطف , والنتيجة هو إضعاف للعلاقة الأنسانية بين الطرفين . أن إظهار الأهتمام من قبل الطرفين دليل على أيمانهم ببعضهم البعض وأن الفرد جزء من هذة الجماعة , وان الجماعة تهتم بالفرد كعنصر قوة وإدراك ومساهمة في دعم الجماعة.
الوعي …. وهي علاقة نفسية تربط الفرد بالجماعة , وتترجم هذة العلاقة الى سلوك ينتهجه الفرد مع الجماعة بعد إدراكه بأهداف الجماعة . والوعي يعني إدراك الفرد للظروف المحيطة بالجماعة، ماضيها وحاضرها وقيمها واتجاهاتها والدفاع عنها والأدوار المختلفة التي تعيشها ومرت بها مما يؤدي الى إزدهار الجماعة ونموها .
المشاركة…. وهي نتاج العلاقة العاطفية والنفسية للفرد مع الجماعة , مما يؤدي الى أندكاك الفرد وتفانيه من أجل تحقيق أهداف الجماعة بوعي كامل وعاطفة حقيقية , وهذا بدورة يعزز العلاقة الأنسانية بين الطرفين .
الجماعة قد تكون الوطن أوالعشيرة أو الأسرة أوالحزب أو المذهب أو فريق كرة القدم أو النقابة. فكل فرد يرتبط مع كل وبعض من هذة الجماعات , وهذة حالة أنسانية  يؤكد عليها علماء علم الإجتماع , وعبر هذة العلاقة نحصل على الهوية الوطنية أو الأجتماعية أو الطبقية أو الدينية أو المذهبية …. وهي مصدر فخر وأعتزاز  . ومن هذة العلاقة أو الأنتماء ينتج نحن وهم , نحن لنا هويتنا ومفاهيمنا وممارستنا وأهدافنا التي تختلف عن هويتهم ومفاهيمهم و ممارساتهم وأهدافهم . ولكن من الذي يحدد العلاقة بين نحن وهم ….  أن وعي الفرد والجماعة وسمو أهدافهم وسلوكياتهم وإيمانهم بان العلاقة الثنائية التي تجمعهم هدفها خدمة الأنسان والأنسانية.  يضاف اليها نصوص العقد الإجتماعي الذي يربط ( نحن وهم ) والمتمثلة بالدستور والقوانين والوائح والأعراف والتقاليد, كل هذة المسميات هي التي تفعل دور المسؤولية الإجتماعية في المجتمعات وتقوي الأفراد وتفعل المنافسة بين الأفراد والجماعات . أما أذا كانت هذة النصوص و المفاهيم  جامدة و مهملة وغير مفعلة  فعندها تنعدم المسؤولية الإجتماعية ونعيش حالة نحن وهم . فبدل من بناء الأنسان وخدمته يحصل التناحر والاحتراب بين الجماعات بين( نحن وهم ) ويذهب الأفراد ضحية لهذا الصراع وعندها نكون قد اهملنا حديث الرسول الكريم (ص)  كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الذي أمن به الغرب وأشتق منه نظرية المسؤولية الإجتماعية فعاش بسلام ومحبة وأبتعدنا نحن عنه فنعيش في عصر نحن وهم ..
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب