17 نوفمبر، 2024 7:18 م
Search
Close this search box.

المزاد السياسيّ

المزاد السياسيّ

في كل بلد من بلدان المعمورة مزادات كثيرة :
منها لبيع الأثاث المستعملة ،
ومنها لبيع الكتب – كما كان المعمول به في كل يوم جمعة في النجف الأشرف، أيام تشرفنا بالدراسة في جامعتها الدينية العريقة، وحضورنا أبحاث كبار مراجعها وفقهائها الأعلام –
ومنها لبيع العقارات – كما هو الحال في لندن – والتي اضطرتنا ظروف الاضطهاد السياسي إبّان الدكتاتورية البائدة المقبورة، الى العيش فيها قرابة عقدين من الزمن، بعيدين عن الأهل والوطن والأحبّة …
ومنها لبيع النوادر من العملات والمسكوكات القديمة …
ومنها لبيع اللوحات الفنيّة …
وهكذا …
ونحن هنا لانريدُ الاستقصاء ، وانما نكتفي ببعض الأمثلة .
ولكن ليس هناك مَنْ يُعلنُ عن وجود (مزاد سياسي) في البلاد ، يزحفُ نحوه أصحاب النفوس الضعيفة ، والنزعات المريضة ، ليتم تسويقهم ، وانتقالهم من خندق الى خندق ، ومن جهة سياسيّة معيّنة الى أخرى ..!!
إنَّ من أخطر الظواهر في عالم السياسة :
 الانقلاب المفاجئ اذا صح التعبير – من حالةٍ الى حالة ، حين تكونُ النسبة بين الحالتيْن التضاد ..!!
فالذي كان يُرعد ويُزبدُ ، ويهّدد ويتوعّد، ويدعو بالويل والبثور على معاندي كتلته ، وخصومها السياسيين، ينقلب على حين غِرّة ويعبر الى الضفة الأخرى …!!!
ان التذبذب، والتقلب، وشدة الاضطراب في الخط البياني لمواقف انسان معيّن، لايُعتبر من الصفات الايجابية، التي يمتدح عليها عند عامة الناس ، وعقلائهم بوجه خاص .
ان المزاج الزئبقي خطير، ومرعب، ووخيم الآثار والنتائج في كثير من الحالات .
إنَّ أصحاب النزعة المتطرفة في (الولاء) أو (المعارضة) هم أبرز العناصر في سوق المزايدات اليساسيّة ..!!
بينما يندر ان تجد في صفوف المعتدلين المتوازنين من السياسيين، ظاهرة الانحدار الى مستوى بيع النفس في البازار السياسي ، لصالح هذه الجهة أو تلك ، وهذه الدولة أو تلك ..!!
ان الاغراءات المالية ، والوعود بتبوء المراكز السلطوية العليا ، هي التي تقف عادة خلف عمليات الانخراط في المزاد السياسي .
ولقد شهدنا في الفترة الأخيرة، العديد من التحولات والتبدلات في المواقف والاتجاهات، مما فتح الباب أمام الافتراضات والاحتمالات ، التي قد لا يكون بعضها مستوحى الاّ من الخيال …
وعلى أية حال فان معظم ما تفرزه آراء المحللين والمراقبين لايصب في مصلحة أولئك الذين استمرؤا تلك العمليات المحفوفة بأمواج من الاستهجان والاستخفاف ..!!
وليسأل المحترف السياسي الذي سمح لنفسه ان يكون (شيئاً) – على حدّ
 البضائع المطروحة في السوق – بعد أنْ كان (شخصاً) محاطاً بسياج من الاحترام والتقدير والصيانة،هل بقيتْ له باقية في نفوس الناس أو في ذاكرة المناقب ؟

[email protected]

أحدث المقالات