17 نوفمبر، 2024 6:36 م
Search
Close this search box.

المرونة والانفتاح والتدبر من أجل جنس صحي

المرونة والانفتاح والتدبر من أجل جنس صحي

المرونة والانفتاح وخلق ظروف شرطية أمر مهم للغاية من أجل الاستمتاع بحياة جنسية صحية. ومرة أخرى ليس مطلوبا من الرجل أن يبذل مجهودا جبارا لإمتاع زوجته. بعض الحنان والمحبة والمودة قد تكفي.

معركة المرأة من أجل الاستحواذ على إعجاب الرجل واهتمامه لا تتوقف، بل تزداد مع الوقت شراسة ومراوغة. وهي معركة كونية تشمل النساء جميعهن أينما وجدن من العالم، ولا تخص مجموعة دون أخرى. غير أنها تظل معركة منقوصة وتقتصر على الجوانب الظاهرية، فالمرأة تبذل مجهودا خارقا، وتصرف مبالغ طائلة لأجل الحفاظ على جمالها وأناقتها، خوفا من أن ينصرف اهتمام زوجها إلى من هي أجمل وأكثر أناقة. إلى هنا لا شيء غير عادي، سوى أن المعركة يجب أن تنتقل أكثر إلى المحتوى.

التقيت منذ أيام طبيبة خمسينية في الطائرة، حدثتني طوال ثلاث ساعات عن خوفها من أن ينشغل زوجها عنها بفتيات أكثر جمالا وأناقة وأصغر سنا، أخبرتني أن المنافسة بينها وبين “المتقافزات” على أشدها، تكاد تشغلها عن باقي اهتماماتها ومسؤولياتها. بدت محبطة وعاجزة، وشعرت بشفقة حقيقية تجاهها. في المقابل أبدت هي استغرابها من أنني “طبيعية” ولا أحمل أثار تجميل أو تدخل جراحي أو أصباغ.

أفهم خوف هذه السيدة وقلقها، الأكثر من ذلك، أحترمه أيضا، لأنه خوف من أجل البقاء، خوف طبيعي ومبرر، ولا بد أن هناك الآلاف من النساء يعانين من نفس مشكلتها ويعشن داخل خوفها، وربما يكون لعامل السن دخل في ذلك، فالمرأة في هذه السن تشعر بعجز وغضب تجاه ما يسمى بـ”مرحلة الانحدار نحو الأسفل”.

في صغري ولم يكن عمري قد تجاوز الثامنة عشرة، حدثتني جارتنا طويلا، وهي معلمة مدرسة ابتدائية أنها تجد صعوبة بالغة في لفت اهتمام زوجها، وأن الأمر بلغ معها حدّ أنه لم يعد ينام معها في الفراش إلا مرة كل 3 أشهر مثلا. كانت ثرثارة وتخبرني بكل أسرارها، وكنت رغم سنواتي الصغيرة أحاول أن أساعدها، ومرة اقترحت عليها، بذهنية مراهقة، أن تدخل الحمام أثناء استحمامه، لتساعده في تنظيف جسمه، فربما يتحرك داخله شيء تجاهها فيغازلها ولو مرة. اقترحت هذا الحل، لأنني كبرت عليه في بيتنا، فكلما أراد أبي الاستحمام تلحق به أمي رحمهما الله لتساعده في فرك جسمه كعادة الأمهات في ثقافتنا الشرقية، وكان دائما لديّ اعتقاد أنهما يستغلان هذا الوقت للمعاشرة بينهما.

ما أودّ قوله هو أن انصراف الرجل عن زوجته أمر مؤذ ومؤلم جدا، قد يدفعها إلى اليأس والتشاؤم أو الى الاستماتة في الاعتناء بنفسها وإهدار مبالغ طائلة في ذلك، وتشويه وجهها وروحها، خصوصا في مرحلة معينة من عمرها، مع ذلك يبقى الأمر عاديا، فالحياة الجنسية للأزواج لا تسير في خط مستقيم كما نعرف جميعا، وفي مرحلة ما تجب الاستعاضة ببدائل لا غنى عنها والاكتفاء من الجنس بالطاقة الروحية للحب والمداعبة والاهتمام.

توجيه الاهتمام بالنفس إلى ما هو في الداخل قد يوفر حلا بديلا ومساعدا على تجاوز هذه المشكلة، وبدلا من أن تعمل المرأة على جذب اهتمام الرجل إلى مظهرها، سيكون عليها أن تنمي جانبا معنويا داخلها ينجذب إليه بنفس القوة والدرجة، كأن تتواءم مع خياراته وذوقه؛ أن تلتقيه في النقطة التي لا أحد غيرها يعرف كيف يجدها فيها، وأن توجد عاملا شرطيا بينهما.

وعلى سبيل المثال، قبل أن يخرج رجلها للبحث عن ذلك الفارق البسيط الذي يقوده إلى المتعة، عليها أن تجده داخله، وتوفره له، أيا كان، حتى وإن بدا لها تافها أو شاذا أو غريبا، ولنتخيل فقط أن بعض الرجال يخرجون للبحث عن “المرأة الخاضعة” أو “الملابس النسائية المغرية” أو من تقبل منهم ما لا تقبل الزوجات.

المرونة والانفتاح وخلق ظروف شرطية أمر مهم للغاية من أجل الاستمتاع بحياة جنسية صحية. ومرة أخرى ليس مطلوبا من الرجل أن يبذل مجهودا جبارا لإمتاع زوجته. بعض الحنان والمحبة والمودة الصادقة والمداعبة اللطيفة قد تكفي.
نقلا عن العرب

أحدث المقالات