19 ديسمبر، 2024 12:24 ص

المرونة المؤمنة والتعاون الايجابي للنجاح

المرونة المؤمنة والتعاون الايجابي للنجاح

تنجح القوة السياسية لمعالجة القضايا والأزمات السياسية اذا تمتعت بالمرونة الازمة من حيث الجدية والتحمل والمثابرة والصبر على الشدائد ولا يتأتَّى إلا من خلال المعطيات الدافعة ومنطلقاتها الأساسية.. وبروح التحدي والمثابرة المنشودة .للوصول الى تلك النجاحات الحميدة والعميقة الجذور و النظرة المعطاءة المتوازنة التي راعتها في انطلاقتها إلى الإنجاز الكبير بين الحاضر وتحدياته الحضارية والماضي الزاهر بتراثه وقيم المجتمع وعاداته وتقاليده العريقة ، لتساهم في العطاء والإنجاز لتحديد معالم الطريق إلى المستقبل ومواصلة التقدم بخطوات مدروسة للمجتمع “الذي يعني تجمعا إنسانيا يلتقي على قواسم مشتركة كالعادات المتماثلة والقوانين الاجتماعية الواحدة إضافة إلى المصالح المشتركة التي تجعل من تجمعهم أمرا مصيريا قائما على دوافع واقعية “، حتى عندما تصل المشاريع السياسية عندها الى تلك المنعطفات الخطيرة بما فيها تلك الممعنة في حدتها، بعد ان تتحلى ببعض الصفات الحركية نابعة من مبدأ صحيح آمن أفراده به إيماناً يقينياً . بخلاف ما يعتقد البعض، ذاك الذي يشغل الحيز الظاهر منها، والذي يبدو على سطح بحر العمل السياسي ذاته. وبفضل هذا الدور الذي يفرض نفسه على تلك القوى الحية الديناميكية تجد هذه القوى نفسها أمام مسؤوليات، تفوق قدرتها الذاتية على المحاور كافة” السياسية والاجتماعية والتنظيمية” و تكتشف تلك القوى أن ما غرسته خلال السنوات التي مرت من عمر مشروعها قد اعطى ثماره نتيجة التفكير المبدع، الذي ينطلق من رفض الكثير من المداخل النمطية التقليدية للمشكلات، والبحث، عوضًا عن ذلك، عن طرق جديدة مبتكرة للنجاح خارج عن النمطية في التفكير وايجاد السيناريوهات البديلة لاحتمالات احادية يتيمة ربما تكون قاتلة. فوضع السيناريوهات يفتح ذهن القوى الديناميكية، ويخرجها من دائرة السكون المحبط الذي تفرض على تفكيرها الحلول الأحادية الى حركة منتجة متعددة الابعاد والجوانب ، شريطة ان يتحاشى من يرسم تلك السيناريوهات أي شكل من أشكال التبسيطية التي تنسج دوائر سيناريوهات لا يقبل أي منها التعامل مع الواقع بالحيوية المطلوبة القائمة على تشخيص سليم وله ثوابت واضحة يتمسك بها يقوده إلى احتمالات واقعية قابلة للتطبيق. و ألاهم من ذلك كله وضع الحلول الصحيحة القادرة على التعامل مع أي من السيناريوهات عندما يغادر مواقع الاحتمال إلى حالة الواقع الملموس والمطلوب من هذه القوى إلى التفتيش عن طرق مبدعة تخلق من خلالها تحالفات قوية من طراز جديد. هنا ستكتشف هذه القوى أن تفكيرها المبدع سيولد دوائر جديدة من التحالفات، بما فيها مع جهات ليس بالضرورة في الدوائر المتعارف عليها، والتي ستساعدها على تجاوز تلك المنعطفات بأقل الخسائر السياسية والتنظيمية الممكنة .ومن المنطق نقول ان عملية الشد والجذب تحت سحابة سوداء من الخصومة غير القابلة للتطويع ، تجعل الرؤية ضبابية للامور وتخلطها بعدما تبين غرض الاستفادة منها لمصالح سياسية ضيقة دون ان تتوفر قراءة واعية للمخاطر الكبيرة لنتائجها على مستقبل البلد والشعب وذلك الاسلوب الطاغي في التعامل السياسي بين الكتل المتصارعة جراء تراكمات كبيرة من المشاكل على جميع المستويات وازدياد ضغوطها مما يسبب من تذمر شعبي وخلخلة الثقة بالطبقة السياسية المتصدية للعملية السياسية وذلك يستوجب وقفة تساؤل حول السبل المتاحة للخروج من اتونها والعمل على انفراجها واستيعاب ما تمخضت من مؤشرات خطيرة عن طبيعة عمق الاختلاف في التوجهات والاهداف بين الكتل السياسية وتفويت الفرصة على الاعداء من استغلالها وتنفيذ مخططاتهم واجنداتهم المشبوهة ، والتي يتكئ عليها البعض من خلال التصريحات التخوينية والتسقيطية وبلغة واضحة جدا ، الا ان السياسة وعاؤها المبادرات التي تؤدي الى طاولة الحوار والبحث عن حلحلة العقد المستعصية والخروج من مأزقها بحلول واقعية ومنطقية تفرضها المسؤولية الوطنية وليس مسيرة او قسرية بارادة خارجية ، لذا فأن الحكمة السياسية تتطلب التوجه لازالة الجمود بالمواقف والغاء الدفع المحموم بتاجيج واحتقان وتحريض الشارع الذي لايضفي الا للعنف وستكون ضريبته غالية جدا لايستطيع احد تحمل مسؤوليتها ، والمشاهد ان الاختلافات بين الكتل السياسية لا تخلو من اعتبارات اقتصادية واجتماعية قد تدعم دور النخب السياسية أو تقوضه و يظل نجاح تلك النخب أو فشلها في الاضطلاع بدورها رهناً بعوامل شتى، مِن أبرزها مستوى نضجها السياسي وتماسكها التنظيمي وتضامنها المعرفي وقدرتها على الدفاع عن أفكارها ومصالحها في مواجهة النخب البديلة، وكذلك جهوزيتها لتجديد دمائها عبر حراك داخلي يتيح استيعاب عناصر جديدة أكثر كفاءة وقدرة على التعامل الناجز مع المستجدات، فضلاً عن مدى فاعلية التوجهات السياسية وأنماط السياسات العامة التي تطرحها تلك النخب، ومدى تعبيرها عن التوجهات الأساسية لدى الرأي العام، وتمثيلها مصالح الجموع المساندة للنخب، بما يضمن استمرار تأييد تلك الجموع، علاوة على درجة المرونة والانفتاح لدى النخب السياسية في التعامل مع النخب الأخرى في المجتمع،

في مسائل المشاكل التي تعصف بالتيارات داخل الوطن الواحد يمكن اختيارالبعد الوطني و تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وكذلك تذليل الصعوبات وتسليط الأضواء على أهم المقومات التي تعيق تأخر الاتفاق و وضع النقاط على الحروف والخروج بنتائج تخدم المصلحة الوطنية للجميع . وهذا هو بالضبط ما على تلك أن تفهمه وتحوله إلى واقع يمكن استثماره لحلحلة المشاكل العالقة في الطريق و يبلور الغاية الحقيقية من موضوع الطاولة المستديرة الذي من خلاله يمكن أن تكون شراكة وطنية لها قابلية عالية في التحاور والتوصل إلى نقاط مشتركة من طبيعتها أن تزيل التشنجات وترطب العلاقات .وبلا شك ان المرونة بالنسبة للسياسة تحمل اتجاهين ، الأول يدعوا إلى توفير ارض خصبة يمكن من خلالها تسوية الأمور العالقة بين الطرفين والخروج بنتائج تخدم الجميع ، والثاني يكون على أساس منفعة شخصية غايتها تكوين علاقات يمكن من خلالها الحصول على مواقف معينة على حساب الجميع .

العمل المشترك لتحقيق منفعة متبادلة تساعد على التفاهم والتفاعل واستبعاد الصراع على أساس مبدأ غير صحيحة الى تفاعل يتصف بالديمومة والقوة، ويقوم على أساس التكافؤ و الحفاظ على الأمن والسلام ويتعمق بتحوله إلى التنسيق الذي يحمل معنى الإرادة والالتزام واستبعاد التصادم في المصالح المشتركة ، وقد يتطور التنسيق إلى تحالف دائمي اذا احسن الاداء بتفكرات سليمة فيها مصلحة عامة لا على أساس مبدأ سقيم يتصف بالضعف وعدم الديمومة… وهكذا فالتعاون يمكن أن يحصل بين مختلف الكتل المتباينة في مقوماتها وأهدافها وتخدم التوجه لخدمة المجتمع .