18 ديسمبر، 2024 8:05 م

المركز وفساد حكومة اربيل

المركز وفساد حكومة اربيل

لازال إقليم شمال العراق يعيش ازمة اقتصادية مستحكمة بسبب تأخر صرف رواتب الموظفين,جراء عدم ايفاء حكومة اربيل بتعهداتها للحكومة المركزية بتسليم النفط وأموال المنافذ الحدودية والمطارات وبقية الايرادات رغم تسليم الحكومة السابقة( عادل عبد المهدي) مستحقات الإقليم , لاسيما وان المواطن الكردي يعتمد بشكل أساسي على الرواتب, لكن حكومة اربيل توخر توزيعها, واعتادت على استقطاع ملايين الدولارات منذ بدء هذه الخطة عام ٢٠١٤, حيث تستولي على رواتب ثلاثة او اربع اشهر سنويا, اضافة الى الفساد الاداري والحكومي في ظل سلطة العائلة البرزانية الممسكة بالسلطة والتي تتقاسم المغانم في ما بينها منذ عقود, حيث تبدو المظاهرات اليوم أكثر شراسة في مواجهة سلطة العائلة البارزانية, كما وان برلمان الاقليم يشهد غيابا شبه تام لدوره الرقابي على أداء حكومة البرزاني,وتتحكم به الاهواء السياسية للحزبين الكردين, ولا يمثل طموحات الشارع الكردي, لذلك باتت السياسات البوليسية والقمعية لحكومة اربيل هي الحل التي تواجه به تذمر الشارع الكردي عبر الاعتقالات والاغتيالات, وهي تلقي مسؤولية الأزمات دائما على عاتق الحكومة العراقية.

وكانت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد اتفقت على تفاهم مع حكومة أربيل أن يدخل الطرفان في حوار لإيجاد تسوية القضايا العالقة بينهما( كان حكومة اربيل دولة ثانية وليس جزء من العراق)كالعادة وافقت اربيل على الجلوس الى طاولة الحوار, بشرط ان الحوار لا يبدأ الا بعد ان يقوم وزير المالية العراقي بتحويل مبلغ ٤٠٠ مليار دينار الى حساب حكومة اربيل,وزارة المالية وافقت واشترطت ان يوضع سقف ٣٠ يوما تتعهد حكومة اربيل بانجاز التسوية النهائية,خلال تلك الفترة ووفق الية تشمل قيام ديوان الرقابة المالية بتدقيق وحساب الإيرادات غير النفطية( المنافذ الحدودية) ووضع كامل نفط الاقليم تحت تصرف شركة تسويق النفط العراقي سومو,وزارة المالية حولت المبلغ وأصبح في حسابها, بعدها بدأت حكومة اربيل تماطل المركز كعادتها وأعلنت فشل تلك المفاوضات وعدم حصول التسوية النهائية التي كانت متفقا على إنجازها ضمن المدة المتفق عليها, كما وان وزارة المالية لم تقم بتحويل اي مبلغ جديد حتى يتم إنجاز التسوية.

على اثرانسحاب حكومة اربيل من الاتفاق اعتبر وزير المالية تنصل حكومة اربيل من التزاماتها القانونية بتسليم إيرادات النفط والمنافذ الحدودية واتهام سلطات الاقليم بعدم تسديد رواتب الموظفين التي أرسلت في الدفعة السابقة ,فيما اكد عضو القانونية النيابية حسين العقابي ان الاتفاق الاخير بين رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ومسرور البرزاني بانه اتفاق بائس ومهين للدولة العراقية يقضي بتسليم دفعة ثانية بقيمة ٣٢٠ مليار دينار مقابل التزامات عائمة وفضفاضة وغير واضحة من قبل حكومة اربيل, ولا يرتب اي التزامات مالية على اربيل التي تجني أموالا كبيرة من إيرادات المنافذ الحدودية وتصدير النفط ولا تدفع لحكومة المركز اي فلس.

الوضع الاقتصادي للمواطن الكردي وفساد حكومة اربيل وعدم الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين دفع بعض النواب الاكراد الى انتقاد سياسة الأحزاب الكردية, لان حكومة اربيل رغم استلامها المبالغ المخصصة للاقليم, فإنها قررت استخدام المبلغ لدفع قروض وهمية, مما دفع المتظاهرين الطلب من الحكومة المركزية بصرف رواتبهم عبر المركز لان الأكراد أصبحوا لا يثقون بحكومة اربيل وتحديدا الحكومة البرزانية.

ولعل اهم ما يؤشر على حيتان الفساد وهدر مالية الاقليم واستحواذ فئة قليلة من الفاسدين الكبار في الإقليم, هو ما يشير إليه البحث العلمي الذي أجراه طالب الماجستير في جامعة صلاح الدين ريبر جلال, حيث أشار بأن هناك أكثر من تسعة آلاف ملياردير في الإقليم راسمالهم يفوق مليار دولار إضافة إلى خمسة مليونير يفوق راسمالهم آل ٤٠٠ مليون دولار , وهناك عشرة آلاف مليونير من الاغنياء في الاقليم , ووفقا للبحث فإن ٥٠% من الاغنياء في محافظة اربيل و٢١% في محافظة السليمانية و٢٣% في محافظة دهوك و٦% يسكنون في في كركوك, إن عدد المليارديرات في الاقليم يتجاوز عدد المليارديرات في ايطاليا وهولندا, وحسب البحث فإن غالبية الأغنياء في الإقليم هم من التجار واصحاب الشركات ومن السياسيين والمسؤولين المحسوبين على العائلة الإقطاعية البرزانية و العائلة الإقطاعية الطالبانية, ويضيف البحث أن ٣٠% من المواطنين الاكراد يعيشون تحت خط الفقر وأكثر من ٢٠% عاطلون عن العمل, واكد رئيس اتحاد الغرف التجارية في الاقليم دارا جليل خياط ان ما تم نشره من خلال البحث قريب جدا من الواقع, مما يفسر الطريقة الفاسدة التي تديرها حكومة البارزاني في الإقليم ,فقد ترك الآخرين قابعون تحت مستوى خط الفقر بل الآلاف من موظفي الاقليم لم يستلموا رواتبهم الى الان, رغم تصدير النفط دون علم الحكومة اضافة الى المنافذ الحدودية التي لا زالت غير مسيطر عليها نتيجة لضعف الاجراءات القانونية الرادعة والمجاملات السياسية وراء تسويف ملف المنافذ وتوحيد التعرفة الكمركية.

يبقى الأكراد جزء من الشعب العراقي ومن مسؤولية الحكومة العراقية حمايتهم ورعايتهم ومنع أي جهة تحاول الإساءة لهم وقطع ارزاقهم.