12 أبريل، 2024 4:17 م
Search
Close this search box.

المرحوم الدكتور يوسف عزالدين العلاّمة – الأنسان

Facebook
Twitter
LinkedIn

عقدت الجمعية العربية للثقافة في ويلز لقاءها الثقافي الدوري لعام 2013 وذلك في يوم السبت المصادف السابع والعشرين من شهر نيسان/أبريل. وقد خصّص اللقاء لتأبين المرحوم العلاّمة الدكتور يوسف عزالدين الذي توفاه الله في الثامن من نيسان /أبريل 2013 وذلك في غرب مقاطعة ويلز في بريطانيا.
وقد فصّل البرنامج الثقافي للقاء بالمنجز الثقافي والفكري لفقيد الثقافة والأدب والفكر يوسف عزالدين من خلال كلمات وشهادات وقصائد المشاركين. وقد أوضح كاتب السطور، رئيس الجمعية العربية للثقافة في ويلز، بعد أن فصّل بايجازفي سيرة حياة الفقيد عزالدين، أوضح النهج البحثي الأدبي الذي أتبعّه الدكتور يوسف عزالدين من خلال مؤلفاته ودراساته وبحوثه ومحاضراته وهو الذي ألّف العشرات من الكتب ونشر العديد من البحوث في الأدب والثقافة أضافة الى فعله الأبداعي قصيدا أو سردا. وقد حدّد عامر الصفّار صفات للفقيد وجدها مما أتصّفت بها شخصيته وهو صاحب المكانة المعروفة في الوسط الأدبي والثقافي العربي:
1.فقد كان الدكتور يوسف عزالدين صاحب نهج ومدرسة في البحث الأدبي تقوم على المعلومة وتحليلها وأستكناه معانيها والتأكد منها ومن مصادرها. وهو يذهب في ذلك كلّ مذهب بحثا عن مصادر معلوماته. وهكذا تجد كتبه بالذات وقد احتوت خير المصادر توثيقا لشؤون الشعر العراقي القديم والحديث أضافة الى شؤون القصة القصيرة في العراق وشؤون الفكر والتراث. ولعل قائمة كتبه المنشورة من خلال دور النشر العراقية والعربية تدل على مدى الأهتمام الأدبي والثقافي أضافة الى غزارة الأنتاج ونوع المواهب. فمن كتبه كأمثلة تقرأ: الشعر العراقي في القرن التاسع عشر: خصائصه وأهدافه، الشعر العراقي الحديث والتيارات السياسية والأجتماعية، في الأدب العربي الحديث (بحوث ومقالات نقدية) ، الأشتراكية والقومية وأثرهما في الأدب العربي الحديث، شعراء العراق في القرن العشرين، الرواية في العراق: تطورها وأثر الفكر فيها، تطور الفكر الحديث في العراق، الشعر السياسي الحديث في العراق، الحركة الفكرية في العراق، قضايا من الفكر العربي وغير ذلك.
2. لقد عني المرحوم يوسف عزالدين بأتباع المنهج النفسي في تحليل النتاج الأدبي. وهو في ذلك كان صاحب قول ورأي يقول به ويسنده بالشواهد والأدلّة من سرد أو قصيد مما جاء على لسان أصحابه ومن مصادر موثوقة. ففي كتابه الشعر السياسي الحديث في العراق يستخلص عزالدين أن الهدوء ليس من طبع أهل العراق..أنما الحدّة والثورة، والقوة أبرز مظاهر طباعهم وعاداتهم. يقول عبد الحسين الأزري:
 هذا العراق وكان في
زمن من الأزمان بحرا
سنن الوراثة كوّنت
في طبعه مدأ وجزرا
متقلّب كرياحه
ما بين آونة وأخرى
متحّول كالرمل لا
تدع الرياح له مقرا
كالشوك يسرع في اللهيب
فأن خبا لم يبق جمرا
3.وقد كان المرحوم يوسف عزالدين عائليا بمعنى أنه رجل عائلة يهتم بشؤون الأسرة والأولاد ويحرص على غرز روح الأجتهاد والمتابعة عندهم. أضافة الى كونه من المربين المتميزين من خلال دوره التربوي أستاذا في التعليم الجامعي الأولي والدراسات العليا وفي العديد من الجامعات العراقية والعربية وفي المجمع العلمي العراقي. وفي هذا كلّه كان الرجل الفقيد اجتماعيا صاحب معشر ومجلس، فلم تخلو مجالس الأدب والثقافة من أشعاره ومحاضراته وتعليقاته المهمة.
وقد تميّزت أمسية الجمعية العربية للثقافة في ويلز بأن حضرها نيابة عن عائلة المرحوم يوسف عزالدين ولده البكر أسل الطبيب الجرّاح  والذي أبى نيابة عن العائلة الاّ ان يشارك الجمعية وأعضاءها ومتابعيها أمسيتهم بأن يقدّم مجموعة من اللقاءات المسجلّة الفيدوية مع والده وهو على فراش المرض في ويلز يبدي فيها اراءه في شؤون الحياة، اضافة الى مقطع فيديو يعرضه وهو يقرأ قصيدته العصماء في حفل تكريمي له في المملكة العربية السعودية حيث كان يعمل في جامعاتها.
وكان أن شارك الأستاذ الفاضل قاسم عزالدين أخ الفقيد الجلسة الثقافية التأبينية بقصيدة عينية رثاءا لأخيه جاء فيها:
أتى نعيٌ فطرت به شَعَاعَـــا      وهل جزعٌ يُعيد لنا مضاعا
تعاودني الهواجس كــلَّ يومٍ      وهـل أقوى عـلى  همِّ صراعا
يعيش المرء ما استحلى حياةً     وموتٌ لا يُطيق لـــه دفاعا
ولو دفــع النوائب مستطاعٌ      لمــــا نزلت بساحتنا تِباعا
ولو ذرفُ الدموع يُعيد ميتاً     لأغرقنــــا المهامِهَ  والبقاعا
وإن ألـــوت بنا غِيَرُ الليالي     سجيسَ الدهرِ وانثالت قِراعا
فهذا الحكم للباري قضاءٌ      وما يقضي الإلهُ لنــا مُطاعـا      
وما بُعْدُ المنازل من حبيبٍ       ليمنعَ ان أقولَ لـه:  وداعـــا
أبا أسلٍ وأنت سليــلُ بيتٍ      كريمِ الأصل لم تَخْبُثْ طِباعـا
وأنتَ وريثُ غرسٍ من فروعٍ   لآل محمــــــدٍ طابتْ  رِضاعا
عبدتَ الواحدَ القهَّارِ حـَـقاً      ولم تَعْبُــــــدْ يَغُوثَا او  سُواعا
وما مالأتَ في دنيـــاك خِبَّاً      لئيمـاً يرتجي منــــك انتفاعا
أبيتَ على الطغاة الظلمَ حتى     رحلتَ ولم تَكُـنْ خَنِعَاً يَرَاعا
وكم ساموك أنْ تَدَعَ العوادي    فلمْ تَمْـــدُدْ لهـــمْ  ذُلاً  ذِراعا
فأنت الطود في الآداب تسمو     وهـــــمْ شَرُّ البُغَـاثِ إذا تداعى
جزاك الله عنَّـــا كلَّ خيـــرٍ     وداعــــاً يا أبا أســلٍ وداعــا
كما ألقى شاعر ويلز الأستاذ أحمد لطيف قصيدة بالمناسبة جاء فيها:
الموت حكم في البرية سرمد
يغزو الأنام ويستمر المشهد
والكل نحو خطاه يسرع غافلا
لينام في قاع اللحود ويرقد
نمضي ونترك خلفنا عبرا لنا
تبقى مصاديقا لقوم ترشد
فأذا أنتهت عبر الحياة وفتت
سيكون في ذكر الممات المقصد
نجح الذي وهب الحياة لعلمه
سينام تحت ثراه وهو مخلّد
نعم الأبوة ما بناها يوسف
فيها المحاسن عزة وتودّد
أنتم أبا أسل ورثتم طيبة
فنحلتها أرثا لمن هو يشهد
وفي ختام الأمسية عرض الأستاذ الجليل الدكتور عبد الرضا عليّ شهادته بشأن أستاذه الفقيد يوسف عزالدين حيث كان عليّ قد درس على يدي الدكتور عزالدين في دراساته العليا في مصر العربية وجامعاتها في السبعينيات من قرننا الماضي، وقد جاء في الشهادة ما يلي:
  “وإذا كانت السنة الأولى قد مرّت بسلام، فإنّنا كنّا في أشدّ الخوفِ في السنة الثانية من درسِ الكتاب القديم الذي كان يدرّسه العلّامة المرحومُ يوسُف عزّ الدين، فقد علمنا ونحنُ في السنة الأولى أنه يشترط على الطالب حفظَ ثلاثين صفحة من الكتاب القديم الذي يتمّ اختياره، ويكون الامتحان في تلك الصفحات شفويّاً أمام الطلاب، فبعدَ أن يتسلّم الأستاذ من الطالب أوراقه المستنسخة بخطّه من كتاب ” العمدة ” لابن رشيق القيرواني، أو ” الكامل” للمبرّد، يختار له الصفحة التي عليه أن يبدأ منها، وحين يتأكّد من أنّ استظهاره كان جيّداً، يبدأ بتوجيه أسئلته المتعلّقة بالإعراب، والشرح، وتقطيع الأبيات الشعريّة، وما إليها من أمور معرفيّة.
  كان أستاذي عزّ الدين في العام 1974 م، دؤوباً ، سواء أكان في التدريس، أم في التأليف، أم في القراءة، وكان يستعينُ بطبّاعٍ متمرّس(كاتب طابعة مجيد) يلازمه في شقته الكائنة في حيّ الزمالك، يدفعُ إليه مسوّدات ما يكتبه يوميّاً،وعندما ينجزُ الطبّاعُ عمله يسلّمه إلى شخصٍ آخر يقوم بمراجعة المطبوع، وهذا المراجعُ كانَ أشبهَ بالسكرتير الشخصي، وهو المسؤول عن إدارة المكتب او الشقّة أو ورشة العمل( سمّها ما شئت) فضلاً عن قيامه بخدمةِ الأستاذ، وتلبيةِ احتياجاته التسويقيّة، والإجابة على هواتف المتّصلين من الأصدقاء، والطلبة ؛ وفي تلك الورشة تمّ إنجاز كتابهِ الموسوم بـ ” القصّة في العراق جذورها وتطوّرها” وقد نشره له معهد البحوث في العام نفسه.
  كان لي ولزميلي المرحوم مزاحم أحمد البلداوي شرف زيارته مراراً في هذه الورشة/ الشقّة، فأكبرنا فيه ذلك الدأبَ في البحثِ والتقصّي وتهيئة المحاضرات، لكنه كان يجد في عمله ذاكَ متعةَ العالم التي تفضي إلى منفعةِ الناس، وكأنّه أرادَ إشعارَنا بأهميّة الزمن، وضرورة الإفادة من الوقت الذي كان متاحاً لنا آنذاك”.
وقد دعت الجمعية العربية للثقافة في ويلز المراكز الجامعية العراقية والعربية للأحتفاء بالعلاّمة المرحوم يوسف عزالدين وذلك بتخصيص قاعات محاضرات بأسمه وتخصيص أمسيات ثقافية تناقش منجزه الأبداعي والثقافي والفكري وتستنتج منه الدروس والعبر خدمة لأجيال المستقبل.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب