لايختلف اثنان ، ان الخلافات الحالية بين القوى السياسية في اقليم كوردستان من جهة وبين اربيل وبغداد من جهة اخرى وبالاخص بعد احداث 16 تشرين الاول اثرت سلبا على مجمل الحياة العامة للمواطنين واستمرار الازمة الاقتصادية وتدني مستوى الخدمات بشكل عام.
الجميع متفقون على ان السبيل الوحيد لخروج الاقليم من النفق المظلم هو استمرار الحوارات بين القوى السياسية و الوصول الى توافق وطني بالرغم من التقاطع في المصالح الحزبية وبالاخص في المفاوضات الحالية بين حكومتي الاقليم وبغداد بشأن حقوق الكورد الدستورية كدفع الرواتب وحصة الاقليم من الموازنة الاتحادية للعام الجاري.
على الرغم من تاكيد جميع المخلصين وبالاخص اصدقاء الشعب الكوردي على ضرورة وحدة الصف والموقف الكورديين في المرحلة الراهنة ، الا ان بعض القوى التي كانت لحد الامس جزءا من الحكومة والبرلمان في الاقليم واليوم تدعي انها قوى معارضة ، تبحر عكس التيار من اجل بعض المكاسب الحزبية ، نظرا لأقترابنا من الانتخابات في اقليم كوردستان والعراق ، حيث زار وفد مشترك من التغيير والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة،والجماعة الاسلامية بغداد الاسبوع الماضي ، مدعيا ان الهدف من الزيارة هو السعي لانطلاق الحوار بين بغداد واربيل و حل مشكلة اطلاق الرواتب .
لاشك ان هكذا زيارات تشدد الخلافات الكوردية الكوردية وتوسع الهوة في الموقف الكوردي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الاقليم والعملية السياسية في العراق بدلا من معالجتها ، لان الجانب الرسمي الذي ينبغي ان يدير المفاوضات والحوارات مع بغداد هي حكومة اقليم كوردستان باعتبارها حكومة منتخبة وتمثل غالبية ابناء الشعب الكوردي ، واجراء اية حوارات حزبية مع بغداد ، ستنعكس سلبا على سير الحوارات الجارية بين اربيل وبغداد .
استمرارا للمحاولات السابقة من جانب الديمقراطي الكوردستاني وحليفه الاتحاد الوطني الكوردستاني لتوحيد الخطاب والموقف الكورديين والذي توجت بتنازلات للقوى التي تدعي المعارضة ، لأيجاد نوع من التوافق الوطني في حسم الخلافات في الاقليم ومع الحكومة العراقية. الا ان كل تلك المساعي لم يكتب لها النجاح وبالتالي انسحبت تلك القوى من البرلمان والحكومة في الاقليم ، في حين لم يبق سوى اشهر قليلة من عمر الحكومة والبرلمان والدخول في انتخابات عامة لحسم القوى التي ستتصدر المشهد السياسي والحكومي بناء على ماتفرزه صناديق الاقتراع.
حرصا على المصلحة العامة وسعيا لتجاوز المرحلة الصعبة الحالية للوضع المعاشي للمواطنين ، اطلق الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعلى لسان نائب رئيس الحزب نيجيرفان بارزاني يوم الاحد 7 من الشهر الجاري في مؤتمر صحفي مع السيد ملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني عن سعيه لأيجاد وفاق وطني في اقليم كوردستان عبر دعوته الاطراف السياسية الكوردستانية في المشاركة بالانتخابات العراقية المقرر اجراؤها في ايار المقبل بقائمة واحدة.
ان الظرف الحالي الذي يمر فيه اقليم كوردستان في ظل الحصار الاقتصادي الخانق والحالة المزرية المعاشية للمواطنين وتدني مستوى الخدمات تستدعي جميع القوى السياسية الكوردستانية الشعور بالواجب الوطني والاخلاقي والجلوس على طاولة الحوار لأيجاد توافق وطني بشأن معالجة المشاكل التي يعانيها المواطنين فضلا على حل خلافاتهم السياسية بروح وطنية وترك بقية الامور لصناديق الاقتراع التي ستكون الفيصل بعد اشهر قليلة قادمة.