( نظرت الى الحيوانات وعلى رقابها النير وهي تحرث اقطاعية اهلي البُيّضَة في حوض الغراف او تدوس بيدرهم، نظرت الى الناس السود في مضيفنا الذين يسمونهم العبيد يسكبون
على ايديهم الماء ويقدمون لهم نعالهم، نظرت الى الغجر الذين يخيمون حول ارضنا ويصنعون لنا المناجل والمساحي والفؤوس واهلي يسمونهم
الكاولية احتقارا، نظرت الى المراة التي تحملنا في بطنها ويقولون عند ذكرها تكرم عن طاريها، نظرت الى الشحاذين في المدينة ونظرت الى اللقطاء الذين يواجهون الازدراء
نظرت الى التفاخر بالاحساب والانساب وكيف ان اهلي يسمون الاخرين بالعجم وقلت حسنا لتكن المدينة لقبا فما عساي ان افعل ببني زيد ال فتلة ورجعهم زبيد سعد العشيرة الاكبر مذحج وصولا الى قحطان
في العمومة وما شأني ب ال باش اغا ورجعهم الى ال حِسَن وصعودهم الى بني وائل ثم عنزة في الخؤولة.
ان تكون زيدي عنزي لجهة الاب والام فهذه ليست مفخرة المفخرة ان تشعر بانك والحمار على درجة واحدة من تساوي الارواح، غيري يقول ان بامكاني ان القي مئة الف بندقية
في الشارع بكلمة نخوة واحدة وانا اقول اريد ان القي فكرة واحدة بالحياة من خلال ملايين الكلمات)
………………………………………………………………………
……………………………
الافراغ هو الحلقة الثالثة من الحياة بعد حلقتي الانتاج والاستهلاك وقلنا ان الشرق عامة والعراق خاصة تقع حياته في الحلقة الوسيطة دون
الاولى والثالثة فهو مجتمع يستهلك دون ان ينتج او يفرغ.
المرحاض هو احد قنوات الافراغ وبما ان الافراغ غير معترف به فقد واجه المرحاض الاحتقار وكان نصيبه الاهمال مع انه يضيفنا بكرامة عدة مرات
باليوم خاصة بالنسبة للمسلمين الذين تقتضي عبادتهم درجات عالية من الطهارة بابعاد الحدثين الاصغر والاكبر.
فتحة في الارض تحويها غرفة ضيقة بباب غير محكم الاغلاق وسيء الصناعة والمكان يخلو من اي رياش.
التخلي عملية صراع يومي مجهدة في الشرق اذ عليك ان تجلس القرفصاء وتحافظ على توازنك كي لاتقع الى الخلف او الامام او على الجانبين فليس من مساند
وعادة ماتستخدم مقابض مجرى المياه او الابريق كادوات لحفظ التوازن.
ينشغل ذهن المرء بتصويب الرمية ووجود الماء والحفاظ على سرية اصواته والنتيجة انه يخرج مجهدا متوجسا خجلا مشدود عصب الركبتين مبلل الفخذين متالم النواسير
وعليه فان الانسان الشرقي يحتاج الى وقت ليس بالقصير لاستعادة وضعه الطبيعي بعد الخروج من عملية الافراغ.
المرحاض في المانيا البلد الاوحد في التكامل فضاء له شخصيته المستقلة ومساحته المناسبه يوفر حرية الحركة والراحة التامة في الجلوس واستيعاب الجسد وحماية الملابس وانسيابية
في عمل الاعضاء كما انه يخفف الضغط عن الركبتين ولايلحق بروابطهما العضلية اذى وهو مامون على الناسور لذلك نخمن كثرة عمليات الناسور بالشرق وقلتها بالغرب.
هناك ضروريات كالصابون وورق النشاف وموائع المطهرات والتعطير وايضا توجد كماليات كاوعية الورود والجماليات من لوحات او اكسسوارات.
المرحاض في الغرب هو انظف مكان في البيت وهو بحق بيت الراحة او المستراح كما يقول جيراننا الفرس في التسمية القديمة.
يكسب الغرب ملايين الساعات من التامل والتفكير والراحة نتيجة استخدام المرحاض اما الشرق فيتكبد ملايين الساعات من الخسائر الجسدية والذهنية.
ان اي مجتمع يريد تحقيق اختراق في بناء حياته عليه ان يبدء من اثنين
عقول الاطفال
وابنية المراحيض
يعتبر المرحاض في الغرب مكانا لائقا لاتوجه اليه اي شتيمة او وصف احتقار كما ان المرء لايشعر بالخجل عندما يقول اريد الذهاب الى المرحاض او كما يقول
اهلنا الالمان
Ich will auf die Toilette gehen.
انه احد مراكز الحياة.
لاننسى هنا ان الادب من قصة وشعر وحكاية ساهم في تدمير سمعة المراحيض في الشرق كما ان منظومة التعليم والاعلام تضعه في الزاوية المظلمة من الحياة.
لا احد في الشرق يحاول ان يتعلم كيف
يفرغ بطنه لكن الجميع يحاولون تفريغ احتقاناتهم عبر اللغة فقط.
لاحظ
الغرب يصعد عندما يستخدم التواليت اما الشرق فعليه ان ينزل حينما يستخدم المرحاض.