في اللقاء الاخير لقناة الحرة مع المرجع اليعقوبي طرح موضوع مهم هو مثار جدل في الشارع العراقي وهو الدعوة الى أقامة الدولة المدنية التي نسمع صداها في كل مكان ويتبناها ما يسمى بالتيار المدني وينظر لها الكثير من المفكرين ويطرحونها كبديل للدولة الدينية ويصفونها انها الحل الناجح والبديل الانجع لما يحصل اليوم في البلاد من تدهور وفساد وتدني في الخدمات بسبب ما اصطلح عليه بالاسلام السياسي لهذا فهم يقرنوها بالعلمانية أي أبعاد الدين عن الحياة العامة وتحجيمه في أسوار وحيطان المسجد لهذا جذب هذا المصطلح الكثير من الشباب الحالمون بأقامة الدولة العادلة أو الفاضلة ، فأن كان هو الحل لما نحن فيه فمرحباً به ولهذا كان هو السؤال الاول في اللقاء مع المرجع اليعقوبي من قبل أحد أركان هذا التيار فكان الجواب من قبل المفكر الاسلامي أن الجميع يطالبون بالدولة المدنية والصاق المدنية بالعلمانية مغالطة واضحة فلا تلازم بين المدنية والعلمانية والدين يدعو الى المدنية بملاحظة وضع العرب فيما قبل الاسلام وما بعد الاسلام أصبحوا من أعظم الحضارات بالدين ، اذن نظرة المفكر الاسلامي للمدنية هي التحضر و الحضارة أي دولة المؤسسات التي ترتكز على المواطنة كمعيار للتفاضل الانساني فالمواطنون سواسية لا تمييز بينهم على حساب الانتماء الديني أوالمذهبي أوالقومي أو الايدلوجي فمن الممكن للدولة المدنية الحديثة أن تعتمد الدين كدستور لها ما دامت تحافظ على حقوق المواطنة إن كان خيار الناس وف الاطر الديمقراطية والناس جميعاً فيها متساوون في الحقوق والواجبات بلا تمييز ، ولكن هذا خلاف ما يروج له دعاة الدولة المدنية اليوم بأن الاسلام لايسمح بالتنوع والتعايش السلمي بل يضطهد المخالف كالملحد والعلماني والمرتد وغيره وهنا ينكر المرجع اليعقوبي وجود مثل هذا السلوك أو تأسيسه في الاسلام ويستدل بالدولة التي أسسها النبي محمد (ص) ودولة الامام علي (ع) وحتى الدول الاسلامية المنحرفة فلم يذكر التاريخ أي حالة تعدي على مثل هؤلاء بل كانت جميع الاديان والطوائف يعيشون في الدولة الاسلامية محترمين معززين لهم جميع حقوق المواطن المسلم بلا تمييز حتى إن الملاحدة كانوا يأتون مواسم الحج ويقيموا المناظرات مع أئمة المسلمين كالامام الصادق (ع)وغيره ولم يتعرض لهم أحد بسوء فغاية ما يصل الاسلام في التعامل مع هؤلاء هو النقاش العلمي والعقلي ضمن أطار الحكمة والموعظة الحسنة ولا تصل الى أبعد من ذلك، أما ان كانت هناك حالات قتل أو خطف قد تحدث فهي ليست بدوافع دينية مطلقاً وأنما لدوافع وأهداف وصراع سياسي ، اذن الدولة المدنية ليست مقابل الدولة الدينية وليست قرينة العلمانية وأنما هي دولة المؤسسات والمواطنة ودولة الانسان الذي يعتبر مرتكز هذه الدولة وبناء هذا الانسان وتربيته في المحافظة على العلائق الانسانية السامية والسلوك الاخلاقي الحسن وتقويم أي أنحراف بأحترام القوانين العامة هي أهم توجيهات الاسلام فخلاصة ما يريده الاسلام والفقهاء هو المحافظة على المصلحة العامة وعدم السماح بالاخلال بالنظام العام لأنه من يحفظ الدولة وحقوق الناس ومصالحهم .