التلميح ابلغ من التصريح؛ هذا ما دأبت عليه المرجعية الدينية منذ أشهر, حيث تناولت عدة موضوعات بالتلميح, وفقاً لما تقتضيه الحاجة, ألا إن ذكرها لقصة قارون الواردة في القرآن الكريم له مغزى كبير, لاسيما عندما ربطت تلك القصة بالواقع السياسي.
الكل يعرف قصة قارون الواردة بالقران؛ والذي جمع الأموال والذهب, وكان ركن من أركان الدولة بمفهومها الحالي, والذي اخذ يستمل الناس بما يقدمه لهم من هدايا وهبات, وقطعاً المجتمع مقسم إلى طبقات دنيا ووسطى وعليا؛ وهم أعيان القوم وأهل العقد فيه, وقارون من المؤكد كان يستهدف المؤثرين ليفرض سيطرته, ونفوذه على المجتمع من اجل تحقيق غاياته, والوقوف بوجه الدين الجديد.
فالمرجعية؛ عندما ذكرت هذه القصة القرآنية, استذكرت الرواية الواردة في كتاب أعيان الشيعة: (خليفتكم الذي يجمع الأموال) والمرتبطة بمراحل التهميد للظهور الشريف, وبما إن الحديث أصبح مكشوف, إن ما يجري هو من تلك العلامات المرتقبة, فأن هناك ربط بين ما تريد المرجعية الدينية مكاشفة الناس فيه, حول وجود شخصية مهمة غايتها جمع الأموال بشتى الطرق, وممارستها كسب ود الناس كافة.
فالترابط بين قصة قارون, ووضوح غاياته في عهد موسى الكليم, وما طرح في خطبة صلاة الجمعة, يفضي ليس بالتحسس والتحليل, إنما حديث المرجعية مبني على أرقام وبيانات إحصائية دقيقة, وإلا فما كان لحديثها من تأثير خاصة بالتلميح لوجود قارون جديد, استغل موقعه في الدولة, وجوده المؤثر وليس شكلي, لذا يتم التحذير منه, لان مساعيه ليست نبيلة بقدر تظاهره بخدمة الناس.
والقدر المتيقن؛ إن تلميح المرجعية العليا جاء بناءاً على فضائح غسيل الأموال, وتهريبها إلى خارج العراق, والتي برز مؤخراً بالأدلة, إحدى تلك قضايا المرتبطة بجمع الأموال, والتي قام فيها شخص مقرب من السلطة, بتهريبه ستة مليارات دولار عبر مصارف وهمية إلى إحدى دول, ويعد هذا جزء من تضعيف الجانب الاقتصادي للبلاد, ما جعل الأصوات تتعالى بمحاسبة المفسدين, واسترجاع أموال العراق.
ولكن مع ما أصاب العقل من ذهول حول المبالغ الكبيرة التي تم تهريبها, وبين عدم محاسبة الفاعلين وفق القانون, يبين إن في أفق ستظهر جلياً شخصية قارونية, مطابقة لما جاء بالقرآن الكريم, لتكون عبرة لأولي الألباب, ولكن الأمر المحير, هل من ربيب ليفقه قول القران؟ ويسهم بكشف تلك المخططات لمحاربة الخط الموسوي, الذي ستؤثر الأموال التي جمعها بشتى الأساليب لمواجهته.
إذن؛ المرجعية الدينية حذرت المجتمع بشكل واضح عبر قصص القران من تأثير ظهور الرجل القاروني في العراق, والذي جمع الأموال, ليعيد للأذهان ما فعله قارون الأول بالنبي موسى “ع”, وسيقف ذلك الخليفة “قارون العراق” بوجه الحق شاءت الناس أم أبت.