-1-
حين انطلقت مسيرة الاصلاح في السابع من آب /2015 بتوجيهٍ من المرجعية الدينية العليا متمثلة بسماحة السيد السيستاني دام ظله، استبشر المواطنون العراقيون وعقدوا الآمال العراض على زوال كابوس الفساد في البلاد .
ولم تُتحْ لغير الدكتور حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء فرصة كهذه الفرصة الثمينة لإحداث التغيير المطلوب ، مدعوما دعما قويا مباشراً من المرجعية الدينية العليا، ومن الجماهير العراقية التي كشفت التظاهرات العارمة عن عمق ارادتها للتغيير، والخلاص من براثن الفساد، وضرورة محاسبة المفسدين أيّا كانوا وأيّا كانت مواقفهم …
وبدأت حُزم الاصلاح تتوالى حزمة بعد حزمة …
-2-
انّ هناك جهات معلومة أصابها الذعر والاضطراب من هذا الاصرار على المضي في درب الاصلاح والتغيير، بعيداً عن كل الحسابات الفئوية والطائفية ، وبعيداً عن الصفقات السياسية والمحاصصات البائسة التي دمرت البلاد وأرهقت العباد .
لقد تفتقت اذهان شياطين الإنس عن مقولة ظنوا أنهم يستطيعون من خلالها التأثير على مسار المطالبات الساخنة بالقضاء على الفساد ورموزه والمتصاعدة جمعة بعد جمعة …
قالوا :
اننا في حربٍ لا هوادة فيها مع الارهابيين التكفيريين من ” داعش” فلا بُدَّ من ان يكون التوجه الآن نحو حسم المعركة مع الارهاب ، واذا ما تمّ ذلك أمكن التوجه لمحاربة الفساد والمفسدين بكل ضراوة وقساوة …
وهذه المقولة قد تفترس بعض ضعاف العقول … فتزلزلهم عن مواقفهم، وتسوقهم عمليا الى ألوان من الفتور والتراخي .
إنّ الفساد المالي والاداري هو الذي مكّن الأوغاد (داعش) في بسط سيطرتهم على ثلث التراب العراقي الطاهر، من خلال بيع المناصب العسكرية و الأمنيّة ، وتسليط الفاشلين على المواقع الحساسة وكثرة الفضائيين في المؤسسة العسكرية ،وغض النظر عن تهريب عتاة الارهابيين من السجون …
ولقد جاءت تحذيرات المرجعية الدينية العليا من خطر تقسيم العراق ، مالم تحسم الحكومة العراقية برئاسة د. حيدر العبادي أمر الاصلاح الحقيقي، لتعطى زخماً جديداً لحركة الاصلاح والتغيير من ناحية ،
وتقفز بقضية انجاز الاصلاح الى أعلى المستويات وأخطرها من ناحية أخرى .
انّ التركيز على وجوب الاهتمام (بالعدالة الاجتماعية) أمرٌ بالغ الأهمية والخطورة ، بعد ان شبع الملايين من العراقيين قهراً وتَعَبَاً ومعاناة …
واستوى في ذلك الملايين من النازحين عن ديارهم ، مع الملايين التابعين في أتون الحرّ ، وشحةً المياه ، وسوء الخدمات، وقلة المبالاة بأحاسيس المواطنين وحاجاتهم الحياتية ..
وهكذا تكون المرجعية الدينية العليا قد أضافت الى موقفيْها التاريخيين السابقين موقفاً رائعاً جديداً :
لولا المرجعية الدينية العليا ودعوتها الى الجهاد الكفائي لكانت زُمَرُ الارهاب من داعش قد وصلت الى بغداد …
ان الحشد الشعبي المبارك كان السدّ المنيع أما هجماتها الغادرة
وما زال صمّام الأمان جنباً الى جنب مع قوات الجيش والشرطة وابناء العشائر العراقية الكريمة ..
ولولا منع المرجعية الدينية العليا من الولاية الثالثة لدخل العراق في دورة جديدة من المعاناة والأزمات .
وجاء التحذير من تقسيم العراق اذا لم يتم الاصلاح ، ليكون الحلقة الجديدة من مسلسل المواقف التاريخية التي كَتَبَتْها المرجعية الدينية العليا بأحرف من نور دفاعاً عن الدين والشعب والوطن .
انّ العلاقة بين الجماهير وبين المرجعية الدينية العليا علاقة تستمد قوتها وأصالتها من قوة الاسلام وأصالته، وان ما تتمتع به المرجعية الدينية العليا من فهم عميق لطبيعة المرحلة وتشابكاتها ، وحكمة وسداد في التقدير والتدبير ، مما يزيد هذه العلاقة رسوخاً …
اننا لنحمد الله العلي القدير على ما أنعم به علينا من وجود هذه المرجعية الرشيدة بيننا، مبتهلين اليه سبحانه ان يصونها ويحميها لتبقى مناراً شامخا ، وموئلا للعز والبركات انه سميع الدعوات .