23 ديسمبر، 2024 5:14 ص

المرجعية وحشدها الوطني

المرجعية وحشدها الوطني

كثيرة هي الهجمات التي تعصف ببلادنا، سواء أكانت داخلية أم خارجية، وفي أغلب الأحيان تأتلف هذه القوى، من أجل إسقاط النظام السياسي القائم، وتعمل على تفكيك التركيبة المجتمعية للبلد، لتتمكن من تطبيق مشروعها السياسي الجديد لبسط سيطرتها على الوطن، وتكون هي من تحكم ليخضع المجتمع لأوامرها، دون أن يستطيع فعل أي شيء .
مؤامرة تسبقها وتلحقها مؤامرات عديدة، وكأن هناك لغزا ما في منطقتنا العربية والإسلامية، فمنذ مئات السنين ولم تعرف هذه المنطقة للإستقرار  أي معنى، حروب وإستعمار وإستقلال وإنقلابات، تتلوها ثورات تنتهي بظهور أحزاب وجماعات تحمل منهجا متطرفا تدعي الإنتماء للإسلام الدين الحنيف، والإسلام بريء منها ومن أفعالها الهمجية التكفيرية، حيث قال تعالى في محكم كتابه العزيز ” ﴿ ﺍﺩْﻉُ ﺇِﻟَﻰٰ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺭَﺑِّﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤِﻜْﻤَﺔِ ﻭَﺍﻟْﻤَﻮْﻋِﻈَﺔِ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔِ ﻭَﺟَﺎﺩِﻟْﻬُﻢ ﺑِﺎﻟَّﺘِﻲ ﻫِﻲَ ﺃَﺣْﺴَﻦُ ﺇِﻥَّ ﺭَﺑَّﻚَ ﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦ ﺿَﻞَّ ﻋَﻦ ﺳَﺒِﻴﻠِﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﺎﻟْﻤُﻬْﺘَﺪِﻳﻦ ﴾ ” .
هذه الفئة إرتكزت وتبنت فتوى لأشخاص منحرفين ، كانوا سببا في تكفير معظم الأمة، ورميها بشتى الأباطيل والتهم والتي لا تستند لأي مسوغ شرعي، فهؤلاء الجهلة برعوا في خدمة سلاطين جبابرة مرتدين، كان لفتواهم تصرف أكياس مملوءة بدنانير من الذهب، أتت من أموال الزكاة وصدقات المسلمين لشرعنة جرائمهم  البشعة، مشوهة أصالة الدين الإسلامي لتخلق تصورا للمجتمع العالمي، على إنه دين دموي يقتات على أكل لحوم البشر .
العراق وبعد غزوه من قبل القوات الأميركية، أنتهى زمن الديكتاتورية التي تسلطت على رقاب الشعب لأكثر من 35 سنة، مارست فيها أبشع الجرائم والتي لم يشهد لها مثيل في تاريخ العالم، ليشهد الوطن بعد التاسع من أبريل لعام 2003، عملية سياسية ديموقراطية، رغم بعض السلبيات حظيت العملية السياسية بقبول جميع المكونات العراقية، لتمضي الأحزاب والتيارات السياسية بالعمل سوية ببناء دولة ذات دستور ونظام .
 لكن قوى الشر العالمي، لم تشأ أن يهنأ العراق وشعبه سني الخير بعد سنوات عجاف طالت أمدها لنصف قرن، فعلى مدى العشرة سنوات الماضية نجحت بزرع جماعات إرهابية، ترمي لقتل الحياة ورسم الحزن على وجه شعبنا السعيد، وكانت ذروتها في العاشر من حزيران للعام المنصرم، حيث تمكن الإرهاب العالمي من لملمة مرتزقته ليحتل لمساحة قدرها ثلث العراق، بعدما وجد عملية سياسية أصبها الوهن والضعف، بسبب الأزمات المفتعلة .
 كان لابد من التصدي لتنظيم داعش التكفيري، الذي أستطاع أن يخلق حالة من الهلع والرعب في قلوب أغلب السياسيين، وقواتنا المسلحة والتي لم تبنى على منهج عقائدي وطني، لتهب الرحمة الإلهية من أحد بيوتات النجف المؤجرة، التي تقادمت مع  مرور الزمن، أجل بعد أن شعرت المرجعية الدينية بفشل الحكومة السابقة بالتصدي لهذا التنظيم الدموي، تصدت لقيادة الشعب بكل حزم، فارضة فتواها الجهادية ليتحمل العراقيين مسؤليتهم الوطنية .
﴿ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﺷْﺘَﺮَﻯ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻭَﺃَﻣْﻮَﺍﻟَﻬُﻢْ ﺑِﺄَﻥَّ ﻟَﻬُﻢُ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔَ ﻳُﻘَﺎﺗِﻠُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻴَﻘْﺘُﻠُﻮﻥَ ﻭَﻳُﻘْﺘَﻠُﻮﻥَ ﻭَﻋْﺪﺍً ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺣَﻘّﺎً ﻓِﻲ ﺍﻟﺘَّﻮْﺭَﺍﺓِ ﻭَﺍﻟْﺈِﻧْﺠِﻴﻞِ ﻭَﺍﻟْﻘُﺮْﺁَﻥِ ﻭَﻣَﻦْ ﺃَﻭْﻓَﻰ ﺑِﻌَﻬْﺪِﻩِ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﺎﺳْﺘَﺒْﺸِﺮُﻭﺍ ﺑِﺒَﻴْﻌِﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺑَﺎﻳَﻌْﺘُﻢْ ﺑِﻪِ ﻭَﺫَﻟِﻚَ ﻫُﻮَ ﺍﻟْﻔَﻮْﺯُ ﺍﻟْﻌَﻈِﻴﻢ ﴾، نعم أنتم أمام مسؤولية تاريخية وشرعية، وليكون دافعكم هو الدفاع عن حرمات العراق، وصيانة المقدسات ودفع الشر عن هذا البلد المظلوم وشعبه الجريح، والمسؤولية تقع على عاتقكم جميعا، ولا تختص بطائفة دون أخرى أو طرف دون آخر، بهذه الفتوى حقنت الدم العراقي من الشمال إلى جنوبه ومن الشرق إلى غربه، لم تميز بين عربي وكوردي وتركماني ولا بين شيعي أو سني أو مسيحي .
 فتوى شحذت النفوس، ليتطوع ما يقارب المليون مقاتل وأكثر تلبية لنداء المرجعية الدينية، فداءا لتراب العراق وشعبه، ولابد لفتوى المرجعية دور في الإعداد لجيش وطني عقائدي، يساعد في بناء دولة عصرية عادلة، فعن ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﻦ ﺧﺮﺑﻮﺫ، ﻗﺎﻝ: ” ﻣﺎ ﺩﺧﻠﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺃﺑﻰ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ ‏( ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ‏) ﻗﻂ ﺇﻻ ﻗﺎﻝ: ” ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ، ﺳﺠﺴﺘﺎﻥ ﺳﺠﺴﺘﺎﻥ ” ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺒﺸﺮﻧﺎ ﺑﺬﻟﻚ، إنه النصر لا محاله وبه سيرجع وطننا العزيز، إلى سابق عهده يخشاه الصديق والعدو، يسهر على راحة شعبه أولا، وشعوب المنطقة المظلومة، ليكون رقما صعبا في معادلات اللعبة في الشرق الأوسط والعالم، ﴿ ﺇِﺫَﺍ ﺟَﺎﺀ ﻧَﺼْﺮُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺍﻟْﻔَﺘْﺢُ، ﻭَﺭَﺃَﻳْﺖَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻳَﺪْﺧُﻠُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺩِﻳﻦِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﻓْﻮَﺍﺟﺎً، ﻓَﺴَﺒِّﺢْ ﺑِﺤَﻤْﺪِ ﺭَﺑِّﻚَ ﻭَﺍﺳْﺘَﻐْﻔِﺮْﻩُ ﺇِﻧَّﻪُ ﻛَﺎﻥَ ﺗَﻮَّﺍﺑﺎ ﴾ .