لو سلطنا الضوء على ما جاء في خطبة المرجعية نجد أنها تسعى لتزويق وتنميق الفتوى الطائفية وإظهارها بأبهى صورة من خلال طرح المغالطات وممارسة أسلوب التضخيم والتزيين وصناعة المكاسب والإنجازات للتغطية على النتائج السلبية الكارثية التي تمخضت عنها الفتوى الطائفية التقاتلية التقسيمية،وهنا كانت لنا عدة وقفات على بعض ما جاء في الخطبة نذكر منها ما يلي:
الوقفة الأولى: ترى المرجعية انه قد آن الأوان للساسة ومن يعمل في مؤسسات الدولة أن يتعلموا من الدروس والعبر التي سطرتها الميليشيات والحشد الشعبي والقوات المسلحة حسب وصفها ، وهنا نتسائل: لماذا آن الأوان في مرحلة الفتوى ولم يحن في السابق؟!، فهل كانت تلك المرحلة علي خير بحيث لا تستدعي إلى التعلم و أخذ العِبَر ؟!، وهل كان الساسة في قمة الأداء والعمل فهم في غنى عن التأسي والدرس؟!، أم انه لا يوجد قدوة وأسوة في المرحلة السابقة؟!، ولماذا لم تدعُ المرجعية الساسة إلى اخذ الدرس من الأنبياء والأئمة، أو من أصحابهم، أو من شهداء الطف ؟!، هل الأسوة والاقتداء مرتبطة ومحتكرة فقط بالميليشيات والحشد الشعبي ( إن كان ثمة موضوع يدعو للتأسي) لأن في ذلك تزويق وتنميق للفتوى الطائفية…
الوقفة الثانية : هل أن اخذ الدرس والتعلم والتأسي الذي دعت إليه المرجعية موجه فقط للساسة، ولا يشمل المرجعية وأبناء المرجعية وصهر المرجعية ووكلاء المرجعية ومعتمدي المرجعية وخطباء المرجعية وحاشية المرجعية في الداخل والخارج في إيران ولندن والسويد وغيرها من البلدان؟!، فلماذا لم ولن نشاهد حضورهم الفعلي الحقيقي في ساحات الجهاد مع الميليشيات والحشد الشعبي والجيش ليشاركوهم في بطولاتهم وتفانيهم على حد تعبير المرجعية؟! أليس هم أصحاب شعار “يا ليتنا كنا معكم” فهذه الشهادة كما صوروها هم، وهذا هو يوم “يا ليتنا كنا معكم” كما روج هم، فأين هم عن هذا؟!.
الوقفة الثالثة: تحدثت المرجعية عن وقوف المقاتلين (جميعا وتلاحمهم الوطني من اجل حماية المقدسات والأرواح!!!) وهنا نتساءل: أي مقدسات تم حمايتها؟! هل هي مراقد الأنبياء والمساجد والجوامع والمزارات والكنائس التي فُّجِّرَت ونُسِفَت؟!، أم الأعراض انتُهِكَت؟!، أم النساء التي تم أسرها وسوقها كالجواري تعرض وتباع في سوق “النخّاسة”؟!، أم العوائل التي هُجِّرَت؟!، أم…؟!،أم…؟!، فأين الحماية التي تتحدث عنها المرجعية؟!.
الوقفة الرابعة: أي تلاحم وطني تتحدث عنه المرجعية، واصل الفتوى ومنبعها وأساسها هو الطائفية والحقن الطائفي؟!، وأي تلاحم تتحدث عنه والخطابات والشعارات والأناشيد والشعر و”الهوسات” والرقص و”الدبج” كلها طائفية، وطائفية بامتياز، وأي تلاحم وطني وكل مليشيا،وكل مجموعة، وكل لواء، وكل كتيبة،وغيرها من مسميات، ترفع راية تختلف عن رايات غيرها، وكل الرايات تعبر عن انتماء طائفي مقيت أو حزبي، بل هناك من حمل صور الخامنائي وسليماني وغيرهم، وأي تلاحم وطني والميليشيات والحشد الشعبي تمارس القتل والتصفية والتهجير والخطف بحق أبناء المكون السني باعتراف المرجعية.
الوقفة الرابعة: أي دعوة للتأسي ونهج عام، واخذ الدرس، من الميليشيات والحشد الشعبي تتحدث عنه المرجعية، وجرائم الميليشيات والحشد الشعبي بحق أهل السنة من قتل وخطف وتهجير وسرقة ممتلكات صار حديث الساعة؟!، وهذا ما تكشف عنه استغاثة وصيحات العوائل، وتقارير ووثائق منظمة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من المنظمات الإنسانية، إضافة إلى المطالبات التي نسمعها عن إلحاق تلك الميليشيات بلائحة المنظمات الإرهابية، كما فعلت دولة الإمارات من إدراج تلك الميليشيات في قائمة المنظمات الإرهابية وكذا ما قامت بها أمريكا (الحليف والصديق والمحرر والولي)من إدراج منظمة بدر على لائحة المجاميع الإرهابية.
الوقفة الخامسة: إن ما يؤكد أن جرائم والمليشيات والحشد الشعبي ليس حالة شاذة أو خاصة كما تحاول المرجعية تصويرها (كي تحافظ على هيبة فتوتها الطائفية) هو أن تلك الجرائم فاحت رائحتها النتنة ووصلت إلى درجة دفعت الرأي العام إلى إدانتها ورفضها واستنكارها والمطالبة بإدراج الميلشيات على لائحة المنظمات الإرهابية، أضف إلى ذلك إن الحالات الشاذة والنادرة يمكن معالجتها والقضاء عليها بسهولة وهذا ما لم يتحقق فما زالت الجرائم ترتكب وترتكب بحق أهل السنة وهذا يثبت أن الجرائم اكبر من وصفها حالة خاصة أو شاذة كما تريد أن تسوقه المرجعية؟!.
الوقفة السادسة: إن حديث المرجعية عن بطولات وتلاحم وطني ودروس وقدوة حققتها الميلشيات ومحاولتها للتقليل من حجم جرائم المليشيات والحشد الشعبي هو لتزويق وتجميل وتنميق فتوى “الجهاد الكفائي” فتوى الطائفية والتحشيد الطائفي والتقاتل ومحاولة إظهارها بأنها الحل والخلاص وصمام الأمان ولولاها لساخت الأرض.
الوقفة السابعة: الآن نجري استقراء سريع لعراق ما بعد الفتوى، فنقول: الفتوى صدرت بعد سقوط الموصل، وبعد أن صدرت الفتوى (والمفترض أنها لحماية العراق والمقدسات والعراقيين حسب ما روجت له المرجعية وإعلامها)، فبعد الفتوى توالت الانكسارات والهزائم والجرائم ، بعد الفتوى سقطت محافظات أخرى ومدن وأقضية ونواحي وقرى وأرياف وأحياء ، بعد الفتوى فُجِّرت مراقد الأنبياء والمزارات والجوامع والمساجد والمتاحف، بعد الفتوى هُجَّر ما يقارب “2 مليون عراقي “، ، بعد الفتوى فتحت الباب على مصراعيه للميليشيات لممارسة الجريمة تحت مظلة الفتوى، بعد الفتوى ارتكبت المجازر بحق إخواننا أهل السنة على يد الميليشيات والحشد الشعبي، بعد الفتوى…، فأين الفتوى؟!، وأين ثمرتها؟!، وأين….
الوقفة الثامنة: إن حديث المرجعية يكشف بكل وضوح عن السلبيات التي أفرزتها الفتوى ومنها جرائم الميلشيات والحشد الشعبي الذي اعترفت بها حتى المرجعية، وهذا يذكرنا بالوصف الدقيق والموضوعي والتشخيص السليم الذي طرحه المرجع الصرخي في ما يتعلق بالفتوى حيث قال سماحته: (…من هنا قلنا ونقول بان الفتوى ولدت ميتة لأنها لم تصدر من الفكر والمنهج والسلوك المناسب ، ولم تصدر في الوقت المناسب ، ولم تصدر في الحدث المناسب ، ولم تكن مُشَخِّصة للتشخيص المناسب…)
https://www.youtube.com/watch?v=sHTP…ature=youtu.be