22 ديسمبر، 2024 9:54 ص

المرجعية والقرآن..!

المرجعية والقرآن..!

اعتاد شيعة العراق على لعب دور المظلوم، ومن العسير انتقال عوامهم منهذا الواقع الى الاندماج كجزء اساسي من المجتمع الدولي. وفضلا عنذلك؛ عادة ما تستخدم القضايا الكبرى من قبل القوى السياسية لخدمةاغراض صغيرة تتعلق بتلك الاحزاب والتيارات السياسية وعلى المستوىالمحلي فقط، وبالتالي تفقد تأثير هذا المكون الاجتماعي عالميا. ناهيك عنكون اغلب الاحزاب الشيعية اذا ما انتمنى او ادعى الانتماء إليها شخصمن غير ابناء جلدتها تبكي فرحا وكأنها اخترعت الحل لأزمة الجفافواعادت هيبة المناخ ورتقت ثقب الاوزون!

آخر مصداق على تلك الظاهرة، هو قيام شخص عراقي بحرق نسخة منالقرآن الكريم في مملكة السويد. هذا الشخص انتمى في عام ٢٠١٤ الىاحد الفصائل التي قاتلت الارهاب، ومن ثم انتمنى في تظاهرات اقتحامالبرلمان الى تيار سياسي معروف.

تظاهرت عليه الجهة التي افتخرت يوما بانتمائه لها، بينما الجهة التيكان محسوبا عليها في عام ٢٠١٤ قالت أنّ هذا المجرم كان معكم فلماذاتتظاهرون عليه؟!.. والحقيقة انّ الرجل قد اخترق الجهتين وكل جهة احتفتبه في مرحلة زمنية معينة، والحقيقة الثانية أنّ التظاهرة لم تكن نصرةللقرآن؛ انما هي تظاهرة سياسية واختبار هدفه معرفة تأثير راعي ذلكالتيار على انصاره، ووفق نتائج الاختبار يكون القرار. ولا تخلو التظاهرةمن رسالة الى الخارج: انا الاكثر تأثيرا واستطيع ضرب مصالحكم في ايوقت اختاره، فعليكم التفاوض معي.

وسط هذا الصخب الذي وجد اصحابه بحادثة حرق القرآن فرصةللاستغلال السياسي؛ وجهت المرجعية العليا في النجف الاشرف رسالةمن سطور قليلة الى الامم المتحدة، وكانت النتائج كبيرة وقوية، اذ رفضالمجتمع الدولي، بما فيه السويد، حادثة الحرق وعدّه فعلا عدوانيا ضدالمسلمين. هذا التأثير المرجعي لم يأتِ صدفة، بل هو نتاج طبيعي لمسيرةحافلة بالمواقف الانسانية الموثقة والداعية الى فرض التعايش السلمي،إبتداءً من منع المرجعية العليا الفتنة في النجف الاشرف ووأدها فيبداياتها ومرورا بالتصدي للحرب الاهلية واخماد نارها، ومن ثم تصديهالدولة الارهاب ودحرها. هذه وغيرها من قائمة المواقف التي وقفها المرجعالاعلى السيد السيستاني، فتحت عهدا جديدا للشيعة يمكّنهم من لعبدور دولي بعيد عن لغة التصعيد والتهديد، فرسالة مكتب المرجع بها مايتفوق على الفعل فضلا عن التلويح به، فالعالم يدرك انّ كلمات قليلة منالسيستاني تجعل العراقيين يقاطعون الغرب، وفي مرحلة يشهد بهاالعراق صعودا، لا يمكن للغرب ان يخطي خطوة واحدة تهدد مصالحه فيالبلاد؛ وهنا يتضح الفرق بين المرجعية التي تدافع عن القرآن من منطلقالقوة والغيرة، وبين من يرفع القرآن للاستثمار السياسي الداخلي.