19 ديسمبر، 2024 4:04 ص

المرجعية .. والشكرجي !

المرجعية .. والشكرجي !

من نافلة القول بأن الإنسان حرٌ فيما يقول ويعتقد، من غير أن يتباهى بأنه يقول كل كذا وكذا، مع إعتقادنا أن ليس كل ما يقال بالضرورة أنه صحيح
جاءت كلمة ” الولاية” في نصوص قرآنية عديدة في عدة معاني منها ﴿-;-إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾-;-(المائدة:55-56) كما أن الأئمة المعصومين تداولوا هذه الكلمة في كثير من المواطن، وهي تعني النصرة والمحبة والسلطة
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “عليه السلام” الإمامة نظام الأمّة” وعن الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا ” عليه السلام” ” أنّا لا نجد فرقة من الفرق، ولا ملّة من الملل، بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس لما لا بد لهم منه في أمر الدين، فلم يجز في حكمة الحكيم: أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد لهم منه، ولا قوام لهم إلا به، فيقاتلون به عدوهم، ويقسمون به فيئهم، ويقيمون به جمعتهم وجماعتهم، ويمنع ظالمهم من مظلومهم” وهذا هو حكم الفطرة والواقع الذي بحاجة الى حاكم، مع الأخذ بعين الإعتبار أن حكومة الفجر مرفوضة في الإسلام بالجملة؛ وهنا يقول الإمام علي بن أبي طالب ” أسد حطوم، خير من سلطان ظلوم”
أما لماذا ينص الله سبحانه وتعالى على مسألة الولاية؟ فهناك جملة من الأسباب نذكرها بشيء من الإيجاز منها: أن الله يريد للإنسان الخير، ولهذا فلابد من أن يكون هناك من يتولى مصالح الناس فيما بينهم وعدم تركها بدون ضابط، وإلا سيختلط “الحابل بالنابل” وستنتهك حرمات بدون وجه حق، الثاني: أن الدنيا محل عمل للآخرة وكل ما يقدمه في دنياه فهو مقدمة لحياة أبدية في الدار الآخرة، الثالث: تأسيسا على الأمرين السابقين فلابد من وجود من يتحكم بحركات الناس ومواقفها.
عن أمير المؤمنين ” عليه السلام” اللهم لا ينبغي أن يكون الوالي على الدماء، والفروج، والمغانم، والأحكام، ومعالم الحلال والحرام، ,إمامة المسلمين (وأمور المؤمنين)؛ البخيل، لان نهمته في جمع الأموال، ولا الجاهل، فيدلهم بجهله على الضلال، ولا الجافي، فينفرهم بجفائه ولا الخائف، فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم، فيذهب بالحقوق، ولا المعطل للسنن، فيؤدي إلى الفجور، ولا الباغي فيدحض الحق، ولا الفاسق، فيشين الشرع” وهو هنا يحدد معالم الولي على المسلمين في بلاد المسلمين
عودا على بدء، فإن السيد ضياء الشكرجي في مقال له على صفحات الحوار المتمدن العدد 4178 بتاريخ 8/8/2013
ردا على مقال نشرته جريدة الشرق الأوسط بعنوان ” أول انتقاد سياسي للمرجعية الشيعية في العراق ومطالبات بالتحقيق”
يتفاخر بأن ” أسجل سبقي في نقد إقحام السياسيين للمرجعية في الشأن السياسي، أو إقحام نفسها هي فيه، وذلك منذ الأيام الأولى بعد التغيير عام 2003، بل كانت مواقفي المعترضة على تبوؤ المرجعية الدينية للولاية والوصاية السياسية قبل ذلك”
فلم نسمع أو نقرأ أن المرجعية الدينية في يوم من الأيام قد نادت بوجوب أن تكون ولاية الفقيه في العراق بأي شكل من الأشكال، ذلك لأن المرجعية بحنكتها وقراءتها للواقع الإجتماعي في العراق تعرف أن مثل هذا الأمر غير مرحب فيه هنا، إلا القلة من الذين كانوا في إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية ممن وقع أسير بأيدي القوات الإيرانية والمهجرين والهاربين من ظلم نظام صدام حسين أنذاك. أما بالنسبة لإيران فالوضع مختلف فهناك سلطة دينية تحكم وليس لإنسان سلطة على الآخرين فيما يتبعونه من تقليد
يسوق السيد الشكرجي مثالين للإعتراض على مواقف المرجعية، الأول للنائب عن دولة القانون ” عزت الشابندر” حيث يقول فيه ” المرجعية الدينية تحاول انتزاع موقع الولاية عن الدولة من خلال استقطاب مشاعر الناس” ونقول متى كانت المرجعية تحاول إنتزاع موقع الولاية عن الدولة، وهي التي دائما ما كانت تنصح الحكومة وسياسييها بضرورة العمل من أجل خير البلاد والعباد، وهم كأن في أذانهم وقراً، وكيف تستقطب المرجعية الناس، والناس لم تزل تركن الى المرجعية في كل شدة تنزل بهم وتلجأ إليها بإعتبارها الأب الحنون، ثم أن الإستقطاب يكون عندما يكون إحتراب بين مجموعتين وهناك مجموعة واقفة على الحياد ويحاول المتحاربين إستمالة الواقف على الحياد الى جانبه، فهل في تصور النائب الشابندر أن هناك حرب ” حتى لو كانت خفية” بين المرجعية الدينية من جهة والحكومة والسياسيين من جهة أخرى!
أما المثال الثاني فهو للنائب عن التحالف الكوردستاني ” فرهاد الأتروشي” مع أنه تنصل من تصريحاته التي نسبت إليه فيقول ” المرجعية هي شيعية دينية، ولا يليق بها أن تتدخل في تفاصيل الشؤون السياسية للدولة، وعليها أن تحتفظ بالخطوط العامة، وهذا أمر غير مقبول ونحن لسنا دولة دينية»، مضيفا أن «المرجعية تأمر ومجلس النواب ينفذ»، معقبا بقوله «نحن دولة مدنية ومجلس النواب هو من يقرر»، ثم ذكر أن «هنالك أحزابا سياسية لا تقبل بهذا الشيء»” وهنا نقول متى قالت المرجعية أنها للشيعة فقط في مواقفها التي تصب في مصلحة المواطن، ثم من قال أن الدين منفصل عن السياسة، إن الذي يقول بأن الدين ليس سياسة جاهلا قطعا، فكيف إذن إستطاع رسول الإسلام محمد ” صلى الله عليه وأله وسلم” أن يدير أمور الأمة في عهده، ألم يبعث برسائل وكتب الى ملوك الفرس والقبط والرومان في بلدانهم يدعوهم فيها للإسلام؟ ألا يعد هذا من السياسة؟ أم أن السياسة التي تعرفونها لا تنطبق على ما فعله محمد بن عبد الله كونه الحق وما يقوم به سياسيوا هذه الأيام هو لعب على الحبال وليس على الحبلين!!
ثم يعرج السيد ” الشكرجي” بالقول ” ففي الانتخابات الأولى للجمعية الوطنية كان هناك إصرار من قبل اللجنة المعينة من المرجعية لفلترة مرشحي الائتلاف العراقي الموحد على شطب إسمي من الترشيح، وكان تعليل هذا الإصرار إن «ضياء الشكرجي مناوئ للمرجعية»، وبعد تهديدي لعلي الأديب بالترشح على قائمة أخرى، سعى من أجل إعادة اسمي إلى قائمة المرشحين، خشية عتاب (الدعاة) لما كنت أتمتع به من مقبولية واحترام في أوساط قواعد الحزب. مع العلم إن عضو لجنة فلترة المرجعية الذي كان وراء المطالبة بإصرار على شطب اسمي كوني مناوئا للمرجعية، كان نائب رئيس الوزراء الحالي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني” ألا ترى فيه تناقض لقولك السابق بأن المرجعية تعدك مناوئا لها فكيف قبلت بك حتى لو كان السيد علي الأديب من تعرض للتهديد من قبلك؟ ثم بماذا هددت الأديب؟ بالتصفية! أم بفضح ملفات لا يعرفها غيرك! الرد برسم السيد علي الأديب!!!!
من المعروف أن الإسلاميين، كما العلمانيين لايتبجح أي منهم بأنه قال كذا وقيل له كذا، وطبيعة كلامك تدل على أنك شخص متلون لا يثبت على موقف، فحري بك أن تكون ثابت على موقف واحد، وأخشى ماأخشاه أن نرى السيد الشكرجي ذات يوم وقد أصبح وهابيا!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات