23 ديسمبر، 2024 9:37 ص

المرجعية موقف تاريخي

المرجعية موقف تاريخي

أنقسم المجتمع بين مؤيد ورافض ومتردد للمشاركة بالانتخابات البرلمانية القادمة .
بينما أتسم مؤيدوا المشاركة بِالأيجابية المفرطة وفي الكثير من الأحيان الخادعة والمضللة. وأتسم رافضوا المشاركة في الانتخابات بالسلبية المفرطة الغير مؤثرة (عملياً) بل قد تصب في (بعض الحالات) لصالح الطرف الآخر دونما قصد ؛ وهي كذلك أتصفت في بعض الأحيان بالتضليل والخطاء (بعمد أو دونما عمد) •
ولكن من الواضح أن تبريرات المؤيدين للمشاركة مبنية على قناعات يمكن أن تصنع أملاً للشعب (قد يكون مبالغاً فيه أو سراباً) لكن هذا الأمل (مهما كان) يمكن أن يكون دافعاً قوياً للمشاركة رغم أنه يمكن أن يتسبب أحباطاً متزايداً إذا فشل في التغيير)!.
وهذا يعني أن القسم الأكبر من المشاركين في الانتخابات هم مخلصي النوايا ولهم دوافعهم الإصلاحية وآمالهم في التغيير .
وبقي الحراك الشعبي حائراً بين رغبات الناس ويأسهم من التغيير وأملهم في الخلاص وعجزهم عن أسقاط الانتخابات التي أتت لهم في المرات الثلاث السابقة بالجهلة الفاشلين أو المحتاليين الفاسدين ! بل والأخطر من كل ذلك إحساس (غالبية) الشعب العراقي أنها ترسخ لعملية برايمر ودستوره ورجالاته وقياداته السياسية التي صنعها هو بمعزل عن مصلحة الشعب العراقي الحقيقية!
وفي ذات الوقت عجز الحراك الشعبي أن يأتي ببدائل عملية يعمل على دعمهم وفوزهم بعد السعي لضمان انتخابات نزيهة !!.
فكان الشعور السائد هو الحيرة والإحباط والعجز عن مواجهة واقع فاشل وفاسد لكنه قوياً إستطاع ان يفرض نفسه على عموم العمل السياسي وعلى الشعب العراقي وعلى الدولة العراقية !.
حتى جاءت فتوى (مرجعية النجف) بصفتها المرجعية (العليا) الجماهيرية المسيطرة على الشارع الديني الشيعي في العراق (فتواها ملزمة) لغالبية شيعة العراق والذين بإمكانهم حسم نتائج الانتخابات والتأثير عليها أفضل من غيرهم (الذين ليست لهم مرجعية سياسية أو دينية أو إجتماعية واحدة ملزمة) •
وأول إشكال على عملية الانتخابات السابقة أنها أفرزت لنا حكومات فاشلة أو فاسدة وبرلمانات عاجزة ومرتشية أو منتفعة لذا أصاب الناس اليأس من التغيير فجاءت فتوى المرجعية العليا في النجف (الملزمة) لتقول لعموم مقلديها (لا تنتخبوا المجربين!)•
وبهذا أسقطت كل المشاركين الفائزين في الانتخابات السابقة والذين فشلوا في مواجهة الفساد والإرهاب وساهموا في إسقاط حصانة الدولة ومرجعيتها القومية! بل ذهبت ابعد من ذلك حينما فسر الناطقين باسمها ( إبتداء من الشيخ عبدالمهدي كربلائي والسيد أحمد الصافي والشيخ رشيد الحسيني وحجة الإسلام والمسلمين السيد حسن الزاملي وصلاح الطفيلي والشيخ شهيد العتابي والشيخ صفاء العلوي والشيخ محمد اللامي والشيخ على الطلقاني ) بل ذهب السيد عبدالمهدي كربلائي إلى تفصيلات ادق وربطت بين القائمة والمرشح وضرورة حسن إختيار القائمة والمرشح معاً وأن الفتوى تشمل (القوائم الفاسدة وإن أحتوت جيدين) ! .
و تعتبر هذه (الفتوى) أهم حراك جماهيري منظم وهادف وإيجابي (عملي) في نقد وتصحيح العملية الانتخابية والتي تهدف بمنتهى الوضوح والصراحة إلى إسقاط الفاسدين وكذلك الفاشلين دون إستثناء وأطلقت العنان لاكبر عملية (تغيير) ممكن أن تحدث على مجمل العملية السياسية منذ الاحتلال (حيث أختار برايمر قادتها الأوائل) وحتى يومنا هذا عبر اتاحة المجال لتغيير غالبية قيادتها (إن لم نقول كل قياداتها القديمة دون إستثناء فهم أما فاسدون أو متسترون على الفساد وراضون به أو فاشلون أو جهلة) وكل أولئك منضوون تحت فتوى المرجعية التي أقصتهم جميعهم دون إستثناء! نظرياً فكم ستنجح بإقصائهم عملياً بتظافر الشعب بكل طوائفهم (كما تظافروا معها في ثورة العشرين)؟.
لكن المرجعية بعد أن أصدرت فتوتها هذه القت المسؤولية على عاتق الشعب العراقي بشكل عام (شيعتهم وسنتهم فمن الغباظ تجريب المجرب الفاشل فضلاً عن الفاسد وذلك مفهوم بالضرورة) وعلى جميع الحراك الشعبي الناشط في العراق ؛ ولكن هذه الفتوى أيضاً أعطت الضوء الأخضر لكل الناقدين للعملية الانتخابية والممانعين للمشاركة فيها للتحرك (الإيجابي) نحو إسقاط رموز الفشل والفساد وتحديدهم بالاسماء والافعال والنتائج ولكن ذلك فعلته المرجعية العليا أبتداء والتي (تركت للناس إختيار البدائل مِن مَن يعتقدون فيهم الصلاح والنجاح والكفاءة والنزاهة) وهذه من أهم مهام الحراك الشعبي وقبلهم النخب الثقافية والعلمية والاجتماعية وهي التهيئة للبديل النزيه الكفوء المراقب من قبل الشعب وتثقيف الناس عن كيفية وطرق التأثير المباشر على نتائج الانتخابات عن طريق السبل الديمقراطية التي تبيحها قوانين الانتخابات وعبر قراءة واعية لأساليب التلاعب والمخادعة الانتخابية التي ستتبعها الكتل الفاسدة وكشف تلك الأساليب و اقتراح وسائل لمعالجتها والرد عليها ؛ وعدم الإكتفاء بفتوى المرجعية العليا لوحدها والتفرج عليها دون مساندتها ودعمها والترويج لمعانيها ومقاصدها أيضاً (أو التعامل السلبي معها) •
ومن الوسائل التي أستخدمتها الكتل الحزبية الفاسدة بالصراع الانتخابي:-
إصطناع (كتل رديفة أو بديلة) قد تحمل شعارات إنتخابية ممكن أن تتناقض مع الكتلة الأم (الصانعة) لغرض كسب الناخبين الذين يرفضون الكتلة الأم والإلتفاف على الفتوى . تحسبا لسقوطها في الانتخابات أو للاستحواذ على الأصوات الرافضة وعدم التفريط بها •
وضع أسماء مرشحين ممتازين ومن ذوي السمعة الجيدة لغرض الايهام باحتواء الكتلة على الكفاءات والنخب النزيهة والمختصة والمتميزة.
ً الإيهام بعبور الكتلة للطائفية (رغم طبيعة الكتلة الطائفية) المرفوضة شعبياً بتنوع الكتلة وإحتوائها على طوائف وأعراق مختلفة وإنها بهذه الأسماء أستطاعت عبور الطائفية •
السعي بكل الوسائل لإختراق (مفوضية الانتخابات) للتلاعب بنتائج الانتخابات أو السعي لتزويرها أو التأثير عليها بوسائل (غير ديمقراطية) أو إرهابية أو إستغلال السلطة أو النفوذ أو القوى المسلحة •
إستغلال القانون الانتخابي لتحقيق أكبر فائدة ممكن والاستحواذ على أكبر عدد من أصوات المرشحين الذين لم يبلغوا العتبة الانتخابية للحصول على مرشحين إضافيين .
إستغلال الفتاوي الدينية (السابقة) والتي كانت تحرض على المشاركة في الانتخابات لصالح كتل محددة•
وسائل تزوير وشراء أصوات وعبر الوعود الغير قانونية والغير نزيهة
لذا فمن أهم واجبات كل الحراك الوطني المخلص هو دراسة وسائل وأساليب وأسلحة الكتل الفاسدة في خوض الصراع الانتخابي وتحليلها و وضع وسائل وأساليب مواجهتها والرد عليها وتثقيف الجماهير بها والاتحاد على أهمية المشاركة في الانتخابات بقصد تحقيق فتوى المرجعية وإسقاط الفاسدين او عزلهم أو إضعافهم ومقدرة الشعب العراقي على التأثير المباشر على النتائج بالطرق القانونية والديمقراطية النزيهة والسلمية وأختيار الخبراء الاكفاء والنزيهين الاقويا الذين يمتلكون المقدرة على التغيير نحو الاحسن والأفضل وتحقيق مصلحة الشعب العراقي والحفاظ على روح الامة وثرواتها .
ولكن هذه الفتوى أيضاً أعطت الضوء الأخضر لكل الناقدين للعملية الانتخابية والممانعين للمشاركة فيها للتحرك (الإيجابي) نحو إسقاط رموز الفشل والفساد وتحديدهم بالاسماء والافعال والنتائج ولكن ذلك فعلته المرجعية العليا أبتداء والتي (تركت للناس إختيار وسائل صناعة هذا الانقلاب الديمقراطي الوطني السياسي الكبير في حياة العراق
وهكذا اعادة المرجعية للعراق إستقلاله من جديد عن أي تبعية لاي دولة أجنبية !!!
على الشعب أن يعي قولة المرجعية وأن ينفذها !!!