لطالما حاولوا إبعاد المرجعية الدينية وحوزتها عن الشارع الشيعي، لما كان يمثل هذا الترابط من علاقة وثيقة إستمرت منذ القدم ولا زالت هذه الحالة العقائدية متماسكة، فأرادوا وبكل وسيلة إنها وفسخ هذه العلاقة الروحية، لكنهم فشلوا وسيفشلون، لأن هذه العلاقة قد أسس أسسها أئمة الهدى من آل محمد (ص) وختمها مهديهم الحجة إبن الحسن (ص) بتوقيعه المقدس إلى سفيره الرابع الشيخ محمد السمري .
ظهرت عديد من المحولات لإبعاد الشيعة عن مرجعيتهم بشكل عام، ولكن في كل محاولة تزداد هذه العلاقة ترابطاً أكثر وتماسكاً غير مسبوق، في حالة لا تخلو من الألطاف الإلهية والعناية التي يبديها صاحب الزمان (عج)، فهم يوهمون الناس إن المرجعية منعزلة وغير مكترثة لهم، وغير مبالية لمشاكلهم ولا تتصدى للمطالبة بحقوقهم، ويرافق هذه الإشاعة التي تستهدف هذا الترابط، إنتشار الأفكار الإلحادية بشكل غير مسبوق، وأيضاً ظهور آراء لفصل الدين عن السياسة، وبشكل أدق فرض المدنية بمفهومها الذي يقيد حركة المتدينين، ولا نغفل عن ظهور حركات ضالة منحرفة عقائدياً وفكرياً، وفي هذا المجال أمثلة كثر لا مجال لذكرها فأهل مكة أدرى يشعابها .
بالأمس القريب خرجت تظاهرات شعبية، في عموم محافظات الوسط والجنوب ذات اللون الشيعي، منددة بتفاقم ظاهرة الفساد المالي والإداري، وتردي واقع الخدمات بشكل سيء وفضيع، ومطالبة بماحكمة المتورطين وإنزال أقسى العقوبات بمن سرق المال العام، وما جرى بعد العاشر من حزيران، فكيف سقطت؟ ومن المسؤول؟ ولماذا؟ وماذا جرى؟، والفوارق الطبيقية الفاشحة التي تمايزت به ثلة من الناس التي أترفت من قوت الشعب دون رادع أو رقيب، كل هذا الذي يجري في وقت لم يمض على عمر الحكومة الإتحادية سوى سنة وعدة أشهر، والقوات المسلحة والحشد الشعبي تخوض معارك الشرف ضد عصابات داعش والبعث المنحل .
هنا نضع علامات إستفهام عديدة، في حين لا أحد ينكر إن التظاهر حق قد كفله الدستور، ومن حق الناس أن تسخط على هذا الواقع المرير الذي يعيشونه، ولكن هل يتذكر الناس إن المرجعية ومنذ سنوات عدة؛ تطالب بهذه المطالب ولا زالت وكانت تقاتل لوحدها من أجل إستحصال الحقوق للناس، في حين إنها طالبتكم وألحت عليكم بالتغيير ولكن لم تغيروا وبسببكم تشكلت حكومة هزيلة ضغيف لا حول لها ولا قوة، تجرها التجاذبات السياسية وكل ما أرادت الحكومة الإصلاح، أصدمت بحيتان ومافيات السياسة التي لا ترغب أن يعيش المواطن بسعادة وإطمئنان .
كانت هناك أيادٍ أرادت أن تفتعل أزمة، داخل المجتمع الشيعي وخرق وحدة الصف التي يعيشها، فالوحدة التي شهدها المذهب بعد فتوى الجهاد المقدسة، أذهلت القريب والبعيد وأفشلت كل المؤمرات التي كانت ولا زالت تريد أن تستهدف المذهب، إذاً أرادوا أن يفتعلوا تركيبة سحرية من أجل إيهام الناس إن المرجعية تخلت عنكم، كما كان يشيعون طيلة تلك الفترة وأنها لم تعد تطالب بحقوقكم، ولكن الألطاف الإلهية ما إنفكت تنزل من السماء على العراق، فالمرجعية أستشعرت ما يجري وسارعت لآحتواء التظاهرات وأن تقودها وأن ستظل بظلها الوارف، وها تنجح بقلب السحر على سحرته بتعويذتها التي رتلتها في صلاة الجمعة لتعلن وتحذر وتفوض وتشجع رئيس مجلس الوزراء لينهض ويقوم يإصلاحات تحقق رغبة المرجعية بالتغيير .
فهي دعوة للتمسك بالمرجعية والإعتصام بها فإنها حبله تعالى المتين، فالتمسك بها سينقذ الناس كثير من الفتن التي قد تضرب العراق وشعبه مستقبلاً كما نججت وأنقذتنا سابقاً منها، ولا ننسى هي التي حمت المذهب ودافعت عنه منذ قرون، فهي قد أنقذت العراق ونأت به عن منعطف الخطر وستتجاوز به من الوقوع في آتون الجحيم لا سامح الرب .