لقد بات التدخل الإيراني في العراق امرأ بديهيا لا يحتاج إلى فكر ونظر فضلا عن برهان واثبات ، ولا يمكن إنكاره حتى أن المحاولات التي عمدت على إنكار هذه الحقيقة باءت بالفشل الذريع ، لتبدأ مرحلة جديدة من التغطية على التدخلات السافرة لإيران بل هيمنتها المطلقة على كل مقدرات بلاد الرافدين عن طريق تسويق مبررات وحجج اوهن من بيت العنكبوت لا تنطلي إلا على من فقد ضميره الوطني ورضي بالتبعية والانقياد لإيران ، ومن ابرز مصاديق التدخل والهيمنة الإيرانية هو تسلط قاسم سليماني على صناعة القرار السياسي والأمني والعسكري وقيادته للميليشيات الطائفية التي تقتل وتهجر وتسرق وتنتهك الأعراض والمقدسات وتمارس أبشع الجرائم تحت غطاء الفتوى الطائفية و الحصانة الحكومية.
بعد أن افتضح أمر قاسم سليماني كان ولابد من إيجاد المبرر لتدخلاته الخبيثة في العراق وهنا انبرى السيد السيستاني لمعالجة هذه الفضيحة وإضفاء بُعداً شرعيا صريحا علنيا على تحركات سليماني يتجلى في جوابه للصحفي (!!!) الذي سأله عن تواجد سليماني فأجاب السيستاني بالقول : ( إن تواجد قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في صفوف القوات العراقية والمتطوعين، “جزء من الجهاد الكفائي ضد تنظيم داعش.وأضاف السيستاني أن تواجد سليماني في ساحة المعركة بالعراق ينطلق من الشعور بالمسؤولية الشرعية، وامتثالا لفتوى الجهاد الكفائي. وتابع : “هناك فرق في كون التدخل في العراق لضمان المصالح العسكرية والاقتصادية، وبين أن يكون دفاعا عن المقدسات”). وهنا كانت لنا عدة وقفات نذكر منها ما يلي:
الوقفة الأولى : إن سليماني موجود ويتدخل في الشأن العراقي قبل صدور الفتوى ، وهنا نتساءل ما هو تفسير السيد السيستاني لتواجد سليماني قبل الفتوى ؟!!!.
الوقفة الثانية : إن مهمة ودور سليماني ليس فقط في الجانب العسكري والأمني بل في الجوانب الأخرى ومنها السياسية وصناعة القرار والتحكم في سير العملية السياسية وما يلازمها ويرتبط بها فهو من يأمر وينهى ويعزل وينصب ويرسم خريطة عمل الحكومة !!!.
الوقفة الثالثة : إن دور سليماني ليس المشاركة في صفوف المقاتلين كما يذكر السيد السيستاني بل القيادة وإصدار الأوامر والتحكم في كل شيء فهو متبوع وليس تابع لأوامر المنظومة العسكرية والأمنية !!!!.
الوقفة الرابعة : المعروف في أدبيات الشيعة أن الجهاد كفائي و عيني ، والعيني واجب على الجميع ، أما الكفائي إذا تصدى له البعض يسقط عن الآخرين ، والفتوى كانت جهاداً كفائياً ، وقد تصدى البعض (الملايين) كما صور إعلام المرجعية وهنا تسقط المسؤولية الشرعية عن سليماني . و لا مبرر لوجوده إلا المسؤولية القومية وحماية المصالح الإيرانية والتدخل العاهر في شؤون العراق والهيمنة عليه .
الوقفة الخامسة : إن جواب السيد السيستاني يكشف عن أن الفتوى إنما صدرت للدفاع عن المقدسات الشيعية ، وليس كما صوروها في البدء على أنها من اجل الدفاع عن كل العراقيين من السنة والشيعة وغيرهم وعن الأنبار والموصل إذ لا توجد هناك مراقد للأئمة عليهم السلام .
الوقفة السادسة : هل أن المسؤولية الشرعية لسليماني هي تأسيس المليشيات الطائفية وقيادتها ودعمها وتوجيهها لتمارس جرائمها من قتل وتهجير وترويع وسرقة وهتك أعراض وتدنيس مقدسات؟!!!، وجواب السيستاني يكشف عن الإمضاء الشرعي من السيستاني للميليشيات وجرائمها !!!.
الوقفة السابعة : لماذا لا يذهب سليماني ويدافع عن القدس المستباح ؟!!!، أليست المسؤولية الشرعية تفرض عليه ذلك ؟!!!.
الوقفة الثامنة : أين كانت الفتوى والمسؤولية الشرعية عن احتلال العراق ، وأين كانت عن معارك كربلاء والنجف قبل سنوات عندما طالت النيران المقدسات هناك ؟!!!.
الوقفة التاسعة : إذا كان ثمة مسؤولية شرعية فأين الرموز الدينية والسياسية وأبناء المرجعيات عن هذه المسؤولية بحيث أن سليماني يأتي من إيران امتثالا للمسؤولية الشرعية في العراق ، ومَن هو في العراق ويعيش على خيرات وثروات العراق يتخلف عنها؟!!!.